أعلنت الأمم المتحدة، اليوم الجمعة، أن نحو مئة ألف مدني نزحوا من منازلهم في شمال شرق سوريا بسبب العدوان العسكري التركي الذي دخل يومه الثالث.
وقالت المنظمة الدولية، في بيان «الأثر الإنساني ملموس بالفعل. غادر ما يقدر بمئة ألف شخص منازلهم بالفعل. ورغم أنه تمّ إيواء معظمهم في المجتمعات المضيفة، إلا أنّ أعداداً متزايدة منهم ما زالوا يتوافدون على مراكز الإيواء الجماعية (...) والمدارس في الحسكة وتل تمر».
وحذّرت من تداعيات تصاعد أعمال العنف على الخدمات الأساسية، مشيرة إلى خروج محطة مياه من الخدمة، «يعتمد 400 ألف شخص في مدينة الحسكة والمناطق المحيطة بها عليها كمصدر للمياه».

وباتت بلدات حدودية بأكملها شبه خالية من سكانها. وشاهد مراسلون صحفيون، اليوم الجمعة، عشرات النازحين لدى وصولهم إلى بلدة «تل تمر» التي تكتظ تدريجياً بالفارين إليها.
وقال رياض أحمد (56 عاماً) «نحن هنا بلا مأكل أو مشرب ولا فرش لدينا ننام عليها، خرجنا تحت وابل من القصف».
ولجأ الرجل مع عائلته إلى طابق سفلي من مبنى قيد الإنشاء، خلا إلا من سجادات وشراشف قدمها الجيران لهم. وسأل بحسرة «هل سنبقى هكذا في الشوارع مع اقتراب الشتاء؟».
وأعربت منظمة أطباء بلا حدود عن قلقها على مصير المدنيين، محذرة من أن التصعيد «سيفاقم من الصدمات التي تكبّدها السوريون خلال أعوام من الحرب والعيش في ظروف محفوفة بالمخاطر».
وأغلق مستشفى في تل أبيض، كانت تدعمه المنظمة، أبوابه بسبب مغادرة معظم أفراد الطاقم الطبي مع عائلاتهم.
وأعلنت الإدارة الذاتية أنها ستخلي، اليوم الجمعة، مخيم «المبروكة» للنازحين، الواقع على بعد 12 كيلومتراً من الحدود وتبحث عن موقع بديل لمخيم «عين عيسى»، لحماية 20 ألف نازح في الموقعين من القصف التركي.

اقرأ أيضا... 16 قتيلاً برصاص تركي في ثالث أيام العدوان على سوريا

وتخوض قوات سوريا الديمقراطية اشتباكات عنيفة ضد القوات التركية في محاولة لصدّ الهجوم والتصدي لتقدم الجيش الذي يشن هجمات على جبهات عدّة في الشريط الحدودي الممتد من رأس العين (في محافظة الحسكة) حتى تل أبيض (في محافظة الرقة).
وتتزامن الاشتباكات مع قصف مدفعي كثيف وغارات تركية متفرقة، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أشار إلى أن قوات سوريا الديمقراطية تستخدم «أنفاقاً وتحصينات بنتها قرب الحدود لشن هجمات مضادة وعرقلة تقدم» خصومها.
وقال مصدر في قوات سوريا الديمقراطية من داخل بلدة رأس العين عبر الهاتف «تحاول القوات التركية الهجوم من محاور عدّة لكسر خطوط دفاعنا لكن قواتنا تتصدى لها».
ونقل مراسلون صحفيون في منطقة رأس العين سماع أصوات رشقات وقصف مدفعي تزامناً مع تحليق الطيران.
وأحصى المرصد مقتل سبعة مدنيين وتسعة عناصر من قوات سوريا الديمقراطية بالنيران التركية الجمعة لترتفع بذلك حصيلة القتلى منذ الأربعاء إلى 17 مدنياً و41 مقاتلاً في قوات سوريا الديمقراطية إضافة إلى عشرات الجرحى.
وانضمت روسيا الجمعة إلى قائمة الدول الغربية، والأوروبية خصوصاً، التي حذرت من أن يسهم الهجوم التركي في إعادة إحياء تنظيم داعش الإرهابي الذي ما يزال ينشط عبر خلايا نائمة رغم هزيمته الميدانية على يد قوات سوريا الديمقراطية.
وحذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الجمعة، من أن الآلاف من مقاتلي التنظيم المتطرف المحتجزين لدى الأكراد قد يستعيدون حريتهم مضيفاً «إنه تهديد حقيقي (...) لست واثقاً أن بإمكان الجيش التركي السيطرة على الوضع أو السيطرة عليه بسرعة».
وأحبط حراس مخيم الهول في شمال شرق سوريا، اليوم الجمعة، أعمال شغب ومحاولة فرار قامت بها نسوة من عائلات مقاتلي تنظيم داعش المتشدد. فيما تمكن خمسة أعضاء من داعش من الفرار من سجن بعد أن قصفت تركيا منطقة قريبة منه.
وكررت قوات سوريا الديمقراطية مؤخراً خشيتها من أن ينعكس انصرافها إلى قتال القوات التركية سلباً على جهودها في حفظ أمن مراكز الاعتقال والمخيمات، كما في ملاحقة الخلايا النائمة لتنظيم داعش.
وفي مدينة القامشلي، قتل ثلاثة مدنيين في تفجير سيارة مفخخة قرب مطعم مكتظ، وفق قوى الأمن الكردية التي وجهت أصابع الاتهام لتنظيم داعش المتطرف.
ودعت فرنسا التحالف الدولي بقيادة واشنطن إلى عقد اجتماع عاجل كون «المعركة ضد داعش يمكن أن تُستأنف».
وهذا ثالث هجوم تشنّه تركيا في شمال سوريا، بعد هجوم أوّل عام 2016 سيطرت فيه على مدن حدودية عدّة، وثان عام 2018 سيطرت خلاله على منطقة عفرين.