أحمد شعبان (القاهرة)

أكد المشاركون في مؤتمر «الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي»، أهمية التجديد في الفكر الإسلامي لمواجهة الفكر المتطرف والإرهاب، وحماية الفرد والأسرة والمجتمع والأوطان، مشددين على حاجة الأمة لموضوع المؤتمر الذي ناقش أطر مفاهيم التجديد، وآلياته، وتفكيك المفاهيم المغلوطة، وقضايا المرأة والأسرة، ودور المؤسسات الدولية والدينية والأكاديمية في تجديد الفكر الإسلامي.
وأوضح الدكتور محمد مطر الكعبي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، أن دستور دولة الإمارات العربية المتحدة ينص على أن حرية القيام بشعائر الدين -طبقًا للعادات المرعية- مصونة، على ألا يخل ذلك بالنظام العام.
وقال «التاريخ المعاصر يحكي أنه في كل أزمة يتعرض لها الفكر الإسلامي؛ تخرج المبادرات التجديدية من رحاب الأزهر الشريف الذي يقود سفينة الاعتدال في بحر متلاطم الأمواج، (بسم الله مجراها ومرساها) يقودها بثبات راسخ، ويحافظ على توازنها وسلامة مسيرتها؛ متسلحاً بعقول الحكماء، وجهود العلماء، واجتهادات الفقهاء، ومهارات الخبراء، ومؤيداً بتوفيق الله ورعايته حتى يصل بها إلى بر الأمان».
وأشار إلى أن المفاهيم القاصرة لأصحاب التيارات المتطرفة؛ أفرزت مفاهيم منحرفةً لمصطلحات شرعية، وممارسات إرهابيةً تحت ظلال أحكام فقهية، يتم تبريرها بإيراد تفسيرات خاطئة لآيات قرآنية، وشروحات مجتزأة لأحاديث نبوية، ومواقف من السيرة النبوية مقتطعةً من سياقها، وفتاوى مختارة؛ أطلقها أصحابها ضمن ظروف تاريخية معينة.
وأكد أن المواطن في الإمارات يلتزم بالمفاهيم الصحيحة للمبادئ الفكرية الدينية وفقاً لعدة مفاهيم منها: المفهوم الصحيح لمعنى الإيمان وهو التصديق بالقلب فقط، وأن العمل الصالح مكمل له، وأن المعصية لا تخرج المؤمن من إيمانه؛ ما دام يؤمن بالله تعالى والملائكة والرسل والكتب السماوية، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره.
وأضاف: ومن المفاهيم الانتماء والولاء الوطني، والتي تؤكد على أن المواطن مهما كان دينه أو مذهبه أو معتقده؛ فإنه يعتز بالانتساب إلى وطنه، ويتفانى في حبه، ويبذل النفس والمال للدفاع عن ترابه وأرضه وحماية حدوده، ويقوم بالمشاركة الإيجابية في بنائه، والتمسك بتراثه وتقاليده الأصيلة وقيمه النبيلة، والحفاظ على منجزاته، وصيانة مكتسباته، وتقدير مؤسساته، واحترام أنظمته، والمحافظة على ثرواته، وتعميق المحبة والتلاحم المجتمعي بين مكوناته، والإخلاص لدولته وقيادتها، وطاعة حكامها واحترامهم ومحبتهم، ورفض الولاء لغير الوطن.
ولفت إلى أن مفهوم الجهاد هو نظام عسكري يتم بموجبه الدفاع عن الوطن، والذود عن ترابه، وحماية منجزاته، والحفاظ على استقراره، وهذا موكول شرعاً إلى الحاكم المعروف في الفقه الإسلامي بمصطلح ولي الأمر، وفي هذا الإطار ينتظم الشعب الإماراتي في القوات المسلحة الإماراتية والخدمة الوطنية تحت إمرة القيادة الرشيدة، ولا يسمح لأحد أن يلتحق بالجماعات الخارجة عن القانون تحت ذريعة الجهاد، ومن يخالف ذلك يخضع لقانون مكافحة الجرائم الإرهابية.
وحذر من أن تقسيم العالم إلى دار إسلام ودار كفر ليس أصلا من أصول الدين والإيمان، ولا ركنًا من أركان الإسلام، بل هو اجتهاد بشري له ظروفه التاريخية، التي لا تنطبق على مفهوم الدول الوطنية والعلاقات الدولية في عالمنا المعاصر، وكذلك فإن مفهوم الدولة الإسلامية ينطبق على جميع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي؛ إذ تقام فيها شعائر الدين، والمواطنون فيها آمنون على أنفسهم ودينهم وأعراضهم وأموالهم.
ودعا الكعبي إلى أن يتبنى هذا المؤتمر تعاريف محددةً لكل مصطلح من المصطلحات التي تستخدمها الجماعات الإرهابية في محاولة منها لإغراء أجيالنا بشعارات براقة لاستدراجهم إلى مستنقع الإرهاب والإجرام باسم الإسلام.
