تجنب العادات الغذائية الخاطئة يمنع الأمراض الشائعة
يحرص الصائمون على تناول عدة أصناف من الأطعمة والوجبات خلال مأدبة الإفطار، وقد يغيب عن بعضهم أن معظم الأمراض والحالات الصحية الطارئة عليهم في هذا الشهر الفضيل سببها بعض العادات الغذائية الخاطئة التي تؤدي إلى إصابتهم بالتلبك المعوي أو آلام العظام أو التهاب اللثة أو الصداع لدى مختلف الفئات العمرية. لذا يقدم مجموعة أطباء -من مختلف الاختصاصات- بعض الإيضاحات مرفقة بنصائح تجدي في التخلص من تلك الأمراض، واستقبال أيام عيد الفطر بصحة وفيرة وسعادة كبيرة.
يسود اعتقاد لدى عدد كبير من الصائمين بأن وجبة الإفطار وكذلك السحور أياً كان قوامها قد تعوضهم ما فاتهم تناوله خلال ساعات اليوم من أغذية تحتوي على عناصر قيّمة من فيتامينات ومعادن وبروتينات.
إن حرص أطباء الصحة على سلامة الصائمين يدفعهم إلى تقديم مجموعة من الشروحات والإرشادات التي تؤكد على أمرين مهمين، أولهما احتساء عصائر الفاكهة الطازجة كالكوكتيل الخفيف، أو عصير الجزر أوالكرز أوالتوت أوالبرتقال. وثانيهما تناول أنواع معينة من وجبات قوامها ثمرات مهمة جداً لصحتهم وصيامهم كالكوسا والباذنجان والبطاطا والقرنبيط والجزر.
مشاكل الجهاز الهضمي
تتقدم آلام المعدة ومشاكل الجهاز الهضمي جملة الأمراض والحالات الصحية لدى الصائمين من مختلف الأعمار، إلى ذلك يشير الدكتور تامر وهبة- اختصاصي طب الأطفال، ويقول: «من أشهر أمراض الجهاز الهضمي التلبك المعوي والقولون العصبي وآلام البطن، وأسبابها عديدة، أهمها تناول وجبات دسمة فور الشروع بالإفطار بعد صيام يمتد أكثر من 14 ساعة وبطريقة سريعة لا يتم خلالها المضغ الجيد للطعام ولا يسبقها احتساء شوربة ساخنة أو عصائر فاترة غير باردة. لذا يواجه الصائمون (خاصة الناشئة) مشاكل في الهضم مثل الإسهال والمغص أو الكتم والانتفاخ».
ويضيف وهبة مبدياً نصائحه للصائمين: «تتوفر في ثمار الجزر والباذنجان والكوسا كميات كبيرة من العناصر الغذائية التي قد لا تتوفر بذات الكمية في أنواع أخرى من الخضراوات، وتظهر فوائد تناولها في شهر الصوم لأن تأثير وفاعلية البروتينات والفيتامينات والأملاح المعدنية التي تحتويها هذه الخضراوات تستمر نحو 10 ساعات وتحول دون أن يفقد الصائم خلال صيامه الكثير من العناصر المختزنة في جسمه.. فالكوسا والباذنجان يحتويان الألياف التي تبني جداراً حول المعدة لتسوّرها وتحميها من الجوع أو أي ضرر متوقع من تناول الطعام أو الإفراط به بعد ساعات من الصوم، كما تفيد ثمارهما في خفض الحرارة وتخفيف آلام الصداع ومقاومة تسمم الأمعاء، وهي مطهرة بشكل جيد للمعدة، وملينة ولا تسبب رواسب بعد هضمها، والأهم تخفف الشعور بالعطش، وماء الكوسا يفيد في علاج الإمساك الحاد ويسكّن الآم التهابات المجاري البولية والمثانة، وتنسحب معظم هذه الفوائد على ثمار الباذنجان والجزر الذين يساهمان في قتل الجراثيم وطردها خارج الجسم».
آلام العظام والمفاصل
يغيب عن المصابين بأمراض هشاشة العظام وآلام المفاصل والروماتيزم؛ أن معاودة الآلام والشعور بوخز المفاصل سببه في كثير من الأحيان غياب عناصر غذائية من طعام إفطارهم وسحورهم اعتادوا عليها. لذلك تقدم الدكتورة ميساء عباسي- أخصائية أمراض العظام والروماتيزم، مجموعة نصائح في قالب وسائل وقاية تفيد في انحسار آلام العظام خلال ساعات الصوم، تقول: «لا يتمكن الصائم خلال ساعات صيامه من تناول علاجه الذي يتم باستخدام أدوية تزيد كثافة العظم وتعمل على زيادة البناء العظمي وتقلل من هدمه. لذا ننصح المرضى فور إفطارهم بالمحافظة على غذاء متوازن غني بالحليب ومشتقاته من ألبان وأجبان وبيض، وكذلك الأسماك بأنواعها لأنها تشكّل بديلاً مؤقتاً عن الدواء الكيميائي، فضلاً عن ضرورة تعرض الجسم لأشعة الشمس نحو 30 دقيقة يومياً. وكذلك ممارسة النشاط الفيزيائي المناسب للمرحلة العمرية، وكذلك التمارين الرياضية والمشي مع مراعاة تجنب كل ما يؤدي للسقوط على الأرض سواء في حجرات البيت أو الشارع أو مكتب العمل، حيث إنه حتى السقوط البسيط قد يؤدي إلى كسر عظمي يصعب تجبيره إن أصر الصائم على استكمال أيام صومه».
