تامر عبد الحميد (أبوظبي)
أوسكار وغولدن جلوب وكان وفينيسيا والبندقية وتورنتو وبرلين، أبرز الجوائز والمهرجانات السينمائية العالمية، التي ستظل حلماً يراود كل أصحاب المشاريع العربية السينمائية... وبدأ الفيلم العربي هذا الحلم منذ فترة، عبر الفيلم الجزائري «وقائع سنين الجمر» الذي أنتج 1974، للمخرج الجزائري محمد الأخضر حمينه، الذي حصد جائزة أفضل فيلم «السعفة الذهبية» في مهرجان كان السينمائي الدولي عام 1975، ليأتي بعد ذلك الفيلم المصري «إسكندرية ليه؟» الذي أنتج عام 1978، وحصد الفيلم جائزة «الدب الفضي»- جائزة خاصة من لجنة التحكيم في مهرجان برلين السينمائي الدولي.
وفي السنوات الأخيرة، انتعش وجود وحضور السينما العربية في المهرجانات، ومن أبرز الأفلام التي حصدت جوائز عالمية، فيلم «الجنة الآن» - 2005 للمخرج والمؤلف الفلسطيني هاني أبو أسعد، وهو الفيلم الفلسطيني الأول، الذي يُرشح ضمن القائمة النهائية لجوائز الأوسكار في فئة أفضل فيلم أجنبي، وتوج بجائزة أفضل فيلم أجنبي في «غولدن جلوب»، وعاد أبو أسعد مجدداً في عام 2013 ليحقق إنجازاً جديداً من خلال فيلمه «عمر»، حيث حصد جائزة أفضل فيلم في مسابقة «نظرة ما»، ضمن مهرجان كان السينمائي الدولي.
ليأتي بعد ذلك فيلم «ذيب» - 2014 للمخرج ناجي أبو نوار، ويحقق الإنجاز الأهم للسينما الأردنية، حيث توج بجائزة أفضل مخرج في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، كما ترشح ضمن القائمة النهائية لجوائز الأوسكار في فئة أفضل فيلم أجنبي.
قائمة الأوسكار
ومع بداية 2017، استطاع فيلم «قضية 23» للمخرج اللبناني زياد دويري، حصد جائزة أفضل ممثل في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي للممثل الفلسطيني كامل الباشا، كما حقق الفيلم الإنجاز الأهم بالترشح ضمن القائمة النهائية لجوائز الأوسكار في فئة أفضل فيلم أجنبي، لتأتي بعده المخرجة اللبنانية نادين لبكي، التي شاركت خلال مسيرتها الفنية بأفلامها، في العديد من المهرجانات الدولية والعالمية، لتحصد بفيلمها «كفر ناحوم» - 2018، جائزة لجنة التحكيم من مهرجان كان السينمائي الدولي، كما ترشح مؤخراً لجائزة غولدن جلوب في فئة أفضل فيلم أجنبي، وظهر أيضاً ضمن ترشيحات الأوسكار لأفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية لعام 2018.
سينما إماراتية
ومع التطور الكبير الذي تشهده السينما الخليجية في السنوات الأخيرة، استطاع عدد من المخرجين والمخرجات أن يعبروا من نطاق المحلية إلى العالمية بأفلامهم الروائية والوثائقية، التي حصدت الجوائز، وكان من أبرزها الفيلم الإماراتي «عاشق عموري»، الذي لقب بـ «حاصد الجوائز» للمخرج عامر المري، حيث كان له نصيب الأسد بـ 23 مشاركة، وحصوله على 6 جوائز تقريباً منذ إنتاجه عام 2018 وحتى الآن، كان آخرها جائزة أفضل صورة بصرية في مهرجان «كاليلا» السينمائي في برشلونة.
وحول تصدر الفيلم الإماراتي شاشات السينما العالمية، قال عامر: مشاركة الفيلم الإماراتي في المهرجانات السينمائية من دول ذات ثقافات مختلفة، دليل على امتلاكه مفردات سينمائية ورؤية إخراجية وفنية متميزة، استطاعت إثبات نفسها عند المختصين السينمائيين في هذه الدول، مبدياً سعادته البالغة بأن يكون «عشاق عموري» خير سفير للسينما الإماراتية، لافتاً إلى أن الأفلام السينمائية وسيلة قوية وكبيرة التأثير، لذلك فإن مشاركات الأفلام المحلية، وكذلك العربية في مهرجانات عالمية، وحصد جوائز من خلالها، تعد نموذجاً ناجحاً في تجسيد ثقافتنا أمام العالم، ليستكشفوا معالمنا الجميلة ومدننا الساحرة.
جودة فنية
ونال المخرج سعيد سالمين، من خلال فيلمه «ساير الجنة»، 9 جوائز دولية، بعد مشاركته في 35 مهرجاناً دولياً وعالمياً، وعن أهمية تواجد الفيلم الإماراتي في المهرجانات العالمية، قال سالمين: الأفلام العربية أصبحت متواجدة بشكل كبير في العالم كله من خلال المهرجانات، وأصبح لديها جمهورها، سواء من العرب المتواجدين في الخارج، أو من قبل الأوروبيين أنفسهم الذين بدأوا يتعرفون عليها وعلى صنّاعها من مخرجين ومنتجين.
أفضل مخرج
وعن فيلمه الوثائقي «في سيرة الماء والنخل والأهل»، استطاع المخرج والكاتب الإماراتي ناصر الظاهري أن يحصد 15 جائزة عالمية ودولية من 17 مشاركة في مهرجانات عالمية، من بينها حصوله على جائزة أفضل مخرج لأفضل فيلم أجنبي في مهرجان برلين السينمائي، وثلاث جوائز من الولايات المتحدة الأميركية، وجائزة أفضل فيلم أجنبي من الدنمارك، وأفضل مخرج من مهرجان «برشلونة»، ومهرجان «تورنتو» بكندا، وجائزة أفضل قصة من مهرجان «مدريد»، وعن ذلك قال: أي جائزة يحصدها هذا الفيلم تعني لي الكثير، ليس كمجد شخصي في المقام الأول، ولكن كشرف وتاج من ظفر، لأنه يمثل الإمارات، فهو يتحدث عن الإمارات من وجهة نظر محب وعاشق، بلغة سينمائية عالية، هو بحث عن الذات أيضاً، وبحث عن الذاكرة الجماعية، وبحث عن أشياء هربت منا، في غفلة منا، وسط التغيرات والمتغيرات الحديثة، فالفيلم يتحدث عن ثقافة ومعرفة وإرث مجتمع، ربما يكون مجهولاً من الكثير، ولا يعرف الناس عنه إلا وجهه بعد اكتشاف النفط، وما تخلق وسائل الإعلام الغربية من صور نمطية عن المجتمعات الأخرى، وهو أمر أهل هذا الفيلم ليفوز بجائزة المحافظة على الثقافة في «كان»، وبدعم من الأمم المتحدة.
حجاب
وبفكرة مختلفة بعيدة عن السائد، استطاعت المخرجة الإماراتية نهلة الفهد أن تصل إلى العالمية، بفيلمها الوثائقي «حجاب»، وتأهله إلى جائزة أفضل فيلم وثائقي في جوائز الأوسكار في نسختها الـ88، وأشارت الفهد، إلى أن هدفها الأكبر من «حجاب»، الذي عرض في لندن وأميركا، أن يكون فرصة مهمة لتعرف الناس عن قرب إلى تلك القضايا التي تثار حول موضوع الحجاب في البلاد العربية أو الغربية، وطريقة تعامل الآخر معه، وقالت: نظرة المجتمع الغربي تختلف كثيراً عن نظرة المجتمع العربي لموضوع الحجاب، وهذه كانت أحد الأسباب الرئيسة لكي أشارك في تنفيذ هذا العمل الوثائقي، مشددةً عن ابتعادهم عن أي منظور أو بعد سياسي في أحداث الفيلم أو فيما يخص الحجاب، وكان اهتمامهم وصول الفكرة إلى المجتمع الغربي عن الإسلام والحجاب كما يريدون، وبعيداً عن أي تشدد.
وتابعت: عرض الفيلم في صالات السينما بلوس أنجلوس لمدة أسبوع، ومن ثم في نفس الولاية من خلال مشاركته في مهرجان «كاراميل السينمائي الدولي»، ضمن عرض خاص لتمثيل دولة الإمارات في المهرجان السينمائي، كان من الرائع والمميز وصول فكرته لأكبر شريحة من الجمهور العالمي، وأن تتحدث أكبر وأهم الصحف الأميركية عن الفيلم، الأمر الذي تعتبره إنجازاً كبيراً، وصل فريق عمل الفيلم إليه الذي بدأ بتحقيق الهدف الأكبر من إنتاجه، وهو فتح باب لنقاش جدي حول قضية اجتماعية محل خلاف.
