فاطمة عطفة (أبوظبي)

افتتح أمس متحف اللوفر أبوظبي موسمه الثقافي الجديد الذي «مجتمعات متغيرة»، بمعرض يحمل عنوان «لقاء في باريس: بيكاسو وشاغال وموديلياني وفنانو عصرهم (1900-1939)». وذلك بحضور كل من معالي نورة الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة، ومانويل راباتيه، مدير متحف اللوفر أبوظبي، وسيرج لافين، مدير مركز بومبيدو، وحضور وسائل الإعلام العربية والأجنبية التي رافقت منظمي المعرض في جولة صحفية تعرفت خلالها على الأعمال المشاركة مع شرح عنها للفنانين الذين هاجروا إلى فرنسا في مطلع القرن العشرين وساهموا في رسم المشهد الثقافي في العاصمة الفرنسية في ذلك الوقت. ويضم المعرض مجموعة من اللوحات والمنحوتات، بما فيها لوحة «غوستاف كوكيو» لبيكاسو (1901)، و«صورة شخصية لديدي» لأماديو موديلياني (1918)، و«الأب» لمارك شاغال (1911)، و«فتاة بثوب أخضر» لتمارا دوليمبيكا (27-1930)، وستتيح هذه الأعمال للزوار الاطلاع على حياة هؤلاء الفنانين ومسيرتهم الفنية في باريس من خلال إعادة تصوير المشهد الاجتماعي والثقافي الذي كان حاضراً في ذلك الوقت.
وقبل بداية الجولة الصحفية في أروقة المعرض تحدث مانويل راباتية، مدير متحف اللوفر أبوظبي، قائلاً: يسعدنا افتتاح موسم (2019/‏‏‏‏‏2020) بإطلاق هذا المعرض الذي يشكل محطة هامة في المنطقة، حيث يسلط الضوء على حقبة بارزة في تاريخ الفن، وأضاف راباتية، مشيراً إلى الموسم الثقافي الجديد في اللوفر أبوظبي لهذا العام، بأنه يبرز إنتاج جيل كامل من الفنانين، مما يتيح لزوار اللوفر أبوظبي فرصة للاطلاع على هذه الأعمال الفنية الاستثنائية، مشيداً بتعاون مركز بومبيدو في تنظيم المعرض.
وبدوره تحدث مدير مركز بومبيدو، سيرج لافين معتبراً أن المركز ساهم في مسيرة اللوفر أبوظبي الفنية والفكرية، حيث أعار المتحف العديد من القطع الفنية التي تضم أعمالاً مهمة لكبار فناني القرن العشرين، وأضاف لافين مشيراً إلى أنه أول معرض يقوم على التعاون ما بين المتحفين، وأن فريق عمل اللوفر هو الذي اقترح فكرة المعرض، الذي يأتي في إطار التبادل الثقافي كما يسلط الضوء على هذا المتحف العالمي الذي صممه جان نوفيل.
واعتبرت د. ثريا نجيم، مديرة إدارة المقتنيات الفنية وأمناء المتحف والبحث العلمي في متحف اللوفر أبوظبي أن المعرض لا يقدم للزوار أعمالاً فنية فقط، بل يأخذهم أيضاً في رحلة عبر الزمن ليعيشوا لحظات تاريخية هي الأهم في تاريخ الفن الحديث، حين اجتمع الفنانون والنحاتون والمصورون مع الكتاب والموسيقيين والشعراء في مشهد ثقافي استثنائي، إلى جانب أعمال كبار الفنانين، الذين هاجروا من أوروبا وآسيا وأميركا إلى باريس، وهم يعرفون اليوم باسم الفنانين الطليعيين.
وجاء في كلمة كريستيان بريان، منسق المعرض: ظهرت هذه التسمية، للمرة الأولى في العام 1925، ومنذ ذلك الحين تم استخدامها للإشارة إلى الازدهار الفني الاستثنائي الذي نتج عن لقاء الفنانين والنحاتين الذين اتجهوا إلى العاصمة الفرنسية في مطلع القرن العشرين، وكانت باريس بالنسبة لهم مركزاً لمختلف أنواع الفنون.
يشار إلى أن المعرض يتتبع نشأة العديد من الحركات الفنية التي باتت اليوم تعرف بأبرز الحركات التي حددت معالم الفن الحديث، إذا كان العنف والوحشية من أول الحركات التي ظهرت في هذا الإطار، والتي يكشفها الزائر من خلال أعمال عدة منها «درجات الأصفر» لفرانتيشيك كوبا (1907)، و«نيني الراقصة في ملهى فولي بيرجير» ليكس فان دونغن (1909)، و«فيلومينا»، لسونيا دبلوناي (1907)، ولابد من الإشارة إلى أن فناني هذه الحركة كانوا منفتحين على المخاطرة الفنية ