العيدية
عيدكم مبارك وعساكم من عواده فقد يكون غدا أول أيام عيد الفطر السعيد، والمهم أنه إجازة نرتاح فيها من الشغل والصحيان المبكر وزحمة السيارات التي تزداد في هذه الأيام مع اقتراب العيد، بل إنه سيكون اقترابا من فصل الشتاء وتوديعا للصيف وحرارته ورطوبته..
أهم ما يأتي به العيد هو العيدية والفرحة والرحمة فأيامه مباركة، وهو يأتي أيضا بالتواصل وبالتحايا والزيارات بين الأهل والأقارب والأصدقاء والجيران، وفيه يشعر الصغار بفرحته عندما يحصلون على العيدية وعندما يرتدون ملابسهم الجديدة..
أما كلمة عيدية فهي فصحى وتعود إلى العيد بمعنى العطاء أو العطف، وبرغم ذلك فإن هذه العادة التي تنتشر في بلاد المسلمين وفي المجتمعات الإسلامية في الشرق والغرب يعود ويعود أصلها إلى عصر المماليك، حين كان السلطان المملوكي يصرف راتبا بمناسبة العيد، لأتباعه وجنوده وكذلك للأمراء ومن يعملون معه، وكان اسمها في ذلك الحين «الجامكية» وكانت تتفاوت قيمتها تبعا للراتب وتقدم على شكل طبق مملوء بالدنانير الذهبية طبعا للمقربين والأمراء بينما تقدم دنانير فضية لغيرهم كما يتم تقديم المأكولات الفاخرة والمشروبات معها، وفي العصر العثماني أخذت العيدية أشكالا أخرى فكانت تقدم نقودا وهدايا للأطفال. واستمرت على هذا الشكل إلى عصرنا الحديث..
وقد يفلسفها آخرون فيقولون عنها أنها رسالة حب وود وتدل على التكافل الاجتماعي والشعور بالآخرين وإسعادهم فينتظرها الأطفال مع أول أيام العيد من الجميع ليتباهوا ويتفاخروا فيما بينهم بما حصلوا عليه من نقود، والعيدية عبارة عن هدية صغيرة لجلب الفرحة والسعادة للأطفال لتشكل أهم مظاهر الاحتفال بالعيد..
غير أنه في زمن الأزمات المالية العالمية فإن الآباء يحسبون للعيدية حساباً خاصّاً لأنها تعد ميزانية إضافية على ميزانية الأسرة المنهكة أصلا، بينما يرى بعض الخبراء أن للعيدية قيمة اجتماعية مهمة جدًّا، وخاصةً بالنسبة للأطفال فهي تنمي قدرة الطفل على التصرف وأخذ القرارات فيما يمتلك من نقود وتدربه في المستقبل على كيفية التصرف في أمواله والتخطيط السليم لصرف نقوده، بل إنها تشجع الطفل على التصرف السليم في عيديته بما يعزز لديه الشعور بالثقة في النفس، كما أنها تشعرهم باهتمام الكبار ورعايتهم فيزيد إحساسهم بالأمان وهو شيء ضروري لصحتهم النفسية..
أما عن فائدتها للكبار فهي تخرجهم من انشغالهم بذاتهم إلى الانشغال بإسعادة الصغار، وبذلك يكتشف الشخص أن السعادة الحقيقية تكمن في إسعاد الآخرين وبهذا تكتمل صحته النفسية.
rahaluae@gmail.com