أبوظبي (الاتحاد)

يشكل الملح هذه المادة البلورية البيضاء التي تتلألأ بمنطقة الظفرة في أبوظبي مصدر رزق للكثير من الناس، ومادة لحفظ الطعام وإطالة مدته، خاصة الأسماك واللحوم في زمن كانت لا توجد وسائل لحفظ الأطعمة وتبريدها.
وحسب بثينة القبيسي الباحثة في بيئة وتاريخ تراث أبوظبي فإن الطبيعة الجغرافية مرتكز أساسي للاستقرار في المنطقة، إذ ساعد وجود هذا المركب للمعادن البلورية البيضاء على تزويد البيئات الصحراوية والساحلية والداخلية بأهم عنصر من عناصر التغذية البدنية، لا سيما أن الجسد البشري يفقد الكثير من الأملاح عند القيام بالأعمال اليومية فيُعوض هذا النقص .
وأشارت إلى أن منطقة الظفرة، وبالتحديد بالقرب من السواحل البحرية تحوي مساحات شاسعة من الأملاح، وبمجرد ظهورها يتم جمعها في أكياس تتحمل درجة الملوحة، موضحة أن «سبخة مطي» من أكبر السبخات الملحية التي يتجمع فيها الملح، والذي يشكل الصُلوب «تستخدم هذه الكلمة في اللهجة المحلية للتعبير عن قطع الملح الكبيرة»، حيث كان يتم كسره ومن ثم تعبئته وتحميله على الجمال المتخصصة في حمله للمكان المقصود، حيث يعتبر هذا العمل مصدر رزق للكثير من الناس الذين يعملون في المملحات، لا سيما أن هذا المنتج متاح للجميع، ويمكن لكل شخص الاستفادة منه.
وتمت الاستفادة من المملحات في أبوظبي لتمليح اللحوم والأسماك، ووفق بثينة القبيسي، فإن التمليح والتجفيف لإطالة مدة الحفظ في «القلال» أو السلال الكبيرة المكونة من خوص النخيل، حيث تحتاج كميات الأسماك الكبيرة التي يتم صيدها خلال المواسم لكميات كبيرة من الأملاح التي تنثر فوقها أو في بطونها، ومن ثم تجفف لفترة من الزمن، لتصبح جاهزة للبيع بطريقة المقايضة لـ «السفافير» أو لمن يقصد المكان للتبادل، لأن أهل الجزر الكبرى من الطواويش والتجار يحيون عنصر التكافل الاجتماعي، حيث يتم شراء الكميات من الأسماك المحفوظة والجاهزة لنقلها خلال أسفارهم، بحيث ينقلون ما اشتروه عبر البر خلال رحلة القيظ إلى أن يصلوا لواحات النخيل في قلب ليوا، كما يعتبر من أشهر الولائم التي يتم تناولها أثناء التقييظ، وتقدم الولائم إلى من يقدم عليهم.
وأضافت القبيسي: «لولا الملح لما استطاع أهل البحر حمل أسماكهم التي لا يستغنون عنها في قلب الواحات والبرور الشاسعة».