عبير زيتون (دبي)
كسر الزمن بوصلته، مساء أمس، واعتلى ذاكرة الماضي الجميل في سفره على حواس الذاكرة، في تدفقها العاطفي والوجداني مع حكايات المكان الأليف كما جاء في كتاب «الفريج» للكاتب إبراهيم بوملحة، مستشار صاحب السمو حاكم دبي للشؤون الإنسانية والثقافية، نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية، وقد كان موضوع نقاش ندوة الثقافة والعلوم، مساء أمس الأول، في مقرها بدبي.
حضر الجلسة كل من سعيد محمد الرقباني، المستشار الخاص لصاحب السمو حاكم الفجيرة، رئيس مجلس أمناء جامعة الفجيرة، وعبد الله محمد غباش، المدير العام لجهاز الرقابة المالية، وعبدالغفار حسين، وجمال الغرير، وبلال البدور، رئيس مجلس الإدارة، وعلي عبيد الهاملي، نائب رئيس مجلس الإدارة، والدكتور صلاح القاسم وعائشة سلطان، أعضاء مجلس الإدارة، والدكتور سعيد حارب، والدكتورة حصة لوتاه، وجمع غفير من الحضور والمهتمين.
وعلى إيقاع الفيلم الوثائقي: «شعب يرتوي ماءً وحباً وكرامة»، بدأت الجلسة بكلمة للدكتورة رفيعة غباش، رئيسة متحف المرأة التي تحدثت فيها عن جمال الذاكرة، وهي تبحر في ذاكرة دبي وفرجانها، مع كتاب بو ملحة «من ناحية قدرته على التقاط الكثير من التفاصيل الدقيقة عن المكان والتي قد لا تسترعي انتباه الكثيرين في الزمن الراهن، مع توخيه دقة الوصف، والتصوير، والمعلومة المقرونة ليس فقط بالرواية الشفهية، بل بالصور الفوتوغرافية والأشعار الشعبية النابضة من ذاكرة المكان ذاته»، مؤكدة أن ذاكرة المكان في كتاب الفريج «لم تكتب باليد، بل كتبت بعيون القلب، ومشاعر الروح».
وتداعت المعاني الجمالية الكامنة وراء ذاكرة «الفريج» عبر حديث إبراهيم بوملحة في الجلسة، عن القيم الروحية، والمعنوية المختزنة في ذاكرة كل إماراتي عاش في «الفريج»، «الذي شكل عتبة أساسية في تكوين الكثير من أعراف المجتمع الإماراتي، وقيمه المعروفة في المحبة، والتكافل، والإخلاص، والتآزر مع الآخر، وهي قيم سامية، رأى أهمية ترسيخها في نفوس الأجيال القادمة، من خلال مناهج التعليم وجهود الكُتاب والباحثين والمثقفين».
وعبّر بوملحة عن حزنه العفوي لاندثار الكثير من الفرجان في الإمارات اليوم، بحيث لم يبق سوى «فريج البستكية» رغم أهمية الفرجان للتواصل بين الأجيال، وربطهم بماضيهم، مشيراً إلى حرص الدولة، وسعيها الحثيث لإحياء المناطق القديمة، حفظاً للإرث والتاريخ الوطني، لافتاً إلى أن «الانتقال نقلة نوعية سريعة من الماضي إلى حياة غاية في العصرنة. هو جيد من ناحية التطور، ولكنه كان قاصماً حاداً بين القديم والحديث»، منوهاً بأن ما دفعه لتأليف الكتاب «ترك ذاكرة مكتوبة عن الماضي، لتكون في متناول الأجيال الحاضرة».
وبعد توقفه عند بعض الشخصيات المؤثرة في «الفريج» مثل: أحمد ومحمد بن دلموك، والمعالجة آمنة، والمطوعة، وغيرهم، ناشد جميع المهتمين، والباحثين، لتوثيق وتسجيل ذكريات المكان، للوقوف على مظاهر الحياة في مختلف مناطق الدولة حفظاً للتاريخ، والتراث، خاصة أن «الفريج» يعتبر وحدة اجتماعية قائمة بذاتها، وتؤدي دوراً إيجابياً، وتسهم مساهمة فاعلة في تنمية العلاقات الاجتماعية في المجتمع بما كانت تتسم به من ترابط أسري، ومجتمعي رفيع.