تعتبر السيدة سهيلة حسين الخزعلي، إحدى أوائل الإماراتيات اللواتي اقتحمن مجال صناعة السجاد في الدولة ونافست بصناعتها المحلية وحققت وجوداً ملحوظاً في مجال هوايتها المتميزة وصناعتها المتسمة بالحرفية العالية. وكان عملها في مجال «نسج السجاد» تتويجاً لمجموعة مواهب إبداعية وفنون يدوية تمتعت بها من بينها: الحياكة والتطريز وخياطة سلال الحلويات والورود. لكنها تألقت في مجال صناعة السجاد وعملت على تطويره بكل ما تملك من أدوات ووسائل إلى جانب موهبتها. تلفت سهيلة الخزعلي الانتباه خلال نسج أناملها للسجاد المصنوع بحرفية، فيما تضع قطعا من سجاد سبق أن صنعتها سابقا إلى جوارها على الأرض لتشهد على عملها المتقن وقطعا أخرى تعلّقها في إحدى زوايا المعرض الذي أقيم مؤخراً في أبوظبي، فيما سيماء وجهها تؤكد طموح المرأة الإماراتية وجديتها في إجادة العمل. بداية المشوار استهلت الخزعلي مشوارها المهني عن طريق أعمال الفنون اليدوية، تقول في ذلك: «بدأت مشواري العملي من خلال صناعة أزهار من السيراميك والنحاس، وتعلمت كذلك أصول الحياكة والتطريز لأحترفهما فيما بعد، إذ أصبحت أحيك الملابس من جلاليب وجاكيتات وغيرها من الملابس النسائية والرجالية وحتى تلك الخاصة بالأطفال، إضافة إلى خياطة وعمل سلال الحلويات والورود التي كنت أوزعها على مختلف المحمصات المنتشرة في إمارة عجمان، وبعد نجاحي وانتشار أعمالي في الأسواق انتقل نشاطي إلى باقي إمارات الدولة وفي مقدمتها أبوظبي ودبي والشارقة». وحول أولى مشاركاتها في المعارض الرسمية ومن بينها معارض كانت ولازالت تقيمها المدارس، تقول الخزعلي: «كانت بداية تواصلي مع الناس وعرض منتجاتي عليهم من خلال مشاركتي في معرض أقامته مدرسة أبو ذر الغفاري بإمارة عجمان، وكان أبنائي يدرسون بها، فأطلعت المعلمات والمديرة على مشغولاتي اليدوية فأعجبتهن وشجعنني على المشاركة في المعرض، ولاقت إعجاب أولياء أمور الطلبة، ومن يومها أحسست أن لدي رسالة لابد أن أوصلها لأبناء وبنات بلدي الحبيب». نسج السجاد بعد الشهرة التي اكتسبتها مصنوعات الخزعلي اليدوية، رأت أنه لابد من أن تبرز المرأة الإماراتية أكثر فأكثر، فوجدت أن السجاد يستورد من الخارج ويباع بأثمان باهظة متسائلة عن سبب عدم دخول هذه الصناعة المجال المحلي، تقول في ذلك: «بعد أن تدربت على صناعة السجاد وتعلمت نسجه جيداً، انطلقت برحلاتي وأسفاري إلى الهند وإيران كي أقتني خيوط الصوف والحرير، وأختار ألوانها بنفسي، وخصصت مساحة في مجلس بيتي لتحويلها إلى ورشة عمل، واستقطبت عدة عاملات، حتى أنني أشركت أفراد أسرتي من النسوة اللواتي لا يمارسن أي مهنة أو وظيفة وعلمتهن طريقة حياكة ونسج السجاد، فكونت فريق عمل لابأس به وبدأنا ننجز قطع سجاد جميلة». تضيف: «تتدفق اليوم علي الطلبات من مختلف الجهات والعائلات بقصد حياكة سجاد يرضي أذواقهم التي تختلف بين شخص وآخر، كل بحسب مفروشات منزله وألوانها التي يفترض أن يناسبها السجاد المطلوب.. ولو كانت لدي الإمكانيات