محمد حامد (الشارقة)
شجاع من يبحث عن أفق جديد، يستحق الاحترام من يفتش عن نافذة أكثر بريقاً، واثق الخطى من يرقص طرباً على نغمات «الطموح المتمرد» فقد رحل كريستيانو رونالدو من اليونايتد صوب الريال، فعلها وهو في القمة تاركاً الكيان الكروي الكبير الذي حصل معه على البريميرليج ودوري الأبطال والكرة الذهبية، لينتقل إلى كيان أكثر بريقاً، ليصنع لنفسه مجداً في القلعة الملكية، مانحاً العملاق المدريدي «ربع تاريخه»، ولكن هل يستطيعون جميعاً السير على خطى الدون ؟ هل يمكنهم تكرار معزوفة الحلم والطموح ؟
السيناريو الآخر يكتوي بناره نجوم تألقوا في أنديتهم، وقرروا الرحيل صوب كيانات كروية أخرى ليست بالضرورة أكبر من الأندية التي توهجوا في صفوفها، ولكنهم في نهاية المطاف وبعد مفاوضات شغلت الملايين من سكان الأرض والكواكب الأخرى، رحلوا للبحث عن نجاح جديد في مكان آخر، ولكنهم لم يدركوا أن تجاهل صعوبات التكيف مغامرة ترقى إلى حد المقامرة، لم يحققوا النجاح لأسباب قد تتعلق بضعف الشخصية، وربما لعدم الحصول على فرصة كافية للتألق، وقد يكون للأمر علاقة بالأجواء المختلفة، والكيمياء المفقودة.
إيدين هازارد هو الشرارة التي تفتتح خزائن ذكريات الإخفاق، صحيح أن الوقت ما زال مبكراً للحكم على تجربته مع الريال، ولكنه يعيد للأذهان مغامرة أندري شيفشينكو مع تشيلسي والذي أخفق في صفوفه بعد سنوات التألق مع الميلان، وكاكا الذي لم يتردد في تلبية نداء الريال بعد أن بلغ قمة المجد في صفوف الروسونيري، ولكنه لم يضف شيئاً لتاريخه في مدريد، وكذلك فرناندو توريس الذي أبدع تهديفياً مع ليفربول، واحترق في صفوف البلوز.
سانشيز.. ضحية «مسرح الكوابيس»
80 هدفاً في 166 مباراة بقمص أرسنال، و5 أهداف مع اليونايتد في 5 مباريات، وما بين التجربتين كادت كرة القدم أن تخسر هدافاً موهوباً للأبد، فقد توهج التشيلي أليكسيس سانشيز مع أرسنال، صحيح أنه لم يحقق حلم جماهير الجنرز بالحصول على بطولة الدوري، ولكنه شارك في التتويج بـ 3 كؤوس محلية، ويحسب له التألق في صفوف فريق ليس في أفضل حالاته، ومع رحيله صوب مان يونايتد حالماً بالتألق في أولد ترافورد حيث «مسرح الأحلام»، فإذا به يشعر بأنه مسرح الكوابيس.
سانشيز حصل على رواتب تبلغ قيمتها 41 مليون جنيه إسترليني خلال فترات وجوده مع اليونايتد في الموسمين الماضيين، وسجل 5 أهداف فقط، مما يعني أن كلفة الهدف الواحد تتجاوز 8 ملايين جنيه إسترليني، أي ما يعادل 9.2 ملايين يورو، وهي من بين الأعلى في تاريخ كرة القدم، وتحمل مؤشراً على فشل التجربة في صفوف الشياطين الحمر، مما دفعه للرحيل من جديد لخوض غمار تجربة أخرى في صفوف إنتر ميلان على سبيل الإعارة، وبالنظر إلى أنه يبلغ 30 عاماً، فإنه يحظى بفرصة جديدة، وربما أخيرة، لإثبات الذات من جديد، للتخلص من ذكريات «مسرح الكوابيس».
كوتينيو.. ظل ليو يقتل!
يظل الانطباع السائد أن البرازيلي فيليبي كوتينيو أخفق في تجربته مع البارسا الذي انتقل إلى صفوفه قادماً من ليفربول، في واحدة من الصفقات القياسية التي بلغت قيمتها ما بين 120 إلى 160 مليون يورو بحسب تقارير متفاوتة، والمفاجأة أن أرقام النجم البرازيلي وخاصة المعدل التهديفي له أفضل في البارسا عنه في الليفر، فقد بلغ هذا المعدل في برشلونة 0.27 هدف في المباراة، في حين لم يتجاوز 0.26 في صفوف الليفر.
وبالنظر إلى ما هو أبعد من لغة الأرقام، فقد تعثر كوتينيو مع «فريق ميسي»، ويبدو أنه لم يعثر على نفسه في صفوف فريق تطغى عليه نجومية ليو، فقد أمضى موسماً ونصف الموسم، ولم يترك انطباعاً بأنه الصفقة التي ترقبها الملايين من عشاق الفريق الكتالوني، وعانى منها جمهور ليفربول، حيث رحل في شتاء 2018 تاركاً خلفه شعوراً بالغضب في قلعة الآنفيلد.
المفارقة التي تبعث على الشعور بالشفقة على البرازيلي الموهوب، أن ليفربول عاد كبيراً، وانتزع لقب دوري الأبطال، وأصبح منافساً حقيقياً على لقب البريميرليج بعد رحيل كوتينيو، فقد استخدم يورجن كلوب أموال صفقة بيع البرازيلي لبناء فريق أصبح ملكاً لأوروبا، مما يجعل كوتينيو الخاسر الأوحد في خطوة الرحيل عن الآنفيلد .
