معتز الشامي (دبي)

شهدت الساعات القليلة الماضية، جدلاً داخلياً غير متوقع، في أروقة قطاع التحكيم باتحاد الكرة، تمثلت في قرار اللجنة برئاسة مسلم الكثيري، بسحب الشارة الدولية من الحكم سلطان عبدالرزاق، لمنحها لآخر، ومنحه فرصة دخول حكام النخبة الآسيوية، ما وضع سلطان عبدالرزاق أمام موقف صعب، ودفع عدداً من زملائه، لإعلان دعمه بطريقة غير مباشرة، والمطالبة بعقد لقاء مغلق مع مروان بن غليطة رئيس اتحاد الكرة.

أبلغت لجنة الحكام، سلطان عبدالرزاق بقرارها بسحب الشارة الدولية الأسبوع الماضي، قبل سفره بساعات لإدارة مباراة دولية خارجية في التصفيات الآسيوية المشتركة المؤهلة للمونديال وكأس آسيا، واعتمدت اللجنة على تقرير تسلمته من الاتحاد الآسيوي، يفيد بوجود تقييم منخفض لسلطان عبدالرزاق في بعض المشاركات الخارجية، رغم أنه يعد ضمن حكام النخبة، كما يعتبر واحداً من أكثر القضاة الذين أسندت إليهم مباريات في منافسات عربية وآسيوية وإقليمية، ومحلياً يعتبر من الحكام المتميزين، وأحد أميز القضاة في المواسم الماضية، ولم تشهد المباريات التي أدارها محلياً أي أزمات أو قرارات أثرت على النتيجة، كما لا خلاف بينه وبين الأندية بشكل عام، وهي كلها مؤشرات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، لدى أي لجنة عند تقييمها لحالة القضاة أصحاب الشارة الدولية، وفق آراء رافضة لسحب الشارة من سلطان عبدالرزاق.
فيما اكتفت اللجنة بالتقرير الخارجي عن بطولة واحدة خارجية، وهي دورة الألعاب الآسيوية الأخيرة، التي شارك فيها سلطان عبدالرزاق، وحاول الأخير تبرير التقرير الذي رأى أنه غير دقيق للجنة، ولكن القرار تم اتخاذه وإبلاغ الحكم به منذ أيام.
وعلمت «الاتحاد» أن الحكم يفكر جدياً في الاعتزال، بعدما رأى أن قرار سحب الشارة منه في هذا التوقيت يعتبر إهانة لمسيرته وتاريخه، بحسب ما نقله لبعض زملائه من «أصحاب الصافرة».
وتشير مصادر داخل اللجنة، أن مسلم الكثيري أجرى اتصالاً بسلطان عبدالرزاق، لشرح أسباب قرار الإدارة الفنية للجنة، وأنه تم بناء على تقييم فني وعملي، بالأرقام، ويتعلق بالأداء بشكل عام، بالإضافة إلى تقرير آسيوي أشار إلى تراجع أدائه خارجياً، غير أن سلطان عبدالرزاق أبدى رفضه للتقييمين، الداخلي أو الخارجي، خاصة أن أحداً لم يناقشه فيه، حيث فوجئ بالقرار، في الوقت الذي يوصف فيه بأنه أحد الحكام المميزين بالدوري، كما يقوم بإدارة مباريات خارجية عديدة.
وفي ظل تمسك اللجنة بموقفها، خاصة أنها اتخذته بحيادية وبناء على تقارير آسيوية ومحلية، يسعى عدد من «أصحاب الصافرة» للتدخل دفاعاً عن موقف أحد زملائهم.
من جانبه، أبدى محمد عمر الحكم الدولي ورئيس لجنة الحكام الأسبق، استياءه من قرار اللجنة الحالي باستبعاد الحكم سلطان عبدالرزاق من القائمة الدولية، لافتاً إلى أن القرار يعتبر ظلماً وإجحافاً لحق أحد أهم قضاة الملاعب المتميزين في دورينا، بصورة تدعو إلى الدهشة على حد وصفه.
وقال «فوجئت بقرار اللجنة بسحب الشارة من سلطان عبدالرزاق، وهو حكم على مستوى عال، والكل يعرف ذلك، ونحن خسرنا الحكم حمد علي يوسف، وكان يجب الصبر عليه، صحيح هو (رسب) مرتين، لكن في بعض الدول تصبر لسنوات، حتى يستعيد الحكم قدراته، لكن نحن لا نتمتع بهذا القدر من الصبر».
وأضاف «سلطان يقود مباريات دولية خارجية، كما يدير مباريات صعبة داخلياً، ومستواه متميز، ولياقته هي الأفضل مقارنة بباقي الحكام، هو أكثر الحكام حصولاً على تقييم مرتفع في المباريات المحلية، وأيضاً يتألق في المباريات الخارجية، وأدار نصف نهائي البطولة العربية.
