الهند تسارع إلى تأمين احتياجاتها من الفحم
يتعاظم دور الشركات الهندية في سباق تأمين مناجم الفحم في أنحاء مختلفة من العالم، تمتد من حزام مناجم كوينزلاند إلى كاليمنتان الشرقية بإندونيسيا.
ففي العام الماضي، تمكنت شركات هندية من تجاوز نظيراتها الصينية والكورية واليابانية لتصبح أكبر مشترٍ آسيوي لمناجم فحم خارج القارة الآسيوية.
تتبع هذه الشركات الهندية نهج نظيراتها الأميركية في السعي، إما إلى زيادة انفتاحها على الفحم في وقت ارتفاع أسعاره، أو تأمين إمداداته لصناعات مهمة مثل صناعة الحديد والصلب.
ونظراً لعدم تمكن العديد من الشركات الهندية من ضمان الوصول إلى مصادر داخل الهند بسبب البيروقراطية والفساد والمعوقات اللوجستية والبيئية، فقد لجأت تلك الشركات بكل همة ونشاط إلى شراء حقوق امتياز استغلال مناجم في إندونيسيا وأستراليا.
وأبرمت الهند عقوداً بلغ حجمها 2,4 مليار دولار من إجمالي عقود عالمية بلغ 16 مليار دولار العام الماضي، بحسب مؤسسة وود ماكنزي الاستشارية. وأفاد اتحاد الفحم الإندونيسي بأنه يتوقع أن الهند ستتجاوز اليابان لتصبح أكبر مشترٍ فحم من إندونيسيا.
وقال جيرو فاروجيو رئيس بحوث إمدادات الفحم في وود ماكنزي: “ترتبط حالياً جميع المناجم الرئيسية في السوق تقريباً بشركة هندية. ويعتبر هذا توجهاً جديداً بعد أن اعتاد اليابانيون والكوريون الهيمنة على هذا المجال”.
وتعكف شركات مثل تاتا ستيل وإيسار التي اشترت العام الماضي شركة ترينيتي كول الأميركية على شراء مناجم خارج الهند لسنوات. غير أن جيلاً جديداً من الشركات الهندية بدأ يظهر على الساحة.
وقال راجا جوبال رئيس أسواق الأوراق المالية لجنوب وجنوب شرق آسيا في بنك ستاندرد تشارترد إنه في الوقت الذي كانت فيه العقود الصينية تبرمها في المقام الأول شركات مملوكة للحكومة مدعومة بتمويل حكومي في السنوات القليلة الماضية، يجيء مقدمو عروض هنود في الآونة الأخيرة من القطاع الخاص وكثيراً ما تكون من شركات تقوم بتطوير منشآت طاقة.
يذكر أن شركة أداني أكبر مستورد فحم في الهند اشترت العام الماضي مناجم فحم من لينك إينرجي الأسترالية مقابل 500 مليون دولار أسترالي (537 مليون دولار أميركي) نقداً، زائد دولارين لكل طن على شكل ضريبة إنتاج.
وفي شهر مايو اتفقت أداني على شراء ميناء فحم ابوت بوينت في كوينزلاند مقابل 1,98 مليار دولار.
كما تعتبر شركة لانو إنفراتك الهندية المتخصصة في الطاقة والتي اشترت عام 2010 حقولاً من شركة جريفن كول الأسترالية ضمن عدد من مقدمي العروض الهنود المتطلعين إلى شراء شركة فحم بريمير كول الأسترالية من مجموعة ويستفارمرز.
كما تجرى “جي في كيه” المجموعة الهندية العاملة في مجال طاقة الكهرباء والبنى الأساسية مفاوضات مع شركة هانكوك بروسبكتنج لشراء اثنين من مناجم فحم كوينزلاند.
غير أن تعطش الشركات الهندية لموارد يعني أنها في بعض الأحوال تدفع أسعاراً أعلى في شراء حقوق امتياز.
إلى ذلك، قال فرانك هانكوك المدير في باركليز كابيتال إنه في الوقت الذي تدرك فيه شركات كبرى مثل ريلاينس اندستريز وتاتا طريقة التفاوض على إبرام عقود استحواذ دولية، تفتقر بعض الشركات الجديدة إلى الإلمام بآليات السوق الدولية. وقال هانكوك إن هناك عقلية التهافت والاندفاع لدى بعض الجيل الجديد من الشركات الهندية التي تسارع إلى الشراء دون دراسة السعر.
وقال أحد المصرفيين المتابع لعقد بيع هانكوك بروسبكتينج “إنه يخشى أن تدفع جي في كيه مبلغاً يفوق القدر المعقول، وربما تقلل من قدر التحديات اللوجستية التي تواجه تطوير مناجم الفحم في منطقة جاليلي النائية في كوينزلاند”. ويضيف أن “احتياطيات الفحم غير مطورة وتبعد نحو 500 كيلومتر عن الساحل، لذا فإنه من الصعب على أي جهة توصيل ذلك الفحم إلى السوق حتى لجهة مثل بي اتش بي إحدى الشركات المحلية الكبرى. وبالنظر إلى أن جي في كيه شركة صغيرة إذا كيف لها أن تخوض في هكذا مجازفة”.
وقال مايكل روش رئيس تنفيذي هيئة موارد كوينزلاند إنه خلال السنوات الخمس الفائتة ظهرت شركات هندية كعميل متزايد الأهمية لفحم كوينزلاند. غير أنه قال إن الشركات الهندية تستهدف مشروعات بكر وواعدة.
وقال راجا جوبال إنه ينبغي عدم تقليل قدر الشركات الحكومية الهندية مثل كول انديا و او ان جي سي اللتين لديهما مرونة كبيرة تمكنهما من اتخاذ القرارات السليمة في هذا الشأن.
وقد خصصت شركة كول انديا الحكومية أكبر منتج فحم في العالم 60 مليار روبية هندية (1,3 مليار دولار) هذا العام لتمويل عمليات استحواذ. فهي تسعى إلى إبرام صفقات في كل من أستراليا والولايات المتحدة وإندونيسيا ينتظر أن تضيف 50 إلى 150 مليون طن من احتياطيات الفحم في وقت تسعى فيه الهند إلى تلبية احتياجاتها من الفحم.
ويتشكك محللون في مدى قدرة كول انديا على النجاح، حيث يروا أنه على الرغم من طموحها وتوفر المال اللازم لديها، إلا أنها مثلها مثل بقية الشركات الحكومية الهندية تعيبها البيروقراطية.
نقلاً عن: فاينانشيال تايمز
ترجمة: عماد الدين زكي