أين هازارد ؟!
لا يمكن القول إن إيدين هازارد لا يملك فرصاً حقيقية للنجاح والتألق في صفوف الريال، فالتجربة ليست محل تقييم نهائي حتى يناير المقبل على الأقل، وإن لم يكن لنهاية الموسم الأول في عقده مع العملاق المدريدي، إلا أن ما قدمه النجم البلجيكي في صفوف الملكي منذ بداية الموسم يؤشر إلى صعوبة المهمة، خاصة أنه يرتدي رقم الأسطورة الملكية كريستيانو رونالدو، فحذاء «الدون» أكبر من قدم البلجيكي حتى الآن، فقد شارك هازارد في 4 مباريات رسمية مع «ريال زيدان» ولم يتمكن من التسجيل، بل إنه لم ينجح في صناعة هدف واحد، وأصبح مثيراً للسخرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لأسباب تتعلق بزيادة الوزن.
وفي الوقت الذي توقع البعض أن يكون ديربي مدريد، الذي انتهى سلبياً بتعادل أتلتيكو مدريد والريال من دون أهداف، فرصة ذهبية لهازارد ليقول كلمته الأولى، فإذا به يقدم أداءً باهتاً، مما يعزز الانطباعات بأن مهمته لن تكون سهلة، وعلى الرغم من هذه الأجواء الضبابية التي تحيط بالبلجيكي الموهوب فإن دعم وثقة زين الدين زيدان، والقدرات المهارية لهازارد، وكذلك قوة شخصيته التي جعلته يفرض نفسه واحداً من أفضل نجوم البريميرليج في السنوات الماضية، تجعل الأمل في توهجه قريباً أمراً متوقعاً، وحتى يحين هذا الوقت سوف يظل هازارد يعاني من شبح «الطموحات القاتلة» التي طاردت بوجبا المنتقل من اليوفي لليونايتد، وكوتينيو في تجربته مع البارسا بعد الرحيل عن ليفربول، وسانشيز الذي توهج مع أرسنال وضاع حلمه في مسرح الكوابيس بأولد ترافورد، وكذلك موراتا وديمبلي، ومن نجوم الأزمنة السابقة توريس وكاكا وشيفا، فقد تألقوا جميعاً في أنديتهم قبل أن يستمعوا إلى نداء الحلم بالتألق في كيان كروي آخر.
بوجبا.. خطوة للخلف !
ما زال النجم الفرنسي بول بوجبا يحتل مركزاً متقدماً في قائمة الصفقات الكروية الأغلى في تاريخ كرة القدم، فقد انتقل من اليوفي إلى مان يونايتد عام 2016 مقابل 105 ملايين يورو، في صفقة هي الأغلى في التاريخ حينها، ولكنه الآن يحل سادساً في القائمة التي يتصدرها نيمار ومبابي وجواو فيلكس وجريزمان وكوتينيو وديمبلي.
لم يتمكن بوجبا من التربع على عرش النجومية مع الشياطين الحمر، ولم ينجح في نقل عقلية العودة للفوز بالبطولات إلى النادي الإنجليزي الكبير، فقد فاز بوجبا بالدوري الإيطالي 4 مرات في 4 مواسم مع اليوفي، وساعد الفريق على الفوز بـ 4 كؤوس محلية، وأبدع في وضع بصمته على أداء «السيدة العجوز» ولكنه لم ينجح في ترك بصمة حقيقية مع مان يونايتد.
وعلى الرغم من الأداء الباهت الذي يقدمه بقميص اليونايتد، فإنه يواصل رحلة المجد مع منتخب فرنسا الفائز معه بلقب كأس العالم صيف 2018، والمثير للدهشة أن بوجبا صاحب الصفقة القياسية في تاريخ قلعة الشياطين، أصبح ضحية لحمى التقارير التي تتحدث عن رغبته في الرحيل إلى ريال مدريد، مما جعله مصدراً للتوتر والقلق بين جماهير اليونايتد، بدلاً من أن يكون باعثاً للأمل في عودة البطولات.
موراتا وديمبلي ودي ماريا.. ربع مليار يورو في الهواء!
انتقل ألفارو موراتا من الريال إلى تشيلسي مقابل 65 مليون يورو، وسط توقعات بأن يصبح المهاجم الأول في صفوف البلوز، ولم يكن التوفيق حليفاً للنجم الإسباني الذي عاد إلى مدريد ولكن صوب أتلتيكو وليس الريال.
كما أخفق أنخيل دي ماريا في تجربته القصيرة مع مان يونايتد والتي كلفت خزائن الشياطين الحمر 67 مليون يورو، فقرر الرحيل بعد موسم واحد هارباً من جحيم الشياطين الحمر.
نجم آخر شغل العالم بصفقة قدومه للبارسا، وهو عثمان ديمبلي، ولم يتمكن الفرنسي من اختراق التشكيلة الأساسية للفريق الكتالوني بسبب حمى الإصابات، وسط اتهامات تلاحقه بعدم الانضباط، ويشعر عشاق الفريق الكتالوني أن صفقة الـ 105 ملايين يورو لن تحقق أهدافها.
إجمالاً بلغت قيمة صفقات انتقال دي ديمبلي ودي ماريا وموراتا ما يقرب من ربع مليار يورو، إلا أن الثلاثي لم يصنع بصمة حقيقية في البارسا واليونايتد وتشيلسي.