نوف الموسى (دبي)

أكثر ما يمكن استشفافه من حديث الباحث الدكتور عبد العزيز المسلم عن «الكائنات الخرافية» مساء أول من أمس، في مركز جمال بن حويرب للدراسات، هو المنجز البحثي الذي قدمه رئيس معهد الشارقة للتراث، في مجال أدب التراث الشعبي، عبر إنجازه لـ «موسوعة الكائنات الخرافية في التراث الإماراتي»، ما يجعله مرجعية ثقافية علمية، لإثراء المخيلة الإنسانية عبر التاريخ. ولقد أثارت مناقشته حول فعل الحكاية الخرافية في ملامحها الخاصة المتعلقة بالمعتقدات الشعبية وارتكاز التقاليد في الممارسات الأخلاقية، تساؤلات الجمهور: فهل يُمكن استخدام منهج التخويف لإعاقة سلوك خاطئ؟بحسب المسلم؛ فإن وراء كل انحراف خلقي أو انحلال اجتماعي كائناً خرافياً مخيفاً، ولكن بما نملكه من وعي بالإبداع الإنساني ومآلاته، فإنه بالإمكان تطوير وتطويع الحكاية بأسلوب محبب ومدروس، يُسرد للطفل دونما ترويع، بل كفضاء شاسع ينمي خياله ويفتح باب الأسئلة للحياة. عند الحكاية الخرافية، يتحول كل المستمعين إلى مكون الطفل الذي بداخلهم، خاصةً عندما بدأ د. عبد العزيز المسلّم بسرد حكايا «أم الدويس»، «بابا درياه»، «خطاف رفاي»، و«أبو السلاسل»، جّل الأسئلة اتجهت نحو حقيقة وجود تلك الكائنات الخرافية فيما بيننا، والمثير في الأمر، أن المسلّم اعتمد حالة الصدق بحقيقة كُل قصة يسردها، فهو السارد المُجرب للحظة الدهشة التي تعتريه عندما ينقلها ويوثقها عبر الرواة، وفجأة يجعل الجمهور أمام اختبار الحكاية وخوض غمار تصديقها.
وأوضح المسلّم كيف أن الخرافة بأبعادها الاجتماعية والثقافية، تتخذ موقعاً مهماً في اهتمامات الهواة حتى قبل الباحثين، عبر جمعيات وأندية منتشرة حول العالم، تتتبع تطورات اكتشاف ظهور كائن خرافي، وتتولى دعم الأبحاث المتعلقة في المجال، والتي تواصل العديد منهم مع الدكتور عبدالعزيز المسلّم، للسؤال عن بعض الكائنات الخرافية في الخليج، المتشابهة مع كائنات خرافية في مجتمعاتهم. ولفت المسلّم إلى كيف أنه أحياناً قد نتشابه مع شعوب، لم نكن نتوقع بأن تجمعنا معهم حكايات خرافية. وجميعها رؤى بحثية قدمها المسلّم، وتثري موضوع إمكانية إنشاء نادٍ أو جمعية متخصصة في عالم الكائنات الخرافية في الإمارات، يرتادها الهواة من الشباب والباحثين المهتمين في أدب التراث الشعبي الإنساني، خاصةً مع تنظيم ملتقى الشارقة الدولي للراوي، الذي ينطلق اليوم ضمن فعاليات النسخة الـ19، تحت شعار «ألف ليلة وليلة».