وجدة
وكانت للسينما السعودية نصيب من الجوائز العالمية، التي بدأتها المخرجة السعودية هيفاء المنصور، في فيلمها «وجدة»، والذي حصل على ثلاث جوائز من مهرجان البندقية، وأكدت هيفاء أن هذه الجوائز التي يحصدها الفيلم العربي تساعد على تعزيز الحوار بين الثقافات، وتدعم الأفلام التي تمكن التفاهم والاحترام والتعاطف والسلام بين الشعوب، من مختلف الأصول والمعتقدات، معبرةً عن ثقتها بأن هذه الخطوة التقدمية ستكون منبراً للمزيد من الفرص التنافسية للمرأة السعودية في صناعة السينما.
الأكثر إبداعاً
ومؤخراً، توجت المخرجة السينمائية، شهد أمين، بلقب «الأكثر إبداعاً»، بعد أن فاز فيلمها «سيدة البحر»، من إنتاج «إيمج نيشن أبوظبي»، بجائزة «فيرونا» الفيلم الأكثر إبداعاً، في النسخة الـ 76 من مهرجان البندقية السينمائي الدولي، عقب عرضه ضمن مسابقة أسبوع النقاد المرموق، وحول هذه الجائزة، عبرت شهد عن فخرها بهذا الإنجاز العظيم للفيلم السعودي والعربي عموماً، موضحةً أن هذا الفوز لا ينحصر في كونه تكريماً لها، إنما يعد بمثابة إنجاز للسينما السعودية، وإثبات على أن المواهب السعودية قادرة أن تصل إلى العالمية، مشيرةً إلى أن حصول فيلمها على هذه الجائزة، سيكون مصدراً للتقدم والاستمرار في تقديم الأفضل دائماً، فالفوز كما هو تشريف، فهو أيضاً مسؤولية كبيرة تتطلب المزيد من الجهد والتميز في المرحلة المقبلة.
وحول كيفية حصول الفيلم العربي على جوائز عالمية، قالت شهد: إنني أؤمن بأن شفافية المخرج في طرح القصة وصدق الشخصيات تصل بالعمل الفني ورسالته إلى المشاهد بسرعة، لهذا من واجبنا أن نصل إلى قلب المتلقي، من خلال فكرة وقصة وإنتاج فيلم عالي المستوى، قبل أن نفكر بالوصول إلى الجوائز، وهذا بحد ذاته كفيل بوصول أي فيلم إلى العالمية.
«أسد المستقبل»
«ستموت في العشرين»، أول فيلم سوداني يفوز بجائزة «أسد المستقبل»، في مهرجان فينيسيا السينمائي، لمخرجه أمجد أبو العلا، رغم المنافسة مع 21 فيلماً، وتدور قصته حول شاب، يعتقد أنه سيواجه الموت عندما يكمل العشرين من عمره، ويعيش في قلق واضطراب، حتى يظهر في حياته مصور سينمائي ، وتتوالى الأحداث.
اشتباك
نجح فيلم «اشتباك»، للمخرج الواعد محمد دياب، في حصد جائزتي أفضل فيلم، وجائزة الجمهور في الدورة 21 من مهرجان كيرلا السينمائي الدولي بالهند، ليصل مجموع الجوائز التي حصل عليها الفيلم من المهرجانات الدولية إلى 12 جائزة حتى الآن، وهي جائزة النقاد في ختام مهرجان سينما البحر المتوسط ببروكسل، وجائزة أفضل فيلم (Golden Pram) في مهرجان زغرب السينمائي الدولي، إلى جانب 4 جوائز في الدورة الـ 27 من أيام قرطاج السينمائية، و3 جوائز في الدورة الـ 61 من مهرجان بلدوليد السينمائي بإسبانيا، بالإضافة للجائزة الكبرى في مهرجان الفيلم العربي بـفاماك في فرنسا، وجائزة أفضل فيلم روائي طويل في الدورة الـ33 من المهرجان الدولي للسينما بمونتريال «نظرات من أفريقيا».