عمرو عبيد (القاهرة)

المدير الفني في لعبة كرة القدم هو القائد، يتّخذ القرار الأول والأخير دائماً، حتى لو تطلّب الأمر أحياناً استشارة معاونيه، إلا أنه يبقى صاحب الخطة الأساسية، والمسؤول عن الاختيارات، التي قد تقود إلى الانتصار، أو تتسبب في خسارته المعركة الكروية داخل المستطيل الأخضر، لكن بعض المدربين لا يستطيعون تطبيق هذا الأمر خارج الميدان، وتأتي بعض قراراتهم غير الصائبة، لتطيح إنجازاتهم، أو تدفعهم لخوض معركة، يؤمنون وحدهم بقدرتهم على الفوز بها، بينما يراها الجميع خاسرة بكل المقاييس!

سنوات بوكيتينو العجاف !
يعتقد كثيرون أن الأرجنتيني، ماوريسيو بوكيتينو، أخطأ عندما لم يتخذ قرار الرحيل عن «قلعة الديوك»، بعد تحقيق أفضل إنجازاته في نهاية الموسم الماضي، عندما قاد الفريق للمباراة النهائية في دوري أبطال أوروبا، وهو الغائب عن أي تتويج قاري، منذ 35 عاماً، صحيح أن توتنهام خسر المواجهة أمام ليفربول، إلا أن بلوغه ذلك النهائي لم يكن متوقَّعاً على الإطلاق، وبرغم الحديث عن مشروع «سبيرز» الكبير، الذي بدأ قبل 5 سنوات، تحت قيادة بوكيتينو، لكن الحصاد لم يكن مثمراً على الإطلاق، بدليل أن الفريق فشل في حصد أي لقب، محلي أو قاري، واكتفى بوصافة نسخة «شامبيونزليج» السابقة، وتكرر الأمر في كأس الرابطة الإنجليزية خلال موسم 2014/‏‏‏‏2015، بينما خسر الفريق كل الفرص في سباق الفوز بلقب البريميرليج مع الأرجنتيني، حيث كان المركز الثاني هو أفضل ما وصل إليه الفريق في عهده، في نسخة 2016/‏‏‏‏ 2017 خلف تشيلسي، بينما توقف عند المركز الثالث مرتين، أبرزها عندما صارع ليستر سيتي في موسم 2015/‏‏‏‏ 2016، لكنه انهار قبل أمتار قليلة من خط النهاية، وترك المجد التاريخي للثعالب، في فرصة لا تكرر إلا نادراً، كما حلّ رابعاً في الموسم الماضي، بينما حقق المركز الخامس في بداية عهد بوكيتينو، واليوم يقف الأرجنتيني على حافة الهاوية، بعد سباعية بايرن التاريخية في دوري الأبطال، التي زلزلت ملعب العاصمة الجديد، وقبلها الإقصاء المُبكّر في كأس الرابطة على يد المغمور، كولتشستر يونايتد، ويحتل الديوك حالياً المركز التاسع في ترتيب الدوري الإنجليزي، بنتائج مخيبة للغاية، دفعت بوكيتينو لاستجداء الدعم من إدارة «سبيرز»، والغريب أنه يُصر على البقاء، برغم هذا الفشل الواضح.

«صانع النهضة».. ارحل من فضلك
لا خلاف على أن الفرنسي، أرسين فينجر، يُعَد أحد أبرز مدربي أرسنال عبر العصور، بعد قيادته الفنية للفريق طوال 22 عاماً، بدأها في نهاية القرن الماضي، وأسدل الستار على رحلته الطويلة في عام 2018، وصحيح أنه يُعتَبر صانع نهضة المدفعجية الكروية في العصر الحديث، بعدما قاده إلى التتويج بالدوري الإنجليزي 3 مرات، بجانب 14 لقباً محلياً، بين كأس الاتحاد والدرع الخيرية، كما لا يمكن تجاهُل بلوغه نهائي دوري الأبطال، في موسم 2005/‏‏‏‏ 2006، والخسارة بصعوبة أمام سحرة كتالونيا بهدفين مقابل هدف واحد، إلا أن الابتعاد عن لقب البريميرليج طوال 14 عاماً، بجانب الفشل الذريع في المنافسات القارية، جعلت من الجانرز وقائدهم الفرنسي، أضحوكة في عالم كرة القدم، لدرجة أن الجماهير الغاضبة طالبت برحيل فينجر علناً، وتكرر ذلك الأمر مرات كثيرة، أبرزها في عامي 2017
و2018، ولم يكتفِ المشجعون برفع اللافتات في المدرجات، بل دفعهم الغضب لإطلاق طائرة، حلّقت فوق ملعب نادي وست بروميتش في عام 2017، حملت الجملة الشهيرة، «لا عقد جديد، ارحل يا فينجر»، والمثير للسخرية أن الأمر تجاوز الحدود الإنجليزية، حيث ظهرت تلك اللافتات في ديربي ميلانو في ذات العام، بل رُفِعَت لافتة مشابهة في زيمبابوي في نهاية 2017، وبرغم كل ذلك، واجهت إدارة الجانرز الأمر بعناد كبير، وإصرار على منح فينجر عقداً جديداً، واستفز الفرنسي جماهير المدفعجية أكثر من مرة، بين عامي 2014 و 2016، بتصريحات رفض خلالها الرحيل أو قبول آراء الجماهير، لكن المدرب والإدارة رضخا في النهاية، بعدما فقد كلاهما الكثير من رصيده لدى عشاق أرسنال.

