شادي صلاح الدين، وكالات (لندن، أنقرة)

احتدمت التوترات بين قبرص وتركيا بسبب أعمال التنقيب البحرية في شرق البحر المتوسط، أمس، بعد أن وصفت نيقوسيا قرار تركيا إرسال سفينة إلى منطقة منحت فيها نيقوسيا ترخيصاً للتنقيب البحري عن النفط والغاز بمثابة «تصعيد حاد» لما وصفته بانتهاكات أنقرة لحقوق الجزيرة السيادية. وقالت أنقرة التي تتحدى الانتقادات الأوروبية المتزايدة، إن سفينة الحفر ستبدأ عمليات جديدة الأسبوع المقبل. وتوقفت سفينة الحفر ياووز صباح أمس على بعد نحو 51 ميلاً بحرياً جنوب غربي قبرص. وقال كاجاتاي إرجييس رئيس القسم في وزارة الخارجية المختص بشرق البحر المتوسط إن تركيا لا تعترف بادعاءات القبارصة اليونانيين عن الحدود البحرية.
وفي بيان شديد اللهجة, اتهمت الرئاسة القبرصية تركيا باللجوء إلى «أساليب بلطجة من عهد ولى» ودعت تركيا إلى الانسحاب من المنطقة. وأضافت «هذا الاستفزاز الجديد هو مثال لتحدي تركيا للنداءات المتكررة من الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي لوقف أنشطتها غير القانونية».
كما حث البيان تركيا على احترام حقوق جمهورية قبرص السيادية في استكشاف واستغلال مواردها الطبيعية داخل مناطقها البحرية.
يأتي ذلك في الوقت الذي قال فيه دبلوماسي بريطاني إن بريطانيا «تأسف بشدة» لأي عمليات حفر في المياه القريبة من الجزيرة. وقال وزير شؤون أوروبا بالخارجية البريطانية، كريستوفر بينشر، للصحفيين في قبرص «تستنكر بريطانيا أي أعمال حفر في المياه القريبة من قبرص وتؤيد حق قبرص في استخراج النفط في المنطقة الاقتصادية الخالصة». وقال بعد لقائه بالرئيس نيكوس أناستاسيادس في نيقوسيا «الأهم من ذلك أنه ينبغي استخراج الثروة لمصلحة جميع القبارصة في الجزيرة».
وأعلنت تركيا أمس الخميس أنها أرسلت سفينة تنقيب عن النفط والغاز إلى المياه قبالة جنوب قبرص، حيث منحت السلطات القبرصية اليونانية بالفعل حقوق التنقيب عن المواد الهيدروكربونية لشركات إيطالية وفرنسية.
وقامت تركيا بالفعل بحفر بئرين في المياه إلى الشرق والغرب من الجزيرة، ما أثار احتجاجات قوية من نيقوسيا والاتحاد الأوروبي في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك فرض عقوبات من جانب الاتحاد الأوروبي.
من جانبها، ألقت وسائل الإعلام الأوروبية والدولية الضوء على التصعيد التركي الأخير، حيث ذكرت صحيفة «الديلي إكسبريس» البريطانية أن قرار تركيا إرسال سفينة حفر للمياه القبرصية يمثل «تصعيداً خطيراً» وانتهاكاً للسيادة القبرصية، مشيرة إلى أن أنقرة قامت بالفعل بحفر بئرين في المياه الإقليمية شرق وغرب قبرص، وهو ما أثار استنكاراً واسعاً بين الدول الأوروبية. وأوضحت الصحيفة أنه في قمة الطاقة في أثينا هذا الأسبوع، تصاعدت التوترات بين قبرص وتركيا، خاصة بعد أن أعلنت الأخيرة خططها للتنقيب عن الغاز على نطاق أوسع في المنطقة الاقتصادية الخالصة لقبرص.
وأوضحت أن سلوك أردوغان وتحديه الواضح لجيرانه وحلفائه على الساحة الدولية يثير مخاوف في الغرب وحول أوروبا بشأن آفاق استمرار تركيا كدولة عضو في عدد من المنظمات الدولية.
ومن جانبها، ذكرت شبكة «دويتش فيله» الألمانية الشهيرة أن الخطوة التركية تعتبر تصعيداً للتوترات في المنطقة، لافتة إلى أن السفينة «يافووز» التي رافقتها سفن حربية تركيا، هي السفينة الثانية التي أرسلتها أنقرة إلى المنطقة، حيث انضمت إلى «الفاتح» وغيرها من سفن التنقيب. وأكدت الشبكة الألمانية أن الاتحاد الأوروبي واجه بالفعل الاستفزازات التركية بفرض عقوبات عليها للتنقيب في مناطق تقع ضمن الحقوق الاقتصادية الخالصة لقبرص.
وأكد موقع «أوفشور تكنولوجي» المتخصص في الطاقة أن التحرك التركي الأخير يأتي في إطار سلسلة من الانتهاكات لنظام أردوغان، مضيفاً أن العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي شهدت تدهوراً كبيراً مؤخراً.
وتقترح المفوضية الأوروبية مواجهة السلوك التركي بسلسلة من الإجراءات، من بينها تخفيض المساعدات المقدمة للدول التي تسعى للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وقال دبلوماسي أوروبي إن أنقرة قد تخسر 150 مليون يورو من مبلغ 400 مليون يورو الذي خصصته الكتلة لعام 2020 لتمويل كل شيء من الإصلاحات السياسية إلى المشروعات الزراعية من أجل مساعدة تركيا على الاستعداد لعضوية الاتحاد الأوروبي في نهاية المطاف. كما دعا مجلس الشؤون الخارجية الأوروبي بنك الاستثمار الأوروبي، وهو أكبر بنك متعدد الأطراف في العالم، إلى مراجعة نشاطه في تركيا، لا سيما في ما يتعلق بالإقراض.
وأكد موقع «بريتبارت» الأميركي أن تركيا تعارض خطط التنقيب عن الطاقة التي تقوم بها نيقوسيا، وتريد أن يكون لها رأي في تطوير المواد الهيدروكربونية في المنطقة. وتطمع في احتياطيات الغاز في المنطقة.