وتضيف د. عباسي: «إن الاستطباب والعلاج من أمراض العظام والمفاصل والروماتيزم تكفيه الأدوية والرياضة والغذاء والعلاج الفيزيائي بشكل دائم، وهي ذاتها وسائل ناجعة في شهر رمضان أثناء الصوم، خاصة إذا باشر مرضى العظام صيامهم بتناول الحليب والألبان، وحرصوا على تناول وجبات السمك بأنواعه».
بوابة الفم
تعتبر اللثة والأسنان بوابة الفم ومفتاح الدخول إلى الحنجرة والجهاز الهضمي، وتتسبب في حال التهابها خلال فترة الصوم بالعديد من الأمراض والحالات الصحية التي تؤثر على الصائم، يوضح ذلك د. جورج اسحق- أخصائي أمراض الفم والأسنان، ويقول: «يشكل الفم باب الدخول إلى الجهاز الهضمي، لذا يراعي الإنسان الاهتمام باللثة والأسنان؛ لأن أي ضعف أو التهاب يصيبهما قد يصل إلى المعدة والأمعاء. ومن الضروري لدى الصائمين الحرص الشديد على عدم الإصابة بأمراض إنتانية والتهابية بدءاً من باطن الشفتين واللسان والحليمات الذوقية. حيث تنتشر التهابات اللثة لدى الصائمين -تحديداً المراهقين- نتيجة لعدة أسباب، الأول يتصل بظهور الأسنان في سن النشأة والطفولة بطريقة خاطئة، مما يشكّل ضغطاً على بنية اللثة مع بزوغ كل سن جديد. ويرتبط الثاني بإهمال نظافة الأسنان عبر معجون وفرشاة الأسنان، وإهمال تنظيفها بمحاليل آمنة مطهرة. ويتعلق السبب الثالث بتغيير نوعية الطعام خلال شهر رمضان المبارك، إذ يحرص الأهل على تناول أولادهم من نوعية غذائهم، سواء اتسم بالدسامة واللحوم والدهون! أو العكس (يميل المراهق إلى المأكولات المعلبة والجاهزة والوجبات السريعة لأنه يجدها تتناسب مع سنه). أو يخلو من الخصائص الصحية والمغذية كالكالسيوم والحديد والبروتينات والفيتامينات التي تتوفر في البيض والأجبان والحليب واللبن والأسماك. فمن المهم للصائم انتقاء نوعية الغذاء الصحي من الخضراوات والفاكهة (الخس والنعناع والخيار والتفاح والإجاص) مقابل الإقلال من تناول الوجبات السريعة والأطعمة والحلويات اللزجة التي تساهم في تشكيل الترسبات القلحية».
ويقدم د. إسحق نصائح للصائمين تفيد في علاج التهابات اللثة أو منعها والوقاية منها، يقول في ذلك: «من المهم تنظيف الأسنان سواء في العيادة المختصة لإزالة البلاك والقلح واللويحة الجرثومية من محيط خط اللثة، أو في المنزل خلال ساعات الصوم. وكذلك بعد الإفطار يجب القيام بالتطهير الفموي عبر سائل يوضع في محيط خطوط اللثة، إلى جانب تنعيم سطح الجذور ليساعد على عدم الإصابة بالتهابات اللثة التي يسببها العطش الشديد».
عناصر غذائية
تقدم العناصر الغذائية المتوفرة في الخضراوات مجموعة فوائد الصحية تشير إليها الدكتورة مها الكسواني، أخصائية الطب المخبري والصحة الدولية/ جامعة ومشفى كوشان- فرنسا، وتقول: «تحتوي معظم ثمار الخضراوات على عناصر غذائية مهمة (ماء وفيتامينات CوBوA، وألياف وأملاح معدنية كالكبريت والبوتاسيوم والكالسيوم والمغنيزيوم والحديد، ومواد دسمة، ونشوية، وبروتينية) فيما يكتسب الباذنجان بفضل الألياف التي تتوفر به وكذلك قشوره أهمية غذائية. وتحتوي ثمار الكوسا والقرنبيط والجزر في تركيبتها على عناصر غذائية مهمة للصائمين حيث تتكون من: ماء، ومجموعة فيتامينات وبروتينات وألياف وأملاح معدنية والكبريت والمغنيزيوم والحديد والبوتاسيوم والكالسيوم».
أمراض شائعة
? يشير أطباء الصحة إلى مجموعة من الأمراض ضمن قائمة الأمراض الأكثر انتشاراً وشيوعاً في شهر الصوم رمضان المبارك، وهي (آلام المعدة والجهاز الهضمي، ترقق وآلام العظام والمفاصل، والتهابات الأسنان واللثة، الصداع وآلام الرأس).
? يصنف علماء وخبراء الصناعة الدوائية بعض الأمراض الطفيفة التي تصيب الصائم في شهر رمضان مثل (الكتم، الإسهال) على أنها حالة صحية يكفيها العلاج بالسوائل في الأولى والدقيق والخبز في الثانية، وليست مرضاً يحتاج أدوية كيميائية.
? يوصي اختصاصيو التغذية بضرورة الشروع في الإفطار من خلال السوائل الدافئة (الحساء) والمشروبات غير الباردة (عصائر) توازي حرارة الجسم.
المصدر: أبوظبي