الفرصة الأخيرة لسولشاير وفالفيردي
هل يتحمل عشاق يونايتد المزيد من الإهانات الكروية؟ وهل تتقبل جماهير كتالونيا إخفاق قاري ساذج جديد؟ أسئلة تبدو إجاباتها واضحة للغاية، فإذا خسر الشياطين أمام الريدز بعد انتهاء هدنة «أيام الفيفا»، سيرحل سولشاير، ويترك فريقه على بعد خطوات قليلة من مثلث الهبوط، في واقعة تاريخية نادرة، تُعَبّر عن حال كبير الكرة الإنجليزية، الذي بات تاريخاً، يرويه مشجعوه وهم يتحسرون على عمالقة الزمن الماضي، فمن يُصدّق أن مانشستر يونايتد يبتعد عن قمة البريميرليج، بفارق 15 نقطة بعد 8 جولات فقط، ويحتل المركز الثاني عشر في جدول الترتيب، وفي منافسات يوروبا ليج، قدّم الشياطين صورة باهتة للغاية، في مجموعة ضعيفة المستوى، بينما أحرج روكدال، فريق الدرجة الثالثة، عملاق أولد ترافورد في كأس الرابطة، الذي احتاج إلى ركلات الترجيح، لبلوغ الدور الرابع!
وعلى الجانب الآخر من القارة الأوروبية، يخوض إرنستو فالفيردي معركة مختلفة تماماً، يخشى خسارتها في النهاية، لأن جماهير الإقليم الكتالوني، لن تقبل بإقصاء أوروبي مشابه، لما حدث في الموسمين الماضيين، بعد هزيمة غريبة بثلاثة أهداف أمام روما في إياب ربع نهائي نسخة 2017/‏‏‏‏2018، برغم الفوز ذهاباً بنتيجة 4/‏‏‏‏1، قبل أن يتكرر الأمر، بصورة فادحة، على يد ليفربول، الذي سحق البارسا برباعية، بعد ثلاثية كامب نو النظيفة، وصحيح أن المدرب الإسباني حصد مع البلوجرانا خلال موسمين، 4 بطولات محلية، بينها ثنائية الليجا المتتالية، إلا أن هذا الحصاد لم يعد يكفي عشاق برشلونة، الباحثين عن استعادة لقب دوري الأبطال، الغائب منذ 5 سنوات، خاصة أن نتائج الفريق في الليجا خلال بداية الموسم الحالي، هي الأسوأ للبلوجرانا في السنوات الأخيرة.

عطل الماكينات وريال زيدان
تتشابه حالتا لوف وزيدان كثيراً، لأن كليهما حقق إنجازات عالمية كبرى، مع المنتخب الألماني وريال مدريد، على الترتيب، لكن يرى البعض أن استمرار الأول مع الماكينات، بعد الإقصاء المُذل من مونديال روسيا، كان خاطئاً تماماً، لاسيما أن إصرار لوف على اللعب ببعض الأسماء، التي فقدت الكثير من بريقها، والتراجع عن تجديد الدماء الناجح، الذي أهدى الألمان كأس القارات في عام 2017، أثبت أن صاحب الـ 59 عاماً، لم يعد لديه الكثير ليقدمه، وهو ما تأكد بسبب النتائج المخيبة التي حققها «المانشافت» في نسخة دوري الأمم الأوروبية الأولى، ثم جاءت الهزيمة على يد الطواحين الهولندية، في إطار التصفيات المؤهلة إلى يورو 2020، بنتيجة 4/‏‏‏‏2 في هامبورج، وتلاها أزمة حراسة المرمى بين نوير وشتيجن، لتثير القلق حول مستقبل الماكينات تحت قيادة لوف، وهو ما يحدث حالياً بصورة مختلفة بعض الشيء مع الفرنسي الأسطوري، زيزو، الذي حطم الأرقام القياسية وصنع المعجزات في فترته التدريبية الأولى مع الملكي الإسباني، ليقرر بذكاء الابتعاد في أفضل توقيت، وهو فوق القمة، انتظاراً لخوض مغامرة جديدة في مكان آخر، لكنه فاجأ الجميع بالموافقة على العودة مجدداً من أجل قيادة الميرنجي، وسط أزمات كثيرة، لم يتجاوزها البلانكوس حتى الآن، بعد عدم حصول زيدان على بعض النجوم، الذين أراد ضمهم إلى صفوف فريقه في بداية الموسم الجاري، وبعد نتائج غير جيدة على الإطلاق، على المستوى الأوروبي، وبرغم احتلاله صدارة الليجا حالياً، فإن الوضع لا يبدو مستقراً، في ظل تقارب عدد النقاط بينه وبين غريميه، برشلونة وأتلتيكو مدريد، على الترتيب، وربما يكون كلاسيكو الجولة العاشرة، حاسماً في قرار إدارة الريال، باستمرار زيزو أو رحيله.