أحمد النجار (دبي)

انعكاسات الفنون البصرية وجداريات الرسم ثلاثي الأبعاد التي تزين جدران وواجهات الأبنية في دبي، سعياً لتحويل المدينة إلى متحف فني مفتوح، امتدت إلى بعض الأحياء الحضرية وواجهات المناطق السكنية وحوائط المنازل وأسوار بيوت المواطنين والمقيمين في إمارات مختلفة، حيث اتجه البعض إلى تحويل البيئة الخارجية إلى مرسم مفتوح لأعمال فنية وفسيفساء ومنمنمات ومخطوطات ونقوش ورموز ورسومات ذات معانٍ حضارية ودلالات ثقافية، تبث مشاعر بألوان البهجة وأجواء فرائحية وطاقة إيجابية.

إبداعات على الجدران
الفن هو أسلوب حياة، فهناك أعمال تدعم الحياة الخاصة للفنانين، وفي المقابل هناك أعمال جدارية تتصدر الواجهات وجدران المنازل موجهة للجمهور والمجتمع، فقد حرص المواطن محمد الفردان، على استثمار موهبة عائلته في الفن، وعكس ذلك في لوحات وفيسفساء على جدران منزله في دبي، وقال إن رسوم الحوائط والجدران وواجهات المنازل من الخارج هو تعبير اجتماعي مرموق وجزء لا يتجزأ من تخطيط أية مدينة ثقافية حديثة. مشيراً إلى أن إبداع الرسم على الجدران «الفسيفساء» هو فن عريق وقديم، حيث ظهر قبل عصر الكتابة، وظل حاضراً في تاريخ البشرية، وأصبح رافداً مهماً من روافد الفن التشكيلي. ويزدهي منزل الفردان بلوحات فنية أبدعتها ريشة زوجته وأبنائه، بجدارية تتصدر واجهة منزله، وهي عبارة عن فسيفساء من سيراميك ومواد منزلية مختلفة مساحتها 8 أمتار مربعة.

بيئة فنية
وقال محمد الفردان، إن الدافع وراء تلك الرسومات على واجهات منزله، مردها أن عائلته نشأت في بيئة فنية، فدائماً كان هناك أكثر من فرد يمارس نوعاً معيناً من الفن داخل المنزل، بداية من والدتي التي كانت تكتب الشعر وتلقيه في التجمعات النسوية، ومروراً بزوجتي الفنانة التشكيلية، ثم ابنتي مصممة الأزياء، إضافة إلى آخرين من الكتاب والشعراء والموسيقيين.
وأضاف: تعتبر جدران المنزل مساحات فارغة تدعو للتعبير عن المواهب، والفن تعبير تلقائي للحياة، من هنا تم طرح فكرة هذه الجدارية على جدران المنزل.
وعن مضامين تلك الرسومات الجمالية، قال الفردان إن زوجته دعت جميع أفراد العائلة للمشاركة في هذه الجدارية، واقترحت أن يجلب كل منهم قطعة تعتبر مهمة في حياته يود تخليدها بطريقة إبداعية، فجلب كل منهم أشياء مختلفة كطبق فخاري أو حلية أو تمثال صغير، إضافة إلى مقتنيات وتحف تم شراؤها أثناء الأسفار حول العالم.

جماليات التراث
من جهته، قال الخطاط الإماراتي علي الأميري، إن فن ديكور الحوائط، يصنف من الفنون البصرية، بوصفه يحمل رسالة وقيماً ثقافية ومجتمعية، مشيراً إلى أن هذا النوع من الفن، كانت بدايات ظهوره في العهد القديم، حيث كان المماليك والرؤساء يستعينون بالفنانين لرسم جداريات في الكنائس ودور العبادة والمتاحف مثل الفنان ليوناردو دافتنشي وغيره، أما اليوم فقد بات حضور هذا الفن واضحاً في جدران المنازل وواجهات الفلل والأبنية، حيث يبرز الوجه الجمالي والحضاري للمدن، ويعكس القيم والتراث المحلي.
ولفت الأميري إلى أن البعض يلجأون إلى الاستعانة بخطاطين لإنتاج جداريات وزخارف إسلامية لأغراض التزيين والديكور والفيسفساء، لإبراز خصوصية المجتمع وجماليات الفنون، وأضاف: «كانت لي تجارب عديدة في تنفيذ رسومات جدارية ومخطوطات فنية ترتبط بقيم جوهرية، وتحمل رسائل روحية ووطنية واجتماعية هادفة».

بروفايل لكل بيت
وقالت خبيرة الديكور سلمى الشريف، إن توظيف الفنون البصرية ضمن ديكور الحوائط يبعث الراحة النفسية ويبث الطاقة والحيوية للذهن والحواس، مشيرة إلى أن الرسوم بألوانها وأصنافها الفنية، سواء كانت فيسفساء أو جداريات خطية أو أعمال تشكيلية، جميعها تصب في مخاطبة الحسّ والوعي، وتتضمن مفردات تراثية وقصصاً مجتمعية ومعاني روحية، كما تعطي هيبة جمالية وأناقة حضارية وبعداً ثقافياً، حيث تجذب الأنظار وتسلب الانتباه وتدعو للتأمل في فضاء مفتوح على الأفكار والقيم والإلهام، تماماً كما لو أنه بروفايل فني يعكس أنماط تفاعل أهل المنزل مع بيئتهم وواقعهم ووطنهم.

نشر الثقافة البصرية
اعتبر الخطاط الإماراتي، علي الأميري، أن انتشار هذا الفن لا يزال محدوداً في الإمارات، الأمر الذي يحتاج إلى نشر ثقافة بصرية ووعي فني، ينعكس على إبداع الرسم على الجدران، وكان الأميري قد نفذ جداريات ضخمة، خلال احتفالات اليوم الوطني لدولة الإمارات، في سيتي ووك أمام الجمهور، إضافة إلى عمل جداري يحمل قيم التسامح، تم تنفيذه بالتعاون مع بلدية دبي، ضمن أسبوع الابتكار.