ضمن برنامجها المعني بتطوير الملكات الإبداعية لدى فئة الشباب، وخصوصاً فيما يتعلق بالفنون المسرحية، نظمت ناشئة الشارقة التابعة لمؤسسة: (ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين) ورشة مسرحية بعنوان: «من النص إلى الخشبة» أشرف عليها الفنان والمخرج المسرحي مرعي الحليان، وأفرزت عرضاً مسرحياً محكماً حمل عنوان «أيام سمنهرور».
وحول الورشة وأهدافها ومخرجاتها الفنية والأدائية، تحدث الفنان مرعي الحليان لـ«الاتحاد» مشيراً بداية إلى أن ورشة مركز واسط (من النص إلى الخشبة) تأتي ضمن التعاون المشترك بين إدارة ناشئة الشارقة، والهيئة العربية للمسرح، وهي من ضمن مجموعة ورش نظمتها مراكز ناشئة الشارقة واستضافت عدداً من الناشطين المسرحيين المحليين والعرب.
وعن الاستعدادات التي سبقت العرض، قال الحليان: «انطلقت الورشة منتصف شهر رمضان الماضي، وكان أمامي 14 فتى منهم من اشترك في ورش سابقة، ومنهم من يعتلي الخشبة للمرة الأولى، كان علي في البداية أن اقترب من قدرات هؤلاء الفتية، وبالتالي قررت تطبيق بعض تمارين البايومكانيك، وهي ضمن منهج مايرهلود التي تستهدف استنطاق الجسد عبر التمثيل ليكون أكثر قدرة على الأداء الحركي والتعبيري على الخشبة».
مضيفاً: «بعد مرور أسبوعين، كنا نبحث عن نص يلائم فئتهم العمرية، ووجدنا ضالتنا في مسرحية (أخبار سمنهرور وما جرى حولها من شرور) للكاتب السوري عبدالرحمن حمادي، التي تدور حول قصة الشوّاء الذي طالب الحماّل بدفع ثمن رائحة الشواء لأنه أكل رغيف خبز يملكه مستفيداً من رائحة الشواء، وهذه المفارقة تذهب بنا إلى دوامة تجعل المدينة كلها تتبنى قضية الحمّال والشوّاء».
وأشار الحليان إلى أن رحلة التدريب بدأت من خلال فهم الحبكة الأساسية للنص، ومن ثم فهم ملامح كل شخصية وعلاقتها بالشخصيات الأخرى، وأضاف أنه كان من المفيد جداً تجربة نص مسرحي يتكئ على مخزون لغوي قوي، وأدبيات تتوفر على عنصر التلميح، من أجل تعزيز ثقافة المتدربين.. مروراً بعد ذلك بالحركة فوق الخشبة وتخليق حياة مدينة سمنهرور.
وأكد الحليان أن المتدربين واظبوا بصورة يومية على التدريبات، بما في ذلك تعلم استخدام الأقنعة، وأن يقوم الممثل بأداء أكثر من شخصية، والتفريق بين أداء كل شخصية.
وأوضح أنه مع مرور الوقت واكتمال ملامح العرض، صار لزاما أن يمروا بتجربة الاعتماد على النفس، حيث تم تكليف الفريق بتولي المهمات الفنية فوق خشبة المسرح، بين تغيير الديكورات، وتبديل الملابس في زمن قصير جداً، والتهيؤ لكل مشهد بكامل إكسسواراته ومتطلباته.
واستطرد الحليان قائلاً: «من المفيد الإشارة إلى أنه وبعد رحلة تهيئة هؤلاء الفتية على أجواء المسرح، والتعامل مع التدريب كعرض مسرحي، إننا استطعنا أيضاً تدريب أحد المشاركين على تقنيات الإضاءة وتنفيذها، وأشرف على هذا الجانب مصمم الإضاءة الفنان إبراهيم حيدر، كما أعددنا مشاركاً آخر لتنفيذ المؤثرات الصوتية».
وعن خلاصة ونتائج الورشة التدريبية، قال الحليان: ما توصلنا إليه، أن هناك الآن 13 من الفتيان، يديرون عرضاً مسرحياً من الألف إلى الياء، صحيح أنهم بحاجة إلى استمرارية للتمكن أكثر، إلا أنهم بفضل إصرارهم على التدريب وحب المسرح وفنون الخشبة، وصلوا إلى ما نطمح إليه».
مضيفاً: «بالنسبة لي، كان من المهم أن أتابع تفاصيل رحلة الشاب إلى تبني الدور المنوط به، وكنت أتتبع ذلك من خلال التفاصيل اليومية، ومدى الانشداد الذي يمارسه سحر العرض على هذا المتدرب، كنا نؤكد لهم أن الممثل الجيد هو القادر على خلق لحظة الإدهاش في أدائه، وهو الذي يعمل على اصطياد انتباه المتفرج وجعله مشدوداً إلى ما يقدم أمامه على خشبة المسرح».
ونوه الحليان إلى أن رحلة التدريب والعرض رافقتها محاضرات حول تاريخ المسرح، وأهمية الفن المسرحي بالنسبة للشعوب، وعلاقته بالفرد والمجتمع، وكيف يكون المسرح مرآة عاكسة لحياة الإنسان، لكي يتجاور النظري بالتطبيقي، وإخضاع النظرية للاختبار فوق خشبة المسرح.
وفي نهاية حديثه قال الحليان: «أرى أن ناشئة الشارقة بمراكزها المختلفة، هي حاضنات مهمة لهؤلاء الفتية، تفيدهم وتعمل على تفتيح مداركهم، وأيضاً تستوعب مواهبهم، وأن مركز واسط بالذات والذي أعمل معه للمرة الثانية على ورشة تؤدي إلى عرض مسرحي، أنه من المراكز الأكثر نشاطاً في تفريخ هواة المسرح».

إبراهيم الملا (الشارقة)