دور السينما تتقدم وسائل الترفيه والألعاب الإلكترونية التي تشهد عزوفاً موسمياً
مع انتهاء فصل الصيف بما فيه من مرح واستمتاع بالأوقات بشتى الطرق والوسائل، يحل فصل الشتاء وما يلازمه من جِد والتزام، وهو ما عبر عنه عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين في عنوان لواحد من أهم مؤلفاته “من لغو الصيف إلى جد الشتاء”.. واليوم نتطرق إلى وسائل المرح والترفيه في فصل الشتاء وبداية العام الدراسي، ونناقش ما يكون عليه حالها مع انصراف الطلبة إلى المذاكرة والتحصيل، وكذا انهماك أولياء أمورهم في أعمالهم، بعد انقضاء موسم الإجازات والعطلات.
البداية مع داويت هالي، بائع في محل لبيع الألعاب الإلكترونية (الجيمز)، وهو يقول: من الطبيعي أن تنخفض حركة الإقبال على الألعاب المختلفة خلال الموسم الدراسي، ولذا تعمد الشركة إلى تقديم عروض وتخفيضات كبيرة على أسعار منتجاتها من أجل التغلب على هذا العزوف الموسمي، سيما وأن معظم مستخدمي الألعاب الإلكترونية من الطلبة والشباب.
غير أن هالي أشار إلى أن هناك مجموعة من الألعاب التعليمية التي تساهم في زيادة وتطوير مهارات التعلم لدى الأطفال والطلبة، وهو ما يتم التركيز عليه خلال الموسم الدراسي، حتى يكون الترفيه مصحوباً بفائدة، فلا يظهر اعتراض من جانب الأهل على الأوقات التي يخصصها أبناؤهم لممارسة ألعابهم.
ويوضح هالي أن الألعاب القتالية من الألعاب الواسعة الانتشار بين الشباب، خاصة لما تحمله من قدر عال من الإثارة والتشويق، ومع ذلك فإن أغلبهم ينصرف إلى لعبة” البلاي استيشن” اليدوية كونها أكثر سهولة ويمكن ممارستها مع الأصدقاء داخل منازلهم، وهو ما يساعدهم على التخفيف من عبء التفكير والتركيز في المواد الدراسية المختلفة، ويمنحهم فسحة من الراحة وهم بين جدران غرفهم.
أوقات طويلة
من داخل المتجر التقينا الطالب حاتم عبد القادر الترتير، حيث كان برفقة والده ينتقي بعضاً من تلك الألعاب، يقول حاتم إنه يقضي ساعتين تقريباً في ممارسة الألعاب الإلكترونية، وإن كان ذلك يتم بعد الانتهاء من واجباته المدرسية واستذكار دروسه، ولذا فهو لا يعتقد أن اللعب يؤثر على مستواه الدراسي، فضلاً عن أنه لا يخرج كثيراً من المنزل أثناء الدراسة، فتلك الألعاب هي المتنفس السهل والوحيد له.
أما والده فيقول إنه غالباً ما يعترض على الأوقات الطويلة التي يخصصها ابنه للعب، ولكن يصعب منعه من ممارستها، خاصة وأن معظم هذه الألعاب يدعو إلى العنف، وقليل منها يهتم بالتثقيف، وهو ما يدعو للأسف، مشيراً إلى وجود عجز ونقص في الألعاب والبرامج التثقيفية والتعليمية، وأيضاً الرياضية، حيث يتم التركيز فقط من جانب الشركات المنتجة على ألعاب العنف، وهو ما يترك آثاره السلبية على الطلبة والنشء.
خيال واسع
من جانبها، تذكر مها العرجون، والدة الطفل حسام العسال، أن الألعاب الإلكترونية هي أفضل وسائل الترفيه أثناء الدراسة لأنه من خلالها يتم مراقبة الأوقات التي يقضيها الطالب في الاستذكار، كما أنها تساعده على تمضية أغلب يومه في المنزل، ومن ثم يستطيع تقسيم وقته وإعطاء الدراسة ما تستحقه من الاهتمام، كما أنها تؤدي إلى التنشيط الذهني، وزيادة قدرة الطفل على التعلم والاستيعاب، وتجعل للأطفال خيالاً واسعاً وقدرة أكبر على ممارسة حياتهم العملية والتصرف في المواقف المختلفة، وأيضاً تقويّ من لغته الإنجليزية كونها جميعاً ناطقة بتلك اللغة.
لكنها تلفت إلى أن هناك مساوئ من وراء تلك الألعاب، لعل أهمها، أن شخصيته الاجتماعية تتأثر بكونه يقضي أغلب الوقت في ممارسة تلك الألعاب بمفرده، كما أنها قد تغرس فيه النزعة العدوانية نظراً لكمية العنف الرهيبة المتضمنة فيها، ومع ذلك فهي شر لا بد منه، لأنه “بفعل العولمة وانفتاح العالم على بعضه بعضاً بتنا مجبرين على مواكبة العصر، وعدم عزل أبنائنا عن أحدث مستجداته”.
أما عن أسعار تلك الألعاب، فهي في الشتاء تقريباً مثل الصيف، والعروض الترويجية لها لا تحمل فروقاً مادية كبيرة، كونها جميعاً ليست مرتفعة الثمن وفي متناول الجميع.
