إدارة أوباما··· وآليات بناء الإجماع
عند سؤاله يوم 15 يناير الماضي عن الكيفية التي سيدير بها المنافسة الضمنية بين موظفي البيت الأبيض الذين يتمتعون بسلطة واسعة، وخياراته القوية للمراكز الوزارية، أجاب الرئيس أوباما قائلاً: ''إذا كان التوجه الذي أضعه هو أن نأتي بما يكفي من القوة الضاربة لمواجهة المشكلة، وإذا تصرف الجميع باحترام تجاه غيرهم، وإذا تم إبراز الخلافات وبحثها: وإذا اتخذنا القرارات بناءً على الحقائق والبراهين بدلاً من العقيدة، فسيتكيف الجميع مع هذه الثقافة، وسنتمكن من التحرك معاً بفاعلية كفريق واحد''· وإذا نجح هذا التوجه فقد يشكل فعلاً مخططاً للعمل الناجح ليس فقط بين فريق أوباما وإنما كذلك عبر الخطوط الحزبية في الكونجرس، بل وحتى عندما يعود الأمر إلى علاقات أميركا مع الشعوب الأخرى·
هناك حاجة ماسّة لملكات أوباما السياسية حول كيفية حل المشاكل في وقت يتطلع فيه الجمهور الأميركي إلى قيادة توحد الولايات المتحدة، وتعطي الأولوية لعمليــة حل المشاكــل قبل الانتماء الحزبي· ولكن على رغم أن باستطاعته عمل الكثير لتحديد التوجه فسيكون من الأهمية بمكان إلحاق أناس إضافيين ذوي مهارات حقيقية في البيت الأبيض والوكالات الفيدرالية والكونجرس، حتى لا يعتمد تطبيق ملكات كهذه على الزعامة المتسامية لأي زعيم أو مجموعة من القادة·
ويمكن للرئيس وفريقه والكونجرس تحقيق حلول ''الخيار الثالث'' للتحديات الرئيسية إذا كانوا على استعداد لتبني توجهات منهجية مثبتة لإيجاد أرضية مشتركة· وأحد هذه التوجهات عملية بناء إجماع مضاعفة النتيجة وليس البحث عن حلول وسط، وهي أداة فاعلة بشكل خاص للتعامل مع قضايا ذات أهمية وتعقيد على مستوى وطني· هذا مع أن عملية بناء الإجماع، يساء فهمها أحياناً فهي ليست مناشدة بإخفاء الخلافات تحت الطاولة· بل على العكس، لا تنجح هذه الأمور إلا عندما يكتشف منشأ خلافاتهم بشكل كامل، ويصوغونها بصورة واضحة· وتضم الآليات الرئيسية لبناء الإجماع أيضاً إحضار مجال واسع من الأصوات إلى طاولة مشتركة، وضمان أن تكون كافة الأطراف منفتحة لإيجاد إجابات جديدة أفضل مما أحضرته أصلاً إلى الطاولة، وبناء الثقة والتفاهم المؤكد، وتوضيح فروق الفهم وتحقيق الاتفاق على الحلول المشتركة·
لقد استخدمنا هذه الأدوات لزمن طويل، ونعمل حالياً معاً في مشروع رئيسي صدر عنــه تقرير إجمـاع قوي أعــدّه 34 شخصية أميركيةا بارزة من خلفيات متنوعة حول كيفية تحسين العلاقات مع العالم الإسلامي· ومن المشاركين: مادلين أولبرايت، وزيرة الخارجية السابقة في إدارة كلينتون، وريتشارد أرميتاج، نائب وزير الخارجية السابق، ودوف زاخيم، مساعد وزير الدفاع في إدارة بوش الابن، وفان ويبر وستيف بارتليت، وهما عضوان سابقان في الكونجرس، والإمام فيصل عبد الرؤوف والكاتب والي نصر، إضافة إلى تسعة زعماء أميركيين مسلمين آخرين، وتوم داين، المدير التنفيذي السابق للجنة العمل السياسي الأميركية الإسرائيلية ''أيباك'' وريتشارد لاند من المؤتمر الجنوبي المعمداني، ودبلوماسيين سابقين ومسؤولين عسكريين·
وقد تردد بعض أفراد المجموعة في اللقاء في غرفة واحدة في البداية· وهم الآن يعملون معاً كفريق واحد لإصدار توصياتهم إلى جمهور أوسع من خلال تقرير عنوانه: ''تغيير المسار: اتجاه جديد للعلاقات الأميركية مع العالم الإسلامي''· وقد عبر فان ويبر عما يجول في أذهان العديد من الأعضاء الآخرين حين قال: ''يوفر التقرير أفكاراً وتحليلات تنمّ عن وضوح رؤية يمكن للجمهور الأميركي وزعماء الحزبين أن يقفوا وراءها لتحسين العلاقات بين أميركا والمسلمين· وتشكّل العملية التي وصلت المجموعة من خلالها إلى الإجماع نموذجاً جيداً للحوار حول القضايا الصعبة التي تواجهها الولايات المتحدة''·
لقد وصلت التحديات التي تواجه أميركا حدّاً مرعباً، فنحن نواجه أزمة مالية وديناً وطنياً آخذاً في التزايد ونظام رعاية صحية يتعرض للتحديات وقلقاً حول التغيرات المناخية وبنية أساسية عامة آخذة في التداعي ونقصاً في الضمان الاجتماعي ومتطلبات مرتفعة على الخدمات الاجتماعية·
وكما قال أوباما، فإن مجموعة واحدة لا تملك حق احتكار على الأفكار الجيدة· ولذا يجب على أوباما ووزرائه والقادة في الكونجرس أن يعملوا معاً على مأسسة احترامهم للأفكار المتنوعة بل والمتنازعة من خلال استخدام التوجهات التعاونية وذات النتائج المضاعفة من ''الخيار الثالث'' عند التعامل مع المشاكل اليومية الصعبة· ويسمّى مثل هذا السلوك في الديانة البوذية ''الطريق الوسط''، وهو ليس حلاً وسطاً بين موقفين متباينين وإنما هو تبن لموقف أعلى تنتمي إليه جميع الأطراف· لقد حان الوقت لإحضار حلاّلي مشاكل ذوي مواهب إلى كافة مستويات الحكومة الأميركية لاستخدام مهاراتهم وتدريب جيل جديد من القادة لإيجاد حلول يربح فيها الكل من خلال قوة الحوار البناء·
ستيفن كوفي
مؤلف كتاب العادات السبع للأشخاص المؤثرين وكذلك القائد في داخلي ، والمؤسس المشارك ونائب رئيس مؤسسة فرانكلن كوفي·
روبرت فيرش
المدير التنفيذي لبرنامج الولايات المتحدة لمنظمة Search for Common Ground والمدير المشارك لمشروع المشاركة بين أميركا والمسلمين ·
ينشر بترتيب خاص مع خدمة كومون جراوند الإخبارية