خالد الجنيبي: بعض المصممين يخطئون في حق العباءة
شغفه بالألوان والخطوط واللوحات الفنية، قاده إلى عالم آخر أكثر حركية وجدلاً، عالم كان إلى زمن قريب حكراً على النساء، فاقتحمه الرجال أيضاً، ليثبتوا جدارتهم في إضافة لمسات خاصة بهم على هذا العالم، وعلى الرغم من كون أعداد من اقتحموه محدودة، لكن تظل إبداعاتهم تخلق بصمة رجالية في عالم يتقنه النساء، من هؤلاء المصمم الإماراتي خالد الجنيبي الذي قدم عرضه الأول بمجموعة “السيدة الراقية”، ضمن العرض المخملي الرابع عشر الذي نظم مؤخراً في أبوظبي.
يقول خالد الجنيبي، عن رسالته وهدفه في الحياة، وعن عالم الموضة وقصات العباءات وألوانها المختلفة: هذه تعتبر أول مرة أعرض فيها عرضاً خاصاً، إذ قدمت تشكيلة من مجموعتي الأولى تحت عنوان “السيدة الراقية”، واخترت أن تحمل رسالة للمرأة على أنها يمكن أن تكون راقية بلمسة بسيطة من دون تكلف، وقد زاوجت في هذه المجموعة بين الماضي والحاضر، مستلهماً عبق التراث الإماراتي من تلي وعقال رجالي، وغيرهما، ليضفي لمسة خاصة على بعض القطع، وليضفي تميزاً على مجموعتي، ومن جهة أخرى أحاول أن أجد لنفسي خطاً أسير عليه وبصمة خاصة بي، بحيث كل من تقع عينيه على قطعة من تصاميمي، يعرف أنها من بنات أفكاري.
شغف الألوان والخطوط
يقول الجنيبي إنه اختار اسم “السيدة الراقية” لتحمل رسالة للمرأة الإماراتية، تؤكد أنها قد تكون مميزة، بل متألقة بأبسط اللمسات، ويضيف: يمكنها ذلك من دون أن تحمل الفساتين التي ترتديها الكثير من الشواريفسكي، والترتر، وغيرها من التطريزات الكثيرة والأكسسورات، بحيث يمكنها التألق بأقل تكلفة، وأعرب الجنيبي عن سعادته الكبيرة بمشاركته لأول مرة في معرض بأبوظبي. موضحاً: شاركت في أربعة معارض جماعية، وتعتبر هذه أول مرة أقدم فيها عرضاً منفرداً.
ويضيف الجنيبي أن شغفه بالموضة والتصميم جعله يحول هوايته إلى مهنة بعد أن طور نفسه في هذا المجال، ويقول: شغفي بالألوان والخطوط يرجع إلى زمن بعيد، بحيث رسمت العديد من اللوحات الفنية، وشاركت في العديد من المعارض، داخل الدولة وخارجها، كما درست فن الديكور الداخلي، وعندما سمعت عن إمكانية دراسة التصميم، والحصول على شهادة الدبلوم، فإنني لم أتردد وقمت بالتسجيل في كلية الخوارزمي التي تمنح شهادة في هذا الإطار، وبالفعل حصلت عليها. ويرى الجنيبي أن هناك قاسماً مشتركاً يجمع كل هذه الفنون، بحيث يمكن للفرد، الإبداع فيها بالمستوى نفسه، ويقول أيضاً، إن تصميم الأزياء يجمع كل هذه الفنون، الرسم، والألوان، والتصميم الداخلي، فهو فن مملوء بالتحديات كونه يشهد منافسة كبيرة، وتجدداً سريعاً.
نظرة الناس
يرى الجنيبي أن عالم التصاميم ليس حكرا على النساء فقط، بل يرى أنها مسألة إبداع، والإبداع في نظره لا يقتصر على المرأة من دون الرجل أو العكس في أي من المجالات، بل إن هناك من الرجال من تفوق على النساء في هذا الإطار، ويضيف في السياق نفسه “أنا شغوف بهذا العمل، وأحاول أن أضع خطاً خاصاً بي، ولا أخفي أنني كنت خائفاً في بداية مشواري، من نظرة الناس، ومن مدى تقبلي من طرف المجتمع، لكن تشجيع الناس المقربين لي، وأصدقائي وأهلي جعلني أتقدم لخطوات أكبر، وشجعني على البحث عن موقع لي في هذا العالم، ولإجلاء الخوف شاركت في أحد العروض الجماعية بقطعتين فقط، لقياس مدى تقبلي من طرف المتلقي، وبعدها جاءت الانطلاقة”.