وقال عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، إن حماية فكرنا تتطلب تجديداً في الفكر وتعبئة لكل المفكرين المسلمين في طرح الفكر السليم والرد على تحريفات الكثير ممن خرجوا علينا بمقولات وسياسات حان الوقت لوقفة جريئة تقوم على فكر سليم سديد لرد هذه الأباطيل.
وقال الشيخ محمد أحمد حسين، المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية وخطيب المسجد الأقصى المبارك، إن الدعوة إلى احترام الوطن والمواطنة هي دعوة إلى تكاثف الجهود، وصهرها في بوتقة واحدة، لكي تصب في مصلحة الوطن.
وبدوره قال الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية، إن مناهضة التطرف والإرهاب والأفكار الشاذة واجب أصيل على علماء الأمة، والأزهر الشريف وجميع مؤسسات الوطن الدينية بمثابة الحصن المنيع تجاه تلك الجماعات الضالة وأفكارها التي ترسخ لفكر الخوارج.
وقال الدكتور الشريف حاتم بن عارف العوني، أستاذ الدراسات العليا بجامعة أم القرى بمكة المكرمة، إن من واجبات الحكومات والدول حماية أمن شعوبها ومجتمعاتها من العقائد الفاسدة والفكر التخريبي، مضيفًا أن مجابهة إفساد الأخلاق يجب أن تبدأ بداية علمية فكرية في تحديد الأخطار وتمييزها عن غيرها، فلا يكون هناك قمع للحريات، ولا انفلات باسمها.
وقال الشيح أحمد السيابي، أمين عام دار الإفتاء بسلطنة عمان، إن مشكلة العنف الأسرى تعتبر من أكثر المشكلات التي تؤثر سلبياً على المجتمع بالكامل، وتؤدي الى انتشار الفساد.
وقال الشيخ عبدالرحمن آل خليفة، رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالبحرين، «إن هذا الموضوع يضع اليد لمعالجة أحد أهمّ المفهوماتِ الجدلية، وإيجاد آلية علمية وعملية؛ تحمي عالمنا الإسلامي من الأفهام والتطبيقات السقيمة والمغلوطة والمتطرفة. وقال الدكتور محمد دين شمس الدين، رئيس المجلس الاستشاري لمجلس علماء إندونيسيا، إن الحضارة الإنسانية العالمية في حاجة ماسة إلى التغيير والإصلاح، وانطلاقًا من أن الإسلام دين الحضارة والوسطية فعلى المسلمين مسؤولية كبيرة لتقديم البديل الحضاري. وأكد الدكتور بشار عواد معروف، المؤرخ والمحقق العراقي، أن التطرف والإرهاب هو الخروج على إجماع أهل العلم استناداً إلى أدلة متهاوية، أو فهم مغلوط لأحاديث صحيحة، أو تفسيرات شاذة لنصوص لم يقل بها كبير أحد من أهل المعرفة والإتقان.

الهاشمي لـ«الاتحاد»: ثوابت الشريعة حائط صد في وجه التطرف
أكد سماحة علي الهاشمي، مستشار الشؤون الدينية والقضائية بوزارة شؤون الرئاسة، أن الفكر الديني على مدار التاريخ متجدد بتجدد الإنسان من عصر إلى عصر، ولكن التجديد يجب أن يتناول الفكر في غير الثوابت، أما ثوابت الدين التي هي نص قطعي فهي متجددة بأصلها.
وقال الهاشمي لـ «الاتحاد»، على هامش مؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي»، إن المؤتمر يحي في الأمة فكرة التجديد في غير الثوابت القطعية من الدين.
وشدد على أهمية تجديد الفكر الإسلامي في مواجهة الغلو والتشدد والتطرف، وأن الإسلام وثوابت الشريعة تقف حاجزاً أمام التطرف والمتطرفين، وأن ما يحدثه بعض أنصاف العلماء من آراء تنسب إلى الإسلام وهي ليست من الإسلام.
وأشار إلى أن من أسباب التطرف عند كثير من الشباب، حجب الثوابت الحقيقية والفكرة الأصلية للإسلام، والاهتمام بالعلوم الدينية والفقهية وتزويد الناشئة بها لمواجهة الفكر المنحرف والمتطرف.
وشدد الهاشمي على أهمية تقوية الإسلام الأصلي في نفوس المسلمين بثوابته وقيمه وتسامحه، بكل المكونات الأصلية التي تقف في وجه التطرف.
وطالب العلماء والمسؤولين بالاهتمام بأمر المساجد والمدارس، كما فعلت دولة الإمارات العربية المتحدة التي اهتمت أيضاً بالعلماء بأن يكونوا على بصيرة ووعي وهم يتحدثون مع الناس عن أحكام الدين.