ولفت محمد عمر إلى أنه كان يجب على اللجنة أن تسأل، هل توقف سلطان عبدالرزاق آسيوياً أو حتى محلياً لسوء أدائه؟، قبل اتخاذ أي قرار، وقال «لم يتم إيقاف سلطان خارجياً أو داخلياً لسوء المستوى، وإذا كانت لديه مباراة أو اثنتان في بطولة مجمعة لم يوفق فيها، فهذا أمر طبيعي ويحدث لجميع القضاة، ولا يعني التسرع بسحب الشارة الدولية من أحد الحكام المميزين محلياً، لأننا هكذا نضر التحكيم ونؤدي لتراجعه ولا نطور شيئاً، وإلا نكون مثل من يحارب حكماً مميزاً، هذا القرار ينطوي على ظلم وإجحاف للاعب، ووراءه تعجل كبير للغاية، وهذا أبداً لن يكون في مصلحة التحكيم».
وأضاف «جميع الحكام متفقون على أن سلطان من أفضل الحكام في الساحة، وهو متصدر البقية في اللياقة وفي الأخلاقيات، وفي المستوى الفني والبدني، وهي كلها إيجابيات لحكم في مرحلة النضج، وقادر على مواصلة المشوار التحكيمي بكل كفاءة لمدة 5 إلى 6 سنوات قادمة على الأقل، لذلك أرى أن أسلوب اللجنة خاطئ في معاجلة هذا الأمر».
وانتقد عمر أسلوب اللجنة الحالية، وقال «في اللجنة السابقة كنا نعمل ونجتهد للتطوير، في فترة صعبة، ووضعنا أسساً لبناء متطور، منها إطلاق أكاديمية لتطوير الحكام التي نفذها لاحقاً الاتحاد لا ليأتي من بعدها من يكمل عليه، خصوصاً في مسألة سحب الشارة أو منحها، كان التقييم منطقياً وعملياً، ويتم طوال الموسم، ومن يتراجع مستواه يتم منحه فرصة واثنتين، بعد التنبيه عليه وعقد أكثر من جلسة فردية معه، لكن ما يحدث الآن، أن يفاجأ الحكم بأنه تم استبعاده من القائمة الدولية، بدون سابق إنذار، وهذا خطأ فادح يؤثر على التحكيم ويهز ثقة القضاة في أنفسهم بدون شك».
وأضاف «حتى لو كان هناك تقرير غير إيجابي قادم من الاتحاد الآسيوي عن سلطان، فلماذا لم تجلس اللجنة معه وتواجهه بذلك، وتمنحه فرصة أخرى، وتتابع مدى التطور وهكذا، لكن ما يحدث بهذا الشكل يعتبر ذبحاً لحكم موهوب ولديه رصيد من التألق».
ووجه محمد عمر رسالة إلى مروان بن غليطة رئيس اتحاد الكرة، وطالبه بضرورة التدخل والاستماع للحكام أنفسهم، وإقناع اللجنة بتغيير أسلوبها، وقال «أعتبر سلطان عبدالرزاق محلياً، هو الثاني بعد محمد عبدالله، والتضحية به لأسباب غير قوية، يعتبر أمراً يثير التساؤلات».
وعن تقييمه للتحكيم بشكل عام، قال «الخلل قوي في تقنية الفيديو، هناك أزمة كبيرة واضحة، والمسؤول عنها الخبير الإنجليزي ستيف بنيت، وهو ما يعني أنه يجب أن يحدث تدخل من الاتحاد، لأننا نرى تراجعاً في أداء (الفار) رغم تطبيقها طيلة عامين ماضيين، ويفترض أن تكون تلك التقنية في أفضل حالاتها الآن، ولكننا لا نرى ذلك والكل غير مقتنع بما يراه من عمل».
وفي ما يتعلق بتفكير سلطان عبدالرزاق اعتزال التحكيم، رداً على سحب الشارة منه بطريقة وصفت بالتعسفية، قال «بالفعل هي طريقة تعسفية، ليس هكذا يتم سحب الشارة الدولية ومنحها لآخرين، كان يجب أن يخطر جميع الحكام بوجود تقييم ومراجعة للمستوى ومنح فرص للمخطئين، ولكن أن تتم بهذا الشكل وتلك السرعة، فهذا يعتبر تخبطاً بكل تأكيد، لذلك ما زلت أتمنى أن يتدخل بن غليطة ويجلس مع الحكام ويسمع لهم في تلك الأزمة، ليرى من أين يأتي الخلل».