قروض إسكان المواطنين تدعم قطاعي المقاولات والاستشارات الهندسية
سيد الحجار (أبوظبي) ـ أكد مقاولون واستشاريون هندسيون في أبوظبي، أن صرف دفعة جديدة من قروض الإسكان للمواطنين، لنحو ألفي مواطن بقيمة 4 مليارات درهم، يسهم في دعم قطاع البناء والتشييد في الإمارة، لاسيما خلال هذه الفترة التي يعاني فيها القطاع من تباطؤ ملحوظ في النشاط.
وقالوا لـ “الاتحاد”، إن التأثير الإيجابي للقرار لا يقتصر فقط على شركات المقاولات ومكاتب الاستشارات الهندسية، بل يمتد إلى العديد من القطاعات الأخرى، مثل تجارة مواد البناء ومختبرات فحص التربة والنقل والشحن، بجانب قطاع التصاميم الداخلية والتجهيزات والديكورات، فضلا عن تجارة الأثاث والمفروشات، وهو ما يعني انتعاش أغلب القطاعات الاقتصادية في أبوظبي. وتوقع خبراء أن تشهد الفترة المقبلة انتعاشا ملحوظا في قطاع البناء والتشييد مع توالي اعتماد دفعات قروض إسكان المواطنين.
وقالوا إن كثيراً من الشركات تركز حالياً على تنفيذ مساكن المواطنين الخاصة، نظراً لتميز هذه المشاريع بتوافر السيولة، موضحين أن الفترة الحالية تشهد نمواً ملحوظاً في نشاط شركات المقاولات الصغيرة، والتي تعمل في تنفيذ المساكن.
وأوضحوا أن الشركات الصغيرة واجهت خلال الفترة الأخيرة منافسة من شركات مقاولات كبرى تتسابق لتنفيذ مشاريع إسكان المواطنين، لاسيما بعد تراجع حجم نشاط البناء عقب تراجع حجم الإعلان عن تطوير مشروعات عقارية جديدة بعد الأزمة المالية.
وقال المهندس حسن يوسف مدير عام شركة الرمز للمقاولات، إن صرف دفعة جديدة من قروض الإسكان، سيسهم في انتعاش قطاع المقاولات، لاسيما في شركات المقاولات الصغيرة والمتوسطة، فضلاً عن بعض الشركات الكبيرة التي تنفذ هذه المشاريع عبر إسنادها لشركات صغيرة من الباطن.
وأضاف أن شركات المقاولات تعاني من نقص واضح في حجم أعمالها مقارنة بفترة الطفرة العقارية قبل نحو 3 سنوات، وبالتالي فإن جميعها تترقب طرح أي مناقصات جديدة تساعدها في الخروج من أزمة الركود الحالية.
وأكد أن قطاع البناء والتشييد عانى خلال الفترة الأخيرة نقصاً في الأعمال، موضحاً أن السوق يشهد تسابق عشرات الشركات للفوز بأي مناقصة يتم طرحها، لاسيما المناقصات الحكومية.
وأوضح يوسف أن شركات المقاولات تعاني كذلك من تأخر سداد العملاء للدفعات المستحقة عليهم، في حين يكون سداد الدفعات المستحقة على العملاء المستفيدين من قروض إسكان المواطنين في المواعيد المحددة والمرتبطة غالبا بنسب الإنجاز.
وتوقع يوسف أن يصب القرار في المقام الأول في مصلحة الشركات الصغيرة، التي تتنافس على تنفيذ هذه المشاريع، موضحاً أن هذه الشركات تضم نسبة كبيرة من العمالة، فضلاً عن زيادة أعداد الشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة في السوق.
وأضاف أن العمل بمشاريع إسكان المواطنين الخاصة يحقق أرباحاً جيدة، فضلاً عن توافر السيولة التي يتم سدادها عبر بنك الخليج الأول.
ترقب في القطاع
من جانبه، أكد المهندس زياد دهبور مدير الإنتاج في مصنع شركة المربع للخرسانة سابقة التجهيز “البريكاست”، أن سوق المقاولات في أبوظبي يترقب صرف الدفعات الخاصة بمساكن المواطنين، والتي تسهم بشكل مباشر في انتعاش القطاع، لاسيما خلال هذه الفترة من الركود الصيفي الاعتيادي.
وأشار إلى تعدد القطاعات الاقتصادية التي ستستفيد من القرار، موضحا أن الأشهر الثلاثة المقبلة ستشهد نشاطا في أعمال مكاتب الاستشارات الهندسية، حيث تبدأ مرحلة اعتماد المخططات واستخراج التراخيص اللازمة من البلدية والجهات المختصة، ليشمل النشاط بعد ذلك شركات فحص التربة والمختبرات تزامنا مع مرحلة فحوصات التربة.
وأوضح أن الفترة اللاحقة ستشهد انتعاشا في شركات المقاولات التي تباشر أعمال البناء والتشييد، فضلا عن قطاع توريد مواد البناء، لتأتي بعد ذلك استفادة قطاع التصاميم الداخلية والتجهيزات، ثم التأثيث.
