عنان يحذر من حرب شاملة في سوريا ويطالب بـ «خيارات»
أطلق المبعوث العربي الأممي كوفي عنان أمس تحذيراً مباشراً من انزلاق سوريا نحو المزيد من القمع الوحشي والمذابح، وصولاً إلى حرب أهلية شاملة يخسر فيها الجميع، مندداً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بمجزرة القبير في ريف حماة التي وقعت بعد ظهر الأربعاء وراح ضحيتها أكثر من 100 قتيل، معظمهم من الأطفال والنساء، وداعياً إلى التحرك سريعا لمواجهة ما وصفه بـ”دولة أصبحت أكثر استقطاباً وأكثر تطرفاً”. كما حذر مرة أخرى بقوله “بديهي القول إن الوقت قد حان لتحديد ما يمكننا القيام به أكثر، لضمان تطبيق الخطة السلام التي أقرتها دمشق، و(أو) الخيارات الأخرى المتوافرة للتعامل مع هذه الأزمة”، من دون أن يقدم مقترحات محددة بهذا الشأن.
من ناحيته، أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس أن مراقبين تابعين للمنظمة الدولية في سوريا تعرضوا لإطلاق نار أثناء محاولتهم الوصول لموقع مذبحة مزعومة جديدة (القبير) تعرض لها الأطفال والنساء على يد قوات موالية للرئيس بشار الأسد، مؤكداً في كلمة في بداية الجلسة الخاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الأزمة السورية، أدانته للمذبحة التي وقعت في مزرعة القبير ووصفها بأنها “وحشية لا توصف” داعياً الرئيس بشار الأسد الأسد مجدداً إلى التطبيق الفوري لخطة الوسيط عنان للسلام والمكونة من 6 نقاط. كما قال أن الآمال في خطة كوفي عنان تتبدد. وبالتوازي، أكد فرحان حق المتحدث باسم المنظمة الدولية أن المراقبين الدوليين سيحاولون مجدداً اليوم، الوصول إلى قرية القبير، حيث وقعت مجزرة الأربعاء، وذلك بعدما اضطروا للعودة ادراجهم إثر تعرضهم لإطلاق نار، قائلاً إن قافلة من 4 سيارات مصفحة تابعة لمهمة المراقبة الدولية تعرضت نحو الساعة 15,00 بالتوقيت المحلي لإطلاق نار “من سلاح خفيف” واعتراض من حواجز أمنية ومدنيين أثناء محاولتها الوصول إلى القبير، فعادت ادراجها من دون أن يصاب أي من أفرادها.
وفي وقت سابق، أفاد الجنرال روبرت مود رئيس بعثة المراقبين الدوليين في بيان أمس، بأن وفد المراقبين يواجه عوائق ولم يتمكن بعد من الدخول إلى مزرعة القبير، حيث أكدت مصادر المعارضة السورية وحقوقيون مقتل 49 شخصاً. بينما نقلت الوكالة السورية الرسمية عن مصدر رسمي بمحافظة حماة القول بأن “ما تناقلته وسائل الإعلام الشريكة في سفك الدم السوري حول ما جرى في مزرعة القبير وبلدة معرزاف بريف حماة، عارٍ عن الصحة تماماً”، قائلاً إن “مجموعة إرهابية مسلحة قامت صباح الأربعاء في المزرعة المذكورة بارتكاب جريمة مروعة، ذهب ضحيتها 9 مواطنين من النساء والأطفال”.
ووسط إدانات غربية ودولية وعربية للمجزرة الجديدة، وهي الثانية منذ مجزرة الحولة الدامية في 25 مايو الماضي، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في استانا أن بلاده ستمنع صدور أي قرار من مجلس الأمن الدولي يجيز “تدخلاً خارجياً” في سوريا. في حين نددت وزارة الخارجية الروسية بالمجزرة الجديدة “الهمجية”، معتبرة أنها “استفزاز” يهدف إلى افشال خطة عنان. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش “ليس هناك أدنى شك بأن بعض القوى تستخدم، وليس للمرة الأولى، الاستفزاز الأكثر وحشية ودناءة لافشال خطة السلام”.
كما أكدت بكين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة “رفضها القاطع” لحل الأزمة السورية عن طريق “تدخل عسكري خارجي” أو محاولة “تغيير النظام بالقوة”. وقال المندوب الصيني الدائم في الأمم المتحدة لي باودونج بحسب ما نقلت عنه وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية، “نحن نرفض رفضاً قاطعاً حل الأزمة السورية عن طريق تدخل عسكري خارجي أو أي محاولة للتشجيع على تغيير النظام بالقوة. وإزاء تكرار المجازر، دعا المجلس الوطني السوري على لسان الناطق باسمه محمد سرميني أمس، “الجيش السوري الحر” إلى شن هجمات عسكرية ضد القوات النظامية من أجل فك الحصار عن المناطق المحاصرة وحماية المدنيين السوريين في أنحاء البلاد كافة، رداً على المجزرة الجديدة في القبير.
