دينا محمود (لندن)
كشفت مصادر إعلامية غربية النقاب عن أن عناصر من «فيلق القدس» التابع لقوات الحرس الثوري الإيراني، مسؤولون على الأرجح، عن سفك دماء عدد كبير من ضحايا الاحتجاجات العارمة التي شهدها العراق منذ الأول من أكتوبر، وشهدت مقتل 110 أشخاص على الأقل وجرح آلاف آخرين. وقالت المصادر في تقرير نشره موقع «إيران فوكَس» الذي يتخذ من المملكة المتحدة مقراً له، إن المرشد الإيراني علي خامنئي أمر بإرسال وحدات من «فيلق القدس» الذي يقوده قاسم سليماني، إلى العراق للمشاركة في عمليات القمع الوحشية التي تعرض لها المشاركون في الحراك الشعبي غير المسبوق، للتنديد بتفشي الفساد وتفاقم الأزمات المعيشية، وعلى رأسها البطالة.
وأشارت المصادر إلى أن الكثير من الإفادات التي وردت على ألسنة العراقيين، أكدت أن العناصر التي مارست القمع بحقهم، كانت تتحدث اللغة الفارسية، وتحاشت في عدد كبير من المرات التفوه بأي كلمة، وذلك كي لا يتمكن العراقيون من التعرف على هويتهم. ونقل التقرير عن المصادر قولها: «إن كل الأدلة المتوافرة تؤكد أن مسارعة النظام الإيراني لإرسال فيلق القدس إلى العراق، استهدفت الحيلولة دون أن تؤدي الاحتجاجات التي خرجت هناك، إلى تغير الوجه الجيوسياسي للمنطقة بأسرها، في ضوء أن طهران تعتبر العراق أحد أهم عناصر سياستها الخارجية، وجزءاً رئيسياً من محاولاتها لتوسيع نطاق هيمنتها على الشرق الأوسط، وكذلك للهروب من قبضة العقوبات الغربية المفروضة عليها حالياً».
وأوضحت أن هذه الأسباب «جعلت النظام الإيراني يقوم بكل ما في وسعه لمنع فقدان السيطرة على هذا الموقع الاستراتيجي، خاصة أن نطاق التظاهرات والانتفاضات التي شهدها العراق هذه المرة، بدت مختلفة بشكل جذري عما وقع قبل سنوات مضت، بمشاركة مئات آلاف العراقيين من المحرومين والمقموعين والمضطهدين الذين مزقت حياتهم الحروب». وأضاف التقرير أن هذا الاختلاف يتمثل في أن من تدفقوا على الشوارع في العراق على مدار الأيام الماضية، أشاروا بأصابع الاتهام إلى إيران وقالوا إنها السبب في كل ما يمرون به من بؤس، في تأكيد على مسؤولية هذا النظام عن الأزمات التي تعصف بالعراق سياسياً واقتصادياً منذ خمس سنوات على الأقل.
وبحسب التقرير، لم يكن مستغرباً في مثل هذه الأجواء أن تكون غالبية القوات التي استهدفت المحتجين في الشوارع، من «مرتزقة إيران»، لا سيما أن الموقف الحرج الراهن في العراق سيؤدي إلى نتائج حرجة كذلك بالنسبة للسلطات الإيرانية، وسيشكل نقطة تحول على الصعيد الإقليمي في الوقت ذاته. لكن موقع «إيران فوكَس» شدد في التقرير الذي حمل عنوان «إيران تخشى من خسارة دور الشطرنج الحالي في العراق»، على أن الاضطرابات السياسية والاجتماعية الجارية بوتيرة متسارعة في هذا البلد والتي أصبحت محط الأنظار في الشرق الأوسط بأسره، ستتواصل رغم كل ما ترتكبه إيران وأذرعها هناك من جرائم.
وأوضح أن أحدث الأنباء والتقارير المصورة، تُظهر أن العراقيين لا يعتزمون العودة إلى منازلهم وترك الشوارع رغم التهديدات والقمع الذي يتعرضون له من جانب الحكومة والمرتزقة العاملين لحساب إيران في العراق. وشدد على أن النظام الإيراني يسعى بالتوازي مع حملته القمعية هذه ضد المحتجين العراقيين، إلى شن حملة سياسية وإعلامية ودعائية لتصوير الشعب العراقي على أنه متمرد أو أجير للدول الغربية، قائلاً: «إن هذه الأساليب المشينة التي اعتادتها طهران على مدى أربعة عقود لا تختلف عن تلك التي اسْتخدمت من قبل ضد الإيرانيين أنفسهم، الذين لا يكفون عن الانتفاض ضد نظام الحكم الديكتاتوري في وطنهم».
وأبرز التقرير المزاعم التي ترددها وسائل الإعلام التابعة لخامنئي؛ بهدف تشويه صورة الحراك الاحتجاجي في العراق، عبر الزعم بأنه ليس إلا أعمال شغب، تستهدف تقويض العلاقات العميقة والودية بين العراق وسوريا، والتي تثير الخوف في نفوس دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، بحسب ادعاء صحيفة «كيهان» الحكومية الإيرانية التي فضحت استغلال النظام الإيراني للجار العراقي، للتحايل على التدابير العقابية المفروضة عليه في الوقت الحاضر، قائلة: «إن العراق يقدم مساعدات عظيمة وجمة، فيما يتعلق بالتهرب من هذه العقوبات الاقتصادية». ووصفت الاحتجاجات الحالية بأنها «محاولة لإغلاق أحد أهم الملاذات الاقتصادية بالنسبة لإيران».
إلى ذلك، أعلن قائد الوحدات الخاصة التابعة لقوى الأمن الداخلي الإيراني، العميد حسن كرمي عن إرسال قوة مكونة من 7500 عنصر إلى العراق، بزعم حماية «مراسم أربعين الحسين»، وقال كرمي الذي تتولى قواته مسؤولية مواجهة الاحتجاجات مع إيران، في مقابلة مع وكالة «مهر» الحكومية «إن أكثر من 10 آلاف من أفراد القوات الخاصة يتولون مسؤولية حماية مراسم الأربعين بشكل مباشر، بينهم 7500 يتواجدون بشكل مباشر، وهناك 4000 عنصر احتياط». وكشف أن 30 ألف شرطي يشاركون في حماية المسيرات الممتدة من إيران إلى داخل العراق لحماية «مسيرات أربعين الحسين». وقال «إن الجزء الأصعب الذي تتولى حمايته القوات الخاصة الإيرانية هو الاكتظاظ بمسافة 10 إلى 15 كلم من الحدود». وأضاف: «نقوم بعمل استخباراتي قوي للغاية، ولدينا عناصر في الحشود للسيطرة على الوضع».