وأوضح أن مصنع شركته استقبل خلال الفترة الأخيرة العديد من طلبات المواطنين الراغبين في بناء الفلل، متوقعا أن تشهد الفترة المقلبة انتعاشاً في سوق المباني سابقة التجهيز، في ظل تفضيل كثير من المواطنين لهذا النوع من البناء، لاسيما في ظل انتعاش معدلات منح القروض السكنية لهم. وقال محمد الأمير مدير المشاريع في شركة رادات للاستشارات الهندسية، إن الطلب على تصاميم الفلل السكنية ارتفع بنحو 50% خلال العام الحالي، مقارنة بالعام الماضي، مرجعاً ذلك إلى اعتماد دفعات جديدة من قروض إسكان المواطنين.
وأضاف أن سوق الفلل السكنية شهد خلال العامين الماضيين حالة من الركود، إلا أن قروض إسكان المواطنين أسهمت في عودة الانتعاش إليه، ما أدى إلى تعويض جزء من الخسائر التي تحملها العاملون في القطاع بعد الأزمة المالية العالمية.
وأوضح أن المكاتب الاستشارية تلعب دور الوسيط بين الملاك والمقاولين، فضلاً عن التعامل مع البنوك الممولة للقروض.
وأضاف أن الشركات الوطنية المتوسطة والصغيرة عانت خلال العامين الماضين من عدم وجود مشاريع سكنية تؤهلها للبقاء في السوق، ما دفع بعضها للخروج منه، موضحاً أن مشاريع الفلل السكنية الجديدة ستنعش الشركات الوطنية المتوسطة والصغيرة.
وبلغ إجمالي عدد شركات المقاولات العاملة في إمارة أبوظبي حتى نهاية الربع الأول من العام الحالي، نحو 9959 شركة، منها 1936 شركة مصنفة وفعالة، و8023 غير مصنفة، بحسب مؤشر دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي الصادر مؤخرا.
وأضح المؤشر أن عدد شركات المقاولات المصنفة حسب النظام الحديث بلغ 475 شركة، إضافة إلى 1461 شركة مصنفة حسب النظام القديم.
وبدأ مكتب تصنيف المقاولين والاستشاريين وقيد المهندسين بدائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي تطبيق نظامين جديدين لتصنيف شركات المقاولات ومكاتب الاستشارات الهندسية، على مستوى الإمارة ابتداء من نوفمبر 2010.
وبلغ إجمالي عدد مكاتب الاستشارات الهندسية المسجلة والمصنفة والفعالة منذ تطبيق النظام الجديد 695 مكتبا.
وأكدت الدائرة أن المعدل المرتفع لعدد شركات المقاولات ومكاتب الاستشارات الهندسية المصنفة والمسجلة في أبوظبي، حتى نهاية الربع الأول من العام الجاري مقارنة مع نهاية العام 2011، يشكل دليلا على ارتفاع مؤشر النمو الاقتصادي في الإمارة، ومدى توفر المناخ الاقتصادي السليم، ما يعكس مدى نجاح حكومة أبوظبي في استقطاب الشركات والاستثمارات.
أنشطة اقتصادية
من جانبه، قال إلياس عبده رئيس مجلس إدارة شركة ويبكو للمقاولات، إن صرف دفعة جديدة من قروض إسكان المواطنين، سيؤثر إيجابا على قطاع المقاولات، وسيسهم في تحريك عجلة الاقتصاد بوجه عام، في ظل ارتباط قطاعات عديدة بنشاط المقاولات.
وأوضح أن نشاط شركات المقاولات سيقود انتعاش نشاط قطاعات أخرى مثل النقل والشحن والمحروقات، فضلاً عن مصانع مواد البناء من إسمنت وحديد وأخشاب وسيراميك وطابوق، بخلاف تجار مواد البناء في الإمارات المختلفة.
وارتفع الحد الأعلى لسقف قرض السكن الخاص بالمواطنين في إمارة أبوظبي من 1.2 مليون درهم تسدد على 30 عاماً منذ عام 2000، إلى مليوني درهم، تسدد على 30 عاماً، وفق القانون رقم 9 لسنة 2008. وأتاح القانون الحق لمواطني الإمارة في شراء مسكن ممول بقرض من هيئة قروض المساكن الخاصة بالمواطنين في الإمارة، بشرط عدم التصرف فيها بأي نوع من التصرفات الناقلة للملكية إلا بعد سداد قيمة القرض.
ورحب عبده باهتمام المجلس التنفيذي في أبوظبي بمناقشة تقليل الوقت المستغرق للقيام بإجراءات استصدار تراخيص البناء، موضحا أن ذلك يسهم بشكل إيجابي في تسريع وتيرة إنجاز الأعمال الإنشائية.
يشار إلى أن دائرة الشؤون البلدية والبلديات الثلاث في إمارة أبوظبي تعمل على تذليل العقبات التي تواجه المتقدمين للحصول على رخص البناء، خاصة فيما يتعلق بالوقت الذي تستغرقه متابعة الطلبات، حيث تم وضع خطة لخفض متوسط المدة الزمنية الإجمالية لإصدار تراخيص البناء من 55 يوماً إلى 30 يوماً. وتشتمل الخطة على توقيع اتفاقيات تفاهم بين البلديات والجهات الحكومية المعنية وذلك بهدف إنجاز المعاملات في المدة المحددة، حيث ستقوم البلديات بالتنسيق مع الجهات المعنية بإصدار شهادات عدم الممانعة بالنيابة عن العميل، والذي كان يقوم سابقاً بمراجعة هذه الجهات لإصدار الشهادات.