أشرف جمعة (أبوظبي)
لا يمر وقت طويل بعد وقوع الطلاق حتى يجد الصغار أنفسهم ضحايا لتصفية حسابات من الأزواج المنفصلين، فكل طرف يترصد للآخر، وربما يغرس من لديه الحضانة جذور الكراهية في نفوس الصغار ضد من سقط عنه هذا الحق، وفي الصيف يسعى المطلقان إلى الانطلاق نحو الترفيه والسفر إلى الخارج بحثاً عن الراحة والاسترخاء، وأبناء المطلقين هم الذين يدفعون ضريبة تعنت الزوج الحاضن أو الزوجة الحاضنة في السماح للصغار بالسفر إلى وجهة لقضاء الإجازة في أجواء أكثر هدوءاً وراحة، وهو ما يجعل البعض يتوجه للمحكمة بحثاً عن إنصاف القضاء والبعض الآخر قد يرضخ للمساومة، لكن طرفاً آخر يتصف بالحكمة يجنح للتراضي وتقدير مصلحة الصغير، وفي كل الأحوال الذي يدفع ضريبة الطلاق أبناء البراءة الذين لا ذنب لهم سوى الحرمان من أحد الأبوين، وربما يتولد حرمان آخر إذا كان الحاضن لا يستميت على الحضانة سوى للانتقام والتشفي دون رعاية حقيقية للطفل الذي تتقاذفه القوانين ككرة في الهواء دون أن لا يدري ما مصيره؟
مصلحة الصغير
يورد المستشار القانوني رامي نور الدين، قائلاً: للصغار أحقية في الاستمتاع بالعطلة الصيفية رغم المشاكل القائمة بين المطلقين، لاسيما في حال تطرق الأمر إلى ساحات المحاكم، مبيناً أن للأب أحقية في حيازة جوازات سفر الأولاد وأوراقهم الثبوتية، في حين يكون حق حضانة الصغار للأم، ويجوز للأم طلب التصريح من القاضي في اصطحاب الصغار خارج الدولة في إجازة قصيرة في فترة الصيف ما لم يترتب على ذلك ضرر للصغار، والأمر في مجمله سلطة تقديرية للقاضي.
ويبين نور الدين أن الفقهاء اختلفوا في السفر والانتقال بالمحضون على قولين: الأول إنه إذا أراد أحد الأبوين السفر بالولد ثم العودة به - كالسفر للتجارة والزيارة- والآخر مقيم، فالمقيم أحق بحضانته، لأن في السفر إضراراً بالولد، وإن كان السفر للإقامة والطريق آمن والبلد الذي يريد الانتقال إليه آمن، فالأب أحق به، سواء كان هو المسافر أو المقيم، لأن الأب هو من يتولى رعايته وتأديبه وحفظ نسبه، فإن لم يكن الولد في بلد الأب ضاع، وهذا قول الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة، واشترط الحنابلة في ذلك عدم مضارة الأم وانتزاع الولد منها.
القول الثاني وهو قول الحنفية، إنه إذا أراد الأب الانتقال بالمحضون فالأم أحق، وإن أرادت الأم الانتقال به وكان بعد انتهاء عدتها منه، فإن كان الانتقال إلى البلد الذي كان فيه أصل النكاح فهي أحق به، وإن كان إلى بلد آخر فالأب أحق به، مادام البلد بعيداً، أما إذا كان البلد قريباً بحيث يمكن للأب رؤية الولد ويمكنه الرجوع قبل الليل، فإنه لا تسقط حضانتها، متى كان البلد الذي انتقلت إليه ليس أقل حالاً من البلد الذي كانت تقيم فيه، حتى لا تتأثر أخلاق الصبي، موضحاً أنه قد حرص الفقهاء في كلا القولين على مصلحة الصغير، لذا فإن القاضي يقرر ما هو مناسب حسب مصلحة الصغير.
تجدد الخلافات
تقول مؤمنة السعدي: حكم لي القاضي بحضانة طفلي بعد وقوع الطلاق، وفي كل إجازة صيفية تتجدد الخلافات مع طليقي، إذ يصر على عدم سفر أحمد 6 سنوات معي خارج البلاد، رغم أنه يسافر مع زوجته الأخرى، ويستمتع بقضاء وقت طويل في أحد البلدان الأوروبية، فإنه يتعنت ولا يوافق على سفر الطفل معي، مبينة أنها كانت تلتزم الصمت تفادياً لحدوث المشاكل ومن ثم الحفاظ على الطفل، ومحاولة تجنيبه أي أثر نفسي سلبي، وتلفت إلى أنها اضطرت هذه المرة إلى اللجوء للقضاء، وأنها شعرت براحة كبيرة كون القاضي أتاح له السفر مع الطفل، خصوصاً أن الصغير كانت لديه رغبة في الذهاب إلى إحدى الدول مع أبناء خالته وهو ما تحقق له في هذه الإجازة.
نقاش طويل
ويبين إبراهيم خالد أن مطلقته أصرت على السفر بأطفالهما الثلاثة في هذه الإجازة الصيفية إلى وجهة سياحية، وأرسلت بعض الأقارب لإقناعه بهذا الأمر، ويشير إلى أنه رغم اهتمامه بأن يعيش أطفاله حياة هادئة وسعيدة رغم الانفصال عن الزوجة، فإنه أبدى تخوفاً من أن تذهب الحاضنة إلى دولة ما ولا تعود فيحرم منهم، خصوصاً أنه تحمل الكثير من أجلهم، ويوضح أنه بعد نقاش طويل توصل إلى حل وافقت عليه طليقته بصعوبة يتمثل في أنه حجز لها وللأبناء تذاكر إلى البلد الذي قرر قضاء الإجازة الصيفية فيه، ويرى أن مثل هذا التصرف كان له دواعٍ إيجابية، حيث لم يحرم الصغار في هذه الرحلة من أمهم وأبيهم، فضلاً عن عدم شعورهم بالوحدة، خصوصاً أنهم كانوا يقضون يومهم كله مع إخوتهم من زوجتي الأخرى.