الأنشطة الرياضية
من أمام إحدى دور العرض السينمائي التقينا خلفان راشد المنصوري، الذي قال بدوره إن الموسم الدراسي مناسبة يبتعد فيها الجميع عن وسائل التسلية بقدر كبير، غير أنه لا يمكن الاستغناء عنها بشكل كلي، وعن دور السينما، فإن زيارتها تحلو في نهاية الأسبوع للخروج من جو الاستذكار والإرهاق الفكري طوال الأسبوع.
ومع ذلك فهو يفضل الأنشطة الرياضية والحركية كونها تنعكس إيجاباً على التحصيل الدراسي للطلبة، وتجعلهم أكثر نشاطاً وتقوي روح التنافس والعمل الجماعي فيما بين الطلبة، وداخل المراكز التجارية يمكن للطلبة الاستفادة من صالات البولينج الموجودة بها، والتي تجمع بين الرياضة والترفيه في آن واحد.
والرياضة بمختلف أنواعها من أفضل ما يمكن للشخص أن يستشعر من خلالها بالترفيه، وأيضا هي تصبح عاملاً مهماً من عوامل النجاح، اعتماداً على مبدأ الجسم السليم في العقل السليم.
أفلام مميزة
سالم الزعابي، الطالب في إحدى المدارس الثانوية، يقول إنه يحاول دائماً زيارة دور السينما ولو مرة أسبوعياً أثناء الموسم الدراسي، لما يجده فيها من متعة ومتابعة أحدث الأفلام العالمية، وإن كان تردده على السينما في فصل الشتاء أكثر منه في فصل الصيف نظراً لوجود نوعية مميزة من الأفلام التي تشجعه على مشاهدتها.
أما زميله عبد الله خالد الحوسني، فيقول إنه يهتم بممارسة الرياضة أثناء الموسم الدراسي كون الجو يصبح أكثر ملائمة لها، كما أنها لا تقابل باعتراض من الأهل، ويحرص أيضاً على مشاهدة الأفلام السينمائية، كونها فرصة لالتقاء زملائه بعيداً عن أجواء الدراسة، فيكون هناك متسع لقضاء أوقات ممتعة معهم، وهو ما يجعله يعود للدراسة مع بداية الأسبوع الجديد وهو أكثر إقبالاً ونشاطاً.
عبيد الزعابي الطالب في الصف الأول الثانوي يوضح من جهته، أنه يعشق رياضة البولينج، ويقضي فيها أوقاتاً طويلة بحسب ما يتيسر له أثناء الفسحة من الواجبات المدرسية، أما عن الأفلام السينمائية والألعاب الإلكترونية، وغيرها من الأنشطة التي تدور في الأماكن المغلقة، فهو لا يفضلها، ومن ثم فهو ينصرف عنها كلياً أثناء موسم الدراسة، وإن كان يشاهد بعضاً من الأفلام السينمائية على فترات متباعدة.
حركة نشيطة
بدوره يقول عيسى سلطان إن السينما هي وجهته المفضلة خلال الموسم الدراسي، كونها مصدراً للمتعة والترفيه في نفس الوقت، وإن كان تردده على السينما خلال المرحلة المدرسية ليس بالمقدار الذي يقوم به أثناء العطلة الصيفية، كون الأهل يعترضون أحياناً على الذهاب إليها كثيراً خشية التأثير على المستوى الدراسي.
ومن داخل أحد محال بيع الأغاني يقول سالم يعقوب إن حركة المبيعات تنشط لديه خلال الموسم الدراسي، أكثر منها في الصيف، نظراً لوجود الطلبة وذويهم داخل الدولة، كما أن كثيرين منهم يحب الاستماع لمطربه المفضل أثناء المذاكرة، مشيراً إلى أنه يبيع أغاني مطربين من دول العالم كافة، وهو بالتالي يرضي ذائقة جميع الطلبة والشباب على اختلاف جنسياتهم وميولهم، ما يجعل من الدراسة موسماً للمبيعات لديه، ومع ذلك لا ينكر يعقوب أن المبيعات أصبحت أقل مما كان عليه الحال في السابق بسبب وجود الإنترنت، وقدرة الجميع على الاستماع وتحميل الأغاني مباشرة دون تحمل أي أعباء مادية.
حسابات سينمائية
يتحدث مسؤول في إحدى شركات دور العرض السينمائي في دولة الإمارات قائلاً، إن الإقبال على دور السينما يزداد خلال الموسم الدراسي قياساً إلى موسم الصيف، كون السينما تمثل وجهة ثقافية وترفيهية في آن، وهي بذلك تسهم في إنجاح العملية التعليمية خاصة وأن هناك عدداً من الأفلام المعروضة يكون تشخيصاً لمقررات وكتب تعليمية يدرسها طلبة المدارس، وهو ما يدفع بمسؤولي عديد من المدارس لتنظيم رحلات جماعية لطلابها إلى دور السينما، كما أن شركات الإنتاج السينمائي تضع في مخططاتها الموسم الدراسي، وتتحسب له بطرح أفلام عائلية (family movies) وأفلام تثقيفية هادفة وإن كانت تدور في قالب درامي شيق ومثير. ولذا يمكن القول إن السوق السينمائي يشهد رواجاً كبيراً أثناء الموسم الدراسي، وتصبح السينما في مقدمة السلع الترفيهية التي تزدهر فيه.
المصدر: أبوظبي