مزيج من تقاسيم موسيقية وكلمات منتقاة بعناية، احتوى على جرعة فنية وأناشيد راقية قدمها مسرح كاسر الأمواج بأبوظبي للجمهور ليلة أمس الأول، خلال الاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج الذي نظمه مركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام، وأحياه الفنان وائل جسار مع فرقته، وتضمن أغنيات جديدة من ألبومه الذي حمل اسم «حضرة المحبوب» وهو حافل بالقصائد التي تتغنى بكريم الشمائل التي تمتع بها أشرف الخلق صلى الله عليه وسلم، ومواقفه النبيلة مع صحبه الكرام أثناء العهد النبوي. مع ترقب الجمهور العاشق للفن الجميل أطل على خشبة المسرح وائل جسار مع أنشودة«قلبك حنين يا نبي» وهي واحدة من أغنياته التي حققت انتشاراً ونجاحاً في أنحاء العالم العربي، وصنعت لوائل جسار مكانة فنية خاصة في قلوب محبيه ومتذوقي الفن الراقي. صدق الأداء وبعد هذه الافتتاحية الجميلة خاطب جسار جمهوره شاكراً إياهم على تفاعلهم معه، وشكر سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، على رعايته الكريمة لمثل هذه الفعاليات والاحتفالات ذات الطابع الديني، التي يتشوق الجمهور للاستمتاع بها ويحرص على التواجد فيها باستمرار. تالياً تغنى جسار بأنشودة بدأت كلماتها بـ «آخر ساعة في الدنيا وأول ساعة في الأخرة»، تناول فيها لحظات وفاة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، مصوراً إياها على أجمل ما يكون التصوير الفني، بحيث استطاع توصيل معانيها الطيبة إلى الجمهور بفعل أداءه الصادق المتناغم مع ألحان فرقته الموسيقية. بسم الله، ما شاء الله، صلوا على سيدنا المختار، كانت الأغنية التالية وتحدثت كلماتها عن العلاقة الأبوية الجميلة التي كانت بين الرسول الكريم وبين خادمه أنس بن مالك والذي أصبح من أشهر رواة الحديث الشريف بعد ذلك، والذي دعا له الرسول «اللهم أكثر ماله وولده وبارك له وأدخله الجنة»حديث شريف، ليوضح للبشرية جمعاء كيف ينبغي أن تكون العلاقة والمحبة مع المحيطين بنا أيا كان وضعهم الاجتماعي حتى لو كانوا عمالاً أو خدماً لنا، فينبغي أن نعاملهم بالرحمة والحب تأسياً بأخلاق أشرف الخلق محمد صلى الله عليه وسلم. وانتقل جسار إلى محطة غنائية أخرى حملت عنوان«حضرة المحبوب»، تناول فيها بعض من صفات الرسول الكريم والمبادئ الإنسانية العظيمة التي عمد على إرسائها في نفوس المسلمين ليبلغوها للعالم كافة على مر السنين سيراً على نهج الرسول الكريم الذي وضعه له سبحانه وتعالى وأمر كل الخلائق أن تسير عليه وتنتهج به. على القرآن والسنة أعقب ذلك أغنية«ملح دارنا» وشهدت تجاوباً جميلاً بين الحضور بألحانها الميزة التي خلقت أجواءً ممتعة بين الحضور وجعلتهم يستشعرون معان جميلة وسامية عن الرسول وصحبه الكرام، ومع الحضور الباسم والجميل لوائل جسار ازدادت الليلة المحمدية ألقاً وبهاءً وانتشى الحضور بروائع النغم وعذب الكلام الذي كان منه أنشودة«في عام الحزن»التي عبرت عن الصراع الأبدي بين الخير والشر مستعرضاً عبر كلمات الأغنية ما تعرض له الرسول صلى الله عليه وسلم، في هذا العام من أحداث ألمت به، كما عكست معاني الرحمة وتسامحه مع أهله وطلبه الغفران لهم بالرغم من الأذى الذي قد سببوه له ومحاولتهم إيقاف الدعوة الإســـلامية ووئدها في مهدها، غير أن الله سبحانه وتعالى كافئه على صبره الجميل برحلة الإسـراء والمعراج التي لم ينل مثلها أي من الأنبياء والرسل. فيما كانت أنشودة، على القرآن والسنة، تحمل إطلالة على قوة الرابط بين الرسول الكريم والفاروق عمر بن الخطاب، وكيف كان حب الفاروق للرسول الكريم، وحرصه على الالتزام بنهجه صلى الله عليه وسلم، وكيف كان إسلامه علامة فارقة في تاريخ الدعوة الإسلامية وبإسلامه تم الجهر بالدعوة، دون خشية من ظلم وبطش أعداء الإسلام آنذاك. كحيل العين نبينا الزين كانت بداية لكلمات أغنية جميلة تحدثت عن حب الرسول«صلى الله عليه وسلم»لأحفاده ومداعباته لسبطيه الحسن والحسين، و كيف كان هذا الحب مدرسة تعلمت منها البشرية على مر العصور كيف يتعاملون مع الآخرين برحمة ورفق خاصة مع ذوي القربة صغاراً كانوا أو كباراً. ملح دارنا ثم كان مسك ختام الليلة المحمدية مع ترديده لأنشودة«يا ملح دارنا» مرة أخرى