لايزال بوسع الصحف التقليدية فعل الكثير، كما تظهر تجارب ومحاولات العديد من المؤسسات العريقة بما في ذلك المجلات، التي كان وصل حال بعضها إلى حافة الهلاك في السنوات القليلة الماضية، فالأسبوع الفائت حمل أخباراً جيدة لواحدة من المجلات العالمية وهي “نيوزويك” بعد تدهور مستمر، كما أظهرت أن صحيفة يومية عريقة مثل “نيويورك تايمز” تتأهب لتطوير جديد يتركز على تجديد ملحقها الخاص بعطلة نهاية الأسبوع، وهو تجديد يكسر بعض قواعدها وتقاليدها المهنية التاريخية. يحق لـ”نيوزويك” ومالكها الجديد وإدارتها أن يتنفسوا الصعداء بعد عام من التدهور المستمر في عدد صفحات الإعلان، حيث توقف ذلك في عددها لشهر يوليو المقبل الأمر الذي اعتبره مراقبون متخصصون مؤشراً على بدء استعادة الثقة بالمجلة، حيث ارتفع عدد صفحات الإعلان في إصدارها للشهر المقبل. بعد تراجع بلغ 31% في صفحات إعلان الربع الأول من هذا العام مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، وفق ما جاء في تقرير لموقع “أدويك” المتخصص في متابعة وسائل الإعلام الأميركية. تعديل الأوضاع في محاولة لتفسير هذا الانحدار ذكر تقرير صحفي أن العديد من “صناع السوق” كانوا ينتظرون ويراقبون ما يجري للمجلة، التي تغيرت ملكيتها مرتين، وعانت من شغور في رئاسة التحرير، وأعادت تصميم شكلها الفني في العام الماضي. وقال إن ناشر ومالك المجلة راي شيلستوسكي تمكن من الحصول على إعلانات من شركات كبرى كانت من زبائن المجلة القدماء مثل “أيه تي أند تي”، وآبل، وكذلك من زبائن جدد يودون خوض غمار الإعلان في المجلة مثل “ديفيد يورمان”، و”بروجوسيف”، و”تويوتا”. وأشار التقرير إلى تأكيد تشيلتويسكي أن مبيعات “نيوزويك” في نقاط البيع ارتفعت بنسبة 25%، وأن فريق عمل المجلة برئاسة تينا براون، سيصل بالمجلة إلى مكانتها المستحقة خلال هذا العام. وكانت “نيوزويك” كشفت مؤخراً أن الاكتتاب في أوامر وقسائم الاشتراك ارتفع بنسبة 25% أيضاً منذ أن أعادت براون تصميم المجلة في مارس الماضي. ويعتبر استقرار صفحات الإعلانات في عدد يوليو مؤشراً على أن الأمور تتحرك في الاتجاه الصحيح، ولكن لا يزال أمام “نيوزويك” طريق طويل لتقطعه، وفي الربع الأول من العام الجاري انخفض عدد صفحات إعلاناتها مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي بنحو 31%. توجهات جديدة في هذه الأثناء كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” عن توجه جديد لديها يقضي بتجديد وإدخال نكهة خفيفة ومسلية لقسمها الخاص بعطلة نهاية الأسبوع، وقد شمل التجديد تبديل اسم “ويك أند ريفيو” إلى “ساندي ريفيو” الذي سيتضمن مواد تسلية مثل الفوازير الأسبوعية في صفحته الثانية، والذي عقدت الصحيفة لأجله شراكة خاصة مع قسم الألعاب في راديو “أن بي آر” حتى تكون فوازيرها مبتكرة ومتجددة. في هذا السياق، قال أندرو روزنتال أحد المسؤولين في الصحيفة “نريد الاستعانة بأحد يتمتع بشهرة في إنتاج الأشياء المسلية”. وأعلنت الصحيفة عن هذا التوجه في “فطور صحفي”، سبق ظهور الملحق بحلته الجديدة يوم الأحد الماضي بثلاثة أيام، وتحدث فيه المسؤولون عن “سانداي ريفيو”، مركزين على هدف تزويد القراء ببعض الفكاهة التسلية. وتبيع الصحيفة نحو مليون نسخة يومياً، وهي في طور تسريع حضورها على “الويب” مع نحو 31 مليون زائر خاص شهرياً. كما تضم الصفحة الثانية من الملحق عموداً بقلم فرانك بروني الناقد السابق لشؤون المطاعم في مجلة “التايمز”، الذي التحق حديثاً بالصحيفة. أما الصفحة الأخيرة من الملحق فستتميز برسم فكاهي من النوع السياسي، وهو أمر كان يعتبر علامة خاصة بمجلة “تايمز” فيما كانت “نيويورك تايمز” تقاوم نشر الرسوم السياسية حتى الآن. وقد برر روزنتال هذا الخيار بأن “الأشياء المصورة تنحو للتغلب على الكلمات وتصبح نقطة مركزية تجذب اهتمام القراء”، بينما قال تريش هول من المسؤولين عن تحرير مقالات الرأي أن هذه الرسوم ستكون “ذكية”. وستمزج “سانداي ريفيو” أنواعاً مختلفة من المحتويات الصحفية متيحة تحاليل إخبارية وكتابات رأي. لكن الملحق بصيغته الجديدة سيتجنب تكرار المواضيع نفسها التي تغطيها صفحات الرأي والمقالات الأسبوعية في الصفحات الأخرى من عدد الصحيفة في عطلة نهاية الأسبوع، حيث أشار هول إلى أن القراء يعتقدون بأن هناك خطأ ما، عندما يجدون إثارة للمواضيع نفسها في أكثر من قسم. أما غلاف الملحق أو القسم فسيتميز بقطعة واسعة أو اثنتين لم يكشف روزنتال عمن سيكتبهما. أول رئيسة تحرير في تاريخ «نيويورك تايمز» يأتي هذا التجديد غداة إعلان “نيويورك تايمز” مطلع هذا الشهر عن تعيين جيل ابرامسون في رئاسة تحريرها لتكون أول امرأة تتسلم هذا المنصب في هذه الصحيفة منذ تأسيسها قبل 160 عاماً. لكن ابرامسون لن تتسلم مهامها رسمياً إلا في سبتمبر المقبل، وقد لاقى هذا التعيين ترحيباً واسعاً بوصفه تعزيزاً للنساء في مجال مازال يهيمن عليه الرجال في إدارته العليا بشكل كثيف. ووصفت ابرامسون تعيينها بأنه مثل “الصعود إلى الجنة”. ويتوقع مراقبون أن تأتي ابرامسون بالكثير من الأفكار الجديدة التي ستساعد الصحيفة العريقة على الاحتفاظ بمكانتها أو تطوير انتشارها في عصر تشهد فيه الصحافة المكتوبة العديد من المصاعب والتحديات، التي تكبر كلما كانت المؤسسة الصحفية التقليدية ذات مستوى رفيع، وتتمتع بتأثير بالغ على جميع المستويات مثلما هو حال “السيدة الرمادية”، وهو اللقب الذي يطلقه الأميركيون على “نيويورك تايمز” للدلالة على عتقها ومكانتها المميزة.