محمد عريقات (عمان)
ذات مساء في بدايات صيف عام 2000 ذهبت برفقة أصدقاء للانتساب إلى نادي أسرة القلم الثقافي، وكنا في سن المراهقة برصيد متواضع جداً من الكتابة والمطالعة، استقبلنا على مدخل النادي لافتة ترحب بشاعر كبير سيحيي في الوقت الذي وصلنا فيه أمسية شعرية، يقف عند المدخل عدد من الرجال توسطهم فتاة تحمل باقة ورد ترحيبا بالشاعر الذي لم نكن، لقلة خبرتنا، سمعنا به أو قرأنا له وهو الشاعر الفلسطيني محمد القيسي (1945- 2003).
وهكذا وصلنا، مصادفة، مع وصول الشاعر، قامة فارعة، قميص فضفاض، شعر أبيض، حقيبة جلدية. كنّا حينها لأول مرة نرى شاعرًا عن قرب، وكنا مشدوهين نجلس وسط الحضور الكثيف بينما القيسي خلف المنصة يقرأ، كان حضوره طاغيًا رسَّخ في ذهننا نموذج الشاعر.
أتذكر تلك الأمسية اليوم، مع حلول ذكرى وفاة الشاعر محمد القيسي الخامسة عشرة التي صادفت الأول من أغسطس، حيث مرّت سريعاً دون استذكار من الوسط الثقافي والشعري الأردني والعربي، باستثناء مقالة أو اثنتين. وتأكيداً على مكانة القيسي الشعرية والأدبية يستذكره الناقد الأردني إبراهيم الخليل عاتباً على أصدقائه قائلا: «كأن الشاعر الذي شُغل به الناس دهراً، وفاز بجوائز عدة، وأصدر ما يربو على عشرين ديوانا، عدا روايتين، وبعض كتب السيرة، والشهادات، كغيره ممن كتبوا أسماءهم على الماء، فلم يترك ما يُذكِّرُ الآخرين به».