تحاول شركات الطيران العالمية مواجهة ارتفاع أسعار النفط الأخيرة التي قضت على النجاحات في خفض التكاليف والسعة وعلى تطويرات الكفاءة التي حققتها هذه الشركات إبان الأزمة. وتراجع تفاؤل مدراء القطاع، الذي نتج عن بوادر التعافي القوية في أواخر 2010، إثر الزيادة في تكاليف النفط. وحذر جيوفاني بيسيجناني مدير الهيئة التجارية للطيران من أن شركات الطيران “لا تملك الكثير الذي يمكن أن تدافع به ضد الصدمات المستقبلية”. وخفض “الاتحاد العالمي للنقل الجوي” (آياتا)، الذي يضم نحو 230 عضواً، إجمالي أرباح القطاع في 2011 لأكثر من النصف من 8,6 مليار دولار إلى 4 مليارات دولار، وذلك مقارنة مع أرباح قدرها 18 مليار دولار في 2010 كواحدة من السنوات القليلة المربحة خلال العقد الماضي. ولا تختلف الصورة كثيراً في قطاع الدفاع الجوي الذي يواجه عملاؤه الضغوطات عندما عمدت الدول الغربية بما فيها أميركا لخفض إنفاقه في محاولة لموازنة الميزانيات التي أثقلتها البرامج الإسعافية خلال الأزمة المالية. لكن وبينما يواجه مدراء القطاع صعوبة القرارات التي تتخذها حكومات العملاء في بعض البرامج الكبيرة للأسلحة، تستمر الشركات الكبيرة في قطاع الطيران المدني مثل “بوينج” و”إيرباص” في تسليم طلبيات الطائرات بأرقام قياسية إبان الأزمة التي بلغ إجماليها نحو 972 طائرة في العام الماضي. وسجلت شركات الطيران الإقليمية والتجارية سنة أخرى من التراجع بالرغم من تفاؤلها بالمستقبل، بينما من المتوقع أن يستمر قطاع الطيران الذي حقق نمواً سنوياً بمتوسط 5% منذ العام 1980، في تفوقه على نمو الاقتصاد العالمي خلال العقدين المقبلين. ويقول دامين لاساو مدير مجموعة “أكسنتيور” الاستشارية للطيران والدفاع الجوي “تركز شركات الطيران على نمو الحركة الجوية وليس على الربحية قصيرة المدى للشركات. والحركة الجوية هي المحرك الفعلي للقطاع الذي تعني زيادته زيادة الطلب على الطائرات”. وتعكف كل من “بوينج” و”إيرباص” على زيادة معدل الإنتاج لمقابلة الطلب المتزايد على الطائرات الصغيرة والكبيرة خلال السنوات القليلة القادمة. ومن المتوقع أن تنعكس زيادة الإنتاج على الزيادة في تسليم الطائرات التجارية التي تجاوز عددها 1,000 وُحدة لأول مرة هذا العام. ولا تخلو زيادة الإنتاج هذه من المخاطر، حيث وبزيادة الإنتاج لما بين 30 إلى 50% خلال الثلاث سنوات المقبلة، فإن سلسلة الوارد التي تأثرت بشدة خلال فترة الركود الاقتصادي ستجد معاناة كبيرة في مجاراة ذلك. وبالمقارنة مع قطاع الطيران التجاري، فإن مستقبل الشركات العاملة في قطاع الدفاع الجوي أقل وضوحاً. وأن الشعور بالراحة للقرارات التي صدرت بخصوص عدد من المشاريع المؤجلة، طغى عليه شعور آخر بعدم الراحة للزيادة في خفض إنفاق القطاع. وتم في العام الحالي تأمين مستقبل طائرة النقل العسكرية “A400M” عندما وافقت فرنسا وسبع دول أوروبية أخرى على صفقة للبدء في إنتاج الطائرة. وانخفض المبلغ الأساسي من 20 مليار يورو إلى 11 ملياراً، كما انقضت أربع سنوات من المداولات بين “إيرباص” والدول الممولة حول المواصفات والأموال المخصصة وتكاليف التطوير. وخسرت شركة “أيدس” الشركة الأم لـ”إيرباص” صفقة طائرة “KC-X” لتحل محل أسطول الطائرات الأميركية القديمة الخاصة بتزويد الوقود في الجو، لصالح “بوينج” التي فازت بالعقد البالغة قيمته 35 مليار دولار. وآثار العقد الذي ربما تبلغ قيمته الإجمالية 100 مليار دولار بإضافة الطلبيات اللاحقة، غضب “إيدس” التي فازت بالعقد في وقت من الأوقات. كما أن اهتمام أميركا بحماية الخبرات العسكرية ومنح العقود المتعلقة بها للشركات المحلية لا يصب دائماً في مصلحتها، حيث انعكس ذلك في منح صفقة 126 طائرة حربية بنحو 11 مليار دولار لإحدى الشركات الهندية. وأشار خبراء قطاع الدفاع الجوي إلى أن القيود الأميركية المفروضة على استخدام ونقل التقنية الأميركية سيحد من معدل منح الصفقات الأميركية مما يدفع بالشركات المحلية للمطالبة بتسهيل هذه الإجراءات نسبة لتراجع وتيرة الإنفاق في أميركا. وينعكس تقليص الميزانية بوضوح في بريطانيا التي شهدت إلغاء برنامج طائرة الاستطلاع “نمرود “MRA4 بالإضافة إلى الإعلان عن وقف العمل الذي يجري حالياً في حاملات الطائرات الجديدة أو بيعها. ومن المرجح أن تلجأ أميركا إلى تقليص ميزانية دفاعها أيضاً الأكبر في العالم عند 690 مليار دولار في العام الماضي. وكجزء من برنامج الخفض الذي من المتوقع أن يصل إلى 78 مليار دولار خلال خمس سنوات، أعلن البنتاجون عن إجراء تغييرات على المقاتلة “F35” التي يجري تصنيعها الآن. وتخضع النسخة المؤجلة والتي تتميز بمقدرة الإقلاع الرأسي للمراقبة الآن، وفي حالة الفشل في حل المشاكل الفنية خلال عامين، سيتم إلغاء البرنامج. نقلاً عن: فاينانشيال تايمز ترجمة: حسونة الطيب