قدم متحف محمد السادس للفن الحديث والمعاصر بالرباط، مجموعة من الأعمال الفنية التي تعكس الحداثة المتوسطية، وهي أعمال مستعارة، وتعرض لأول مرة في المغرب وإفريقيا، من المجموعة الفنية الخاصة بـ«مركز بومبيدو» بفرنسا. ويتيح هذا المعرض الذي حمل شعار «المتوسط والفن الحديث» والمنظم تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التعرف عن قرب على أعمال فنية أصيلة لكبار الفنانين كبار ينتمون للفضاء المتوسطي منهم بابلو بيكاسو، خوان ميرو، سلفادور دالي، هنري ماتيس، جورج براك، كاندينسكي، أنتوني تاييس، إيف كلاين وأعمال فنية لأنديريه كيرتز، أندريه شتاينر.
ويقترح معرض «المتوسط والفن الحديث» قراءة في تاريخ الفن الأوروبي في القرن العشرين في علاقته بالمجال والمتخيل المتوسطي، حيث يكشف هذا المعرض الفريد قرناً كاملاً من اللوحات والمنحوتات والصور الفوتغرافية المتآلفة في تسعة أقسام كرونولوجية وموضوعاتية مستقاة من مجموعة «مركز بومبيدو» الشهير، وهو متحف وطني للفن الحديث بتبنيه لوجهات نظر متعددة يركز المعرض وبالتوالي: على موضوعات كبرى كتمثيل المشهد الطبيعي، ومساءلة الغرائبي أو علاقة الفنانين باللون، كما يستحضر مراكز الإبداع العظيمة التي عرفتها مدن مثل برشلونة ومرسيليا ونيس كما تستحضر الأعمال المعروضة الإقامة الدائمة لبعض أعظم رسامي القرن العشرين في بلدان البحر الأبيض المتوسط، وتعكس إعجابهم وحبهم وشغفهم بالفضاء المتوسطي، كما تستحضر تلك الأعمال الواقع الاجتماعي وحتى السياسي للفضاء المتوسطي.
وترتبط إعادة ابتداع المناظر الطبيعية، حسب المهدي قطبي في كتيب المعرض، ارتباطاً وثيقاً بسواحل البحر الأبيض المتوسط، حيث وجدت النزعة التوحشية والتكعيبية أرضاً منتقاة، وبِخَلفهم للانطباعيين، نجح الرسامون الباريسيون المقيمون في جنوب فرنسا حوالي عام 1905 في الحصول على الألوان المشرقة التي كان لويس فالتات بدأ استعمالها منذ عام 1900، خمس سنوات بعد ذلك أعلن هنري ماتيس وأندريه درين في «كوليوز» (بلدة جنوب شرق فرنسا قرب حدود إسبانيا) كما جورج براك في «الاستاك» نواحي مرسيليا، عن التوجه إلى اللون الصافي من أجل استعادة المناظر الطبيعية الساحلية، والتي خصها ألبير ماركي برؤية أكثر تهذيباً، وفي عام 1908 ألهمت المواقع نفسها جورج براك الذي انضم إليه رؤول دوفي، كما ألهمت المناظر الطبيعية المهيأة بول سيزان، وأسهمت تلك المناظر الطبيعية التي تعكس رغبة الفنانين في وضع الأشكال التي يرسمونها ضمن رؤية هندسية مازجة بين الهندسة والتوريق، في ولادة النزعة التكعيبية التي سيصبح كل من إنزاك وبيكاسو ممثليها الرئيسين.
كما تعرفنا في هذا المعرض على صور بالأبيض والأسود صورت بعد سنة 1945 حيث أصبح التصوير الفوتوغرافي شاهداً على التبدلات العميقة الطارئة على العالم المتوسطي، وهي صور رصدت الإنسان وحياته في العالم المتوسطي وهي لفنانين كبار أمثال برونو باربي، جوزيف كوديلكا، لويس ستيتنر وآخرين.

محمد نجيم (الرباط)