وقال عنان “بكل صراحة خطة السلام لم تطبق وحان الوقت لتحديد ما يمكننا القيام به أكثر لضمان تطبيق هذه الخطة والخيارات الأخرى المتوافرة للتعامل مع الأزمة، بما فيها التهديد بالعواقب لتفادي الأسوأ”. وأعرب المبعوث الدولي العربي عن “اشمئزازه وتنديده” إثر “المجرزة الجديدة التي راح ضحيتها عشرات المدنيين” في قرية القبير وسط سوريا. وقال عنان “يجب معاقبة المسؤولين.. لا يمكن أن نسمح بأن تصبح المجازر واقعاً يومياً في سوريا”، مشيراً إلى أن “العنف يتفاقم” في هذا البلد. ودعا المبعوث المشترك المجتمع الدولي إلى “رفع مستوى” تدخله و”التحرك بسرعة” لإنهاء هذا العنف وحل الأزمة السورية. وقال “بكل صراحة، عليّ أن أؤكد أن الخطة (خطة عنان للسلام) لم تطبق”، مضيفاً أنه “بديهي القول بأن الوقت قد حان لتحديد ما يمكننا القيام به أكثر لضمان تطبيق هذه الخطة و(أو) الخيارات الأخرى المتوفرة للتعامل مع الأزمة”، من دون أن يقدم مقترحات محددة بهذا الشأن.
وأشار إلى أن المطالبة بتطبيق خطته ليست كافية، مؤكداً أنه “يجب أن نعلن صراحة أنه ستكون هناك عواقب إذا لم تطبق الخطة”، مضيفاً “إذا تجمعنا حقاً وتحدثنا بصوت واحد، اعتقد أنه من الممكن تفادي الأسوأ وتمكين سوريا من الخروج من الأزمة”.
وأضاف أنه دعا الرئيس الأسد إلى تغيير التكتيكات بشكل جذري عندما التقيا في دمشق الأسبوع الماضي ولكن منذ ذلك الحين، تزايدت وتيرة أعمال القصف والتفجيرات، كما ارتكب المسلحون الذين تدعمهم الحكومة أعمالاً”مروعة” بحق السكان المدنيين. وقال عنان “ لقد اصبحت الدولة سورية أكثر استقطاباً وأكثر تطرفاً”.
وفي وقت سابق، أدان بان كي مون في كلمة أمام جلسة الجمعية العامة، مذبحة مزرعة القبير ووصفها بأنها “وحشية لا توصف”. وقال أمام الجمعية العامة التي تضم 193 عضواً “التقارير الإخبارية اليوم عن مذبحة جديدة.. صادمة ومقززة”. وأضاف “قرية حوصرت فيما يبدو بقوات سورية. جثث مدنيين أبرياء ترقد حيث كانت وضربت بالرصاص. البعض يزعم بأنهم أحرقوا أو تم ذبحهم بالسكاكين”. واستطرد قائلاً “نحن ندين هذه الوحشية التي لا توصف ونجدد تصميمنا على تقديم المسؤولين للعدالة”. وقال بان كي مون إن مراقبي الأمم المتحدة لم يسمح لهم في البداية بالوصول إلى الموقع. وأضاف “أنهم يعملون الآن على الوصول إلى المكان”. وتابع قائلاً “وعلمت قبل دقائق بأنه أثناء محاولة مراقبي الأمم المتحدة القيام بذلك أطلقت عليهم نيران أسلحة صغيرة”. وذكر المتحدث باسم بعثة المراقبين الدوليين فرحان حق أن البعثة ستقوم اليوم بمحاولة جديدة للوصول إلى قرية القبير المنكوبة للوقوف للتحقق من الأنباء بشأن المجزرة. وقال رئيس بعثة المراقبين الجنرال روبرت مود في وقت سابق إن جنوداً سوريين ردوا المراقبين على أعقابهم كما اعترض مدنيون طريقهم.
من جهتها، أدانت الولايات المتحدة “بقوة” المذبحة في القبير . وأدان جاي كارني المتحدث باسم الرئيس الأميركي باراك أوباما أعمال القتل المروعة التي استهدفت المدنيين، بينهم نساء وأطفال” مستشهداً بمصادر موثوق بها. وذكر كارني أن هذا يتزامن مع رفض النظام السوري للسماح لمراقبي الأمم المتحدة بدخول القرية للتحقق من تلك التقارير، يمثل إهانة للكرامة الإنسانية والعدالة”. ودعا كارني”كل الدول إلى رفض دعم هذا النظام القمعي وغير الشرعي”. فيما دعا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون المجموعة الدولية إلى بذل المزيد من الجهود لعزل النظام السوري غداة وقوع مجزرة جديدة وصفها بأنها “وحشية ومقززة”. من جهتها، نددت مسؤولة الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون بالمجزرة مؤكدة أنها جريمة “لا تغتفر” ومطالبة “بتحقيق كامل” في هذه “الجرائم المروعة”. كما أدان وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله المذبحة الأخيرة، واعتبرالأنباء التي تناولت هذه المذبحة الأخيرة “صادمة”.
إلى ذلك، قال الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس، إن خطة السلام الحالية لوقف أعمال العنف في سورية لن تؤتي ثمارها ما لم تتعاون دمشق معها بصورة كاملة. ودعا العربي سورية إلى التطبيق الفوري لوقف إطلاق النار الذي جرى التوصل إليه في أبريل الماضي الذي نصت عليه خطة عنان والمؤلفة من ست نقاط.
المصدر: عواصم