المادية التي توفر لي مصنعا متخصصا بآلاته وعاملاته لنافست كبار تجار السجاد وأبرزت لهم صناعتنا المحلية ومستواها الرفيع». تصاميم متنوعة حول نقوش وتصاميم السجاد الذي تنجزه الخزعلي، تقول: «استلهم أفكار النقوش من ذائقتي الذاتية ومن الطبيعة والكتب التاريخية ومجلات الأطفال التي تحوي الكثير من الرسوم اللطيفة، حيث أجد أن تلك الصور والمناظر مليئة بالألوان الزاهية التي تبعث على الأمل والحياة وكذا الراحة النفسية». وبعد سنوات على نجاح مشروعها وازدهار عملها عادت الخزعلي مجددا لتشارك سنويا بقوة في مختلف معارض السجاد التي تقام في أبوظبي وعجمان والشارقة، وأصبح لها زبائن كثر، تقول: «يعتبر معرض أصفهان من أكثر المعارض التي تحرص على اقتناء قطع السجاد التي أصنعها في البيت، وهناك تجار كبار في عالم «منسوجات السجاد» شجعوني عند بداياتي الأولى ويشجعونني دائما عبر اقتناء منتجاتي كوني أول إماراتية تصنع السجاد بيديها، ولربما هناك مواطنات غيري ينسجن السجاد لكنني لا أعلم بشأن وجودهن». معادلة صائبة تسترسل مضيفة: «أشارك بمنتجاتي من السجاد في المراكز الصيفية المقامة في مختلف ربوع الدولة، كما أن قائمة من المدارس الإعدادية تبعث لي مجموعات من الطالبات كي يطلعن على كيفية عمل السجاد على أمل أن يتعلمن أساسيات المهنة ليمارسنها، فأكون بذلك قد أسهمت ولو بالشيء البسيط في نشر هذه الحرفة ودفع الصناعة المحلية إلى الأمام». تستلزم صناعة ونسج السجادة -بحسب الخزعلي- عملا يتراوح بين شهر إلى أربعة أشهر، تقول موضحة: «يتقرر الزمن الذي يتطلبه إنجاز سجادة تبعا لحجمها وشكل تصميمها وتعداد ألوانها ومكوناتها إما صوفية أو حريرية، وقد ألجأ في بعض الأحيان إلى مزج الصوف مع الحرير فتكون النتيجة مبهرة وأكثر تميزا، أما العمل اليومي فيستمر خمس أو ست ساعات». وعن سبب تحولها عن هوايتها في خياطة وتطريز العباءات، تقول: «دخلت على حياكة العباءة الإماراتية تطورات وتصاميم كثيرة غيرت مفهومها القديم الذي كان يعبر عن الحشمة والحياء والوقار، لتصبح في أحيان كثيرة مجرد ثوب أو رداء يحاكي خطوط الموضة، وافتقدنا التلي والتطريز التراثي القديم». ولاتنسى الخزعلي أن تشير بحب إلى أن وطنها أعطاها كل شيء، تقول: «خير بلدي سابق علي وعلى المواطن والمقيم، والجهات الحكومية تدعمنا دائما، فلم لا نرد جزءاً ولو بسيطا لهذا البلد الطيب، خاصة ابنة الإمارات عليها أن تبرز أكثر في كافة مجالات العلم والعمل، إذ تقول معادلتي وقاعدتي الصائبة التي أعمل بها دائما «الموهبة+ الحرفة+ الخبرة+ الإرادة = صناعة إماراتية ناجحة». إضاءة - تعمل حاليا سهيلة الخزعلي على حياكة سجادة تحمل صورة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، وسجادة أخرى بألوان علم الإمارات. كي تبرزهما في مختلف الفعاليات والمعارض التي تشارك بها، قائلة للعالم بأسره: هنا الإمارات، ونحن قادرات على صناعة مختلف المنتجات محليا وبمستوى عال لأننا نملك الأفكار والإبداع والعزيمة!