يتميز معرض “تقارب” للتصوير الفوتوغرافي الذي يقيمه مرسم مطر للفنون بدبي، بمشاركة اثنين وعشرين فنانا وفنانة “منهم تسعة عشر إماراتيا وسعوديان وهندي”، بقدر كبير من التنوع في الموضوعات والأساليب التي يتبعها كل فنان في التقاط موضوعه، أو الاشتغال على ثيمته. تنوع يدل على قدر من التطور الذي بلغه هذا الفن من حيث استخدام أنواع من الكاميرات المتطورة أو العادية، وتجدر الإشارة إلى أن المعرض الذي افتتح في الرابع من يونيو الجاري يستمر حتى الرابع عشر من الشهر نفسه. المشهد الذي يتشكل من الأعمال المعروضة يجعلك تخوض في عوالم بينها قدر من التقارب من حيث الرغبة في تقديم الصورة الجديدة لموضوعات متقاربة، لكن التقارب لا يعني وحدة الموضوع، ففي موازاة التقارب نجد في المعرض قدرا من “التباعد” في المستويات والوسائل والأساليب والنتائج التي يتوصل إليها كل من الفنانين المشاركين. المشاركون في هذا المعرض هم: جاسم العوضي، سعيد الشامسي، مطر بن لاحج، أحمد بن فطيس، عمر الزعابي، ميثاء بنت خالد، سيف الزري، نبيلة عباس، أحلام الأحمد، عمار العطار، عارف حارب، بدر العوضي، حمدان الشامسي، موزة الفلاسي، بلقيس البعداني، خليفة المهيري، هند الفلاسي، علا اللوز، ديما فهد وناصر الطاسان من السعودية، براكاش بانشولي من الهند. في المعرض نجد الفوتوغرافي المحترف الذي امتلك خبرة وبصمة معينة في أعماله، كما هو الحال في العمل الذي يقدمه فنان ذو خبرة مثل جاسم العوضي، الذي يرسل “رسائل” خاصة من خلال زجاجة تحتوي مشهدا واسعا، وكذلك الحال في بعض أعماله الأخرى التي تتناول الواقع وحياة الشارع والسوق. وفي طرف آخر نرى أعمال موزة الفلاسي المتنوعة الموضوع والأسلوب، خصوصا أن الفنانة توزع اشتغالها بين اللوحة الزيتية والعمل الفوتوغرافي، فنجد اهتمامها هنا يتوزع أيضا على الموضوع “برج خليفة، امرأة القناع، الأطفال”، وعلى التصوير بالملون وبالأبيض والأسود. لا يمكن حصر أعمال هؤلاء الفنانين في زاوية محددة، ولا يمكن تلخيصها في موضوع معين، فهنا يوجد التعدد في الموضوع بقدر تنوع كل منهم على تجسيد رؤيته وانطباعاته في عالم يتحرك فيه. تنوع بين من يريد التركيز على الموضوع ومن يذهب تركيزه إلى فنية اللقطة بصرف النظر عن موضوعها، ففي بعض الأعمال نجد المادة التراثية على نحو مباشر بوضوح، في حين تتجه أعمال أخرى إلى الاشتغال بالمفردات التراثية في صور تنطوي على قدر من التجريد والإضافات الفنية الباهرة. دلة القهوة، القناع الخاص بالمرأة، البيئة وتفاصيلها، الطبيعة، التناقض بين القديم والحديث، التجريد بكل ما يمكن أن يحيل إليه من حالات ذهنية، هي بعض تفاصيل المشهد التي نجدها في هذا المعرض. وتختلف فكرة تناول الوجه والبرقع مثلا بين فنان وفنان آخر، ففي حين تكتفي بعض الفنانات بالتناول المباشر للوجه والبرقع، تلجأ فنانة أخرى إلى استخدام مقطع من اللوحة الحروفية لتغطية الوجه، وهناك من تهتم بالتقاط جوانب من التراث المتعلق بالبيوت وتفاصيلها من أبواب وشبابيك وزخرفة تظهر النمط التقليدي للبيوت القديمة، وفي المقابل تحضر دبي الحديثة عبر رؤية تضع القديم في مواجهة الحديث، وتظهر الصحراء في مقابل مدينة الأبراج وأضوائها ضمن حركات فنية لا تكتفي بصورة الموضوع فقط. ومن الأعمال اللافتة ما يتعلق بتناول الطبيعة ومفرداتها، وخصوصا ما يلتقط كائنات حية من هذه الطبيعة، ففي الصحراء قد ينبت الشجر بأنواع مختلفة، لذا نرى جذع نخلة أو ظلال شجرة الغاف، ونرى العصفور كما نرى الوعل الذي يعبر في حركته عن انفعالات خاصة كما لو كان بشرا، هذه بعض معالم معرض يحاول مرسم مطر ترسيخه كنشاط سنوي، ولكن مع اختيار موضوع محوري في كل مرة، وإضافة تجارب جدية أيضا.