سر العقال والتلي
قدمت تشكيلة متنوعة مازجت فيها بين التقليدي والعصري، فأدخلت على الستايل الأوربي العقال والتلي، هذا ما يقوله المصمم خالد الجنيبي، والذي يرغب في وضع لمسة يعرف بها في عالم التصاميم، ويضيف في السياق “سبق لإحدى الجهات المهتمة بعالم الموضة، أن أقامت مسابقة لأفضل المصممين المبتدئين، وتم اختياري من بين 100 متسابق، بحيث تميزت بوضع العقال كتراث إمارتي في الفساتين، ومن المتعارف عليه أن هذه الأشياء خاصة بالرجال فقط، وهي تعبر عن العزة والشموخ، وقلت إنها تزيد المرأة عزة وشموخاً أيضا، وقررت إضافتها لتعطي تميزا لتصاميمي، وتظهر أن الرجال أيضا مبدعون في هذا المجال، كما رأيت إدخال التلي في الأزياء والفساتين ولو بلمسة بسيطة، وذلك كرسالة، للحفاظ على التلي”.
جرأة الألوان
ويتحدث الجنيبي عن الألوان التي اكتسحت السوق هذه السنة وتم إدخالها في العباية أيضا، قائلا إنها موجة الألوان الفاقعة، المتداخلة، وهي ألوان مستوحاة من ملابس دول شرق آسيا، والتي تتميز بتعدد الألوان، واستعمال إكسسوارات معينة، كما أن موجة “الهيب هوب”، حتى عند العنصر الرجالي لها دور في الإقبال على نوع معين من الموضة، على الرغم من أن الملابس تبدو غير متناسقة ولا منسجمة مع بعضها البعض، ويوجه الجنيبي رسالة في هذا الجانب للشباب ويقول: لكل مكان لباس معين، ولكل بلد خصوصية، لهذا لا يجب الانسياق الأعمى خلف الموضة، فلابد أن نأخذ الأشياء التي نريدها، ونتجنب التي لا تتلاءم معنا.
العباءة في خطر
يقول الجنيبي موجهاً النقد لبعض التصاميم: مع احترامي لكل المصميمن، أقول إن بعضهم تسبب في تدمير العباءة، ويهدد وجودها، موضحاً أن العباءة هي لباس تراثي، يجب أن تحتفظ بخصوصيتها، ويضيف أن العباءة في بلدنا الإمارات لها مغزى معين، ولها بعد حضاري، وهدفها ستر المرأة، أما اليوم فأصبحت أكثر من فستان، سواء من حيث قصاتها، أو الألوان التي تدخل عليها، كما أن هناك من يتباهى بالعباءة ذات القصة القصيرة التي تلبس مع الجينز أو الملابس الضيقة، ونرى أيضاً عباءات شفافة، ويزيد قائلا: يجب أن نحترم الزي الإماراتي، ونطوره، ولكن شرط أن نحتفظ بخصوصيته.
ويبدي الجنيبي تخوفه من أن تنتقل عدوى التطوير والتحديث للكندورة الرجالية ويقول في هذا الصدد: ما زال التحديث بعيدا عن الكندورة الرجالية، ولكن هناك من المصممين من أصبح يدخل تعديلات على الكندورة، خاصة بالنسبة للشباب والمراهقين، لمواكبة موضة العصر، فالشباب يحبون كل ما هو جديد من صرعات الموضة، لكن الخوف أن يلحق بها ما يلحق بالعباءة اليوم، والتي تعرضت إلى تحديث.
تراثنا والموضة العالمية
يوضح الجنيبي أن العالم بات قرية صغيرة، لهذا بدأت تطرأ تغيرات كثيرة على الزي الإماراتي من خلال الاحتكاك بخطوط الموضة العالمية وألوانها، ويضيف “أرغب دائماً بأن يكون هناك هدف من عملي، بحيث أدخل فيه الأكسسوارات الإماراتية، لنقول إن تراثنا جميل ويمكن مزجه بالموضة العالمية، ويعطي رونقاً خاصاً، ويوضح أن المؤثرات الخارجية لها دورها في تغيير أفكار الجيل الجديد فيما يخص الموضة، ويوضح: الإنترنيت والقنوات الفضائية، وسوق الموضة الجديد جعل الاختيارات مفتوحة ومتعددة أمام المتلقي وخاصة المراهقين، لهذا يجب إرضاء أذواقهم، من دون أن يشعروا بأنهم في معزل عن العالم.
الوصول إلى العالمية
يحلم الجنيبي بالوصول للعالمية، ويقول في هذا الصدد “أحاول أن أرسم خطاً معيناً، وخاصاً بي، وأتمنى أن أصل إلى العالمية، لأنقل ثقافة الإمارات إلى كل أنحاء الدنيا، ولذلك فإنني أسعى وأجتهد، ويحركني حبي لهذا المجال وشغفي به، لمعرفة المزيد عنه من خلال الاطلاع والبحث والمشاركة في المعارض بالداخل والخارج.
المصدر: أبوظبي