لتلتهب الأيادي بالتصفيق والحناجر بالصيحات المعبرة عن الإعجاب بما قدمه المطرب اللبناني في هذه الأمسية الغنائية الفريدة، والتي اصطبغت بألوان الحب والجمال في حب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وصحبه الأُوّل. وقال حبيب يوسف الصايغ مدير عام مركز سلطان بن زايد للثقافة والاعلام ان استضافة المركز لهذه الفعالية وفي ذكرى الإسراء والمعراج يأتي في إطار المسؤولية المجتمعية ومفهوم الثقافة الشامل التي يضطلع بها المركز بتوجيهات كريمة من سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، رئيس المركز، وبما يخدم استراتيجية دولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله. وأضاف أن هذه الأمسية تهدف إلى تقديم فن راق تعليمي يتصل برسول الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام ، ويخاطب عقل ووجدان الشباب والصغار. إلى ذلك أدلى وائل جسار بتصريح عبر فيه عن شكره العميق لإمارة أبوظبي ودولة الإمارات على اهتمامها الكامل والدعم المستمر لمثل هذه المهرجانات الفنية ذات النكهة الخاصة، والتي تقام في مناسبات نجلها ونقدرها مثل الإسراء والمعراج، وهي مناسبة عظيمة على كل مسلم في أرجاء الأرض ليس فقط في المنطقة العربية. وأشاد بجهود القيمين على هذا الحفل ورعايته وعلى رأسهم سمو الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة، الذي يدعم دائما كل ما هو جميل وراق من الفنون ويدعو إلي إبرازه على أفضل ما يكون، خاصة إذا ارتبط هذا النشاط بمناسبة دينية عظيمة مثل الإسراء والمعراج في سياق مواز قال جسار إن إقدامه على أطلاق ألبوم حضرة المحبوب جاء بناء على ما لمسه من اشتياق الجمهور لسماع مثل هذا اللون الغنائي المميز، وعلى الرغم من تخوف شركات الانتاج الغنائي من مجرد تقديم أغنية دينية واحدة، إلا أن نجاح تجاربه السابقة مع الغناء الديني شجعته على خوض هذه التجربة التي يتوقع أن تحقق نجاحاً كبيراً وتترك صدى طيب عن المستمعين والجمهور. وعبر جسار عن تقديره لكل من ساهم في إنجاز هذا الألبوم وبذل فيها مجهوداً حتى يخرج إلى الجمهور بالشكل الذي يرضيهم، ومنهم الشاعر نبيل خلف والملحن وليد سعد بالإضافة لكل الموزعين الذي شاركوه الألبوم. حسن الاختيار وأكد جسار أن حسن الاختيار يلعب دوراً كبيراِ في هذا النجاح من حيث انتقاء الكلمات والألحان، ويأتي قبل ذلك توفيق الله سبحانه وتعالى كون الله إذا أحب عبداً حبب فيه عباده، وهي من أجمل النعم التي يمكن أن يتمتع بها أي شخص في هذا الكون وليس الفنانين وحدهم. ذكرى عزيزة ومن الجمهور تحدث مدرس اللغة العربية مروان الصافي، مبدياً امتنانه للقائمين على هذا الحفل المبارك الذي أقيم بمناسبة ذكرى عزيزة طيبة على قلوب المسلمين في جميع بقاع الأرض، وقال إن الحفل يأتي في سياق تقديس هذه المناسبة الغالية التي تم خلالها الربط بين الأديان ودعت إلى وحدة المكان والزمان، وربط قبلة المسلمين الأولي بالمسجد الحرام، ليعطي القيمة للمسجد الأقصى وليحمل جميع المسلمين أمانة الرعاية والعناية بأولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين، وكل ذلك يأتي في إطار فني جميل ومبدع يؤدي فنان محبب إلى قلوب عشاق الفن الجميل الراقي الذي يتجلى دائما في كافة أعمال وائل جسار والتي تغنى بالكثير منها على خشبة مسرح شاطئ الراحة. وقال محمد كساسبة مدرس الفيزياء إن الاحتفاء بهذه المناسبة العظيمة ليست بالغريبة على دولة الإمارات، فهي تشارك العالم أجمع جميع المناسـبات الدينية وذلك دليل على إيمانهم وإدراكهم لقيمة وعظمة هذا الدين، كما أن إقامة حفل بهذه الروعة وبلا أي تكلفة على الجمهور وفتح أبواب المسرح بشكل مجاني، يصب في نهر الخير الكثير الذي تفيض به دولة الإمارات على القاص والدان سواء كان مقيماً في الدولة أو زائراً عابراً لها، فضلاً عن أيادي الخير الممدودة من الإمارات إلى بلدان العالم كافة. العطاء الصادق ذكر الفنان وائل جسار أن نجاحه في كافة ما يقدمه يعتمد على الصدق في اختياراته للأغاني والأناشيد التي يؤديها، مؤكداً أن الفنان يجب أن يكون صادقاً في عطائه، وعندما يحدث ذلك يصل ما يقدمه إلى الناس بطريقة صادقة وبالتالي تنشأ المحبة المتبادلة بين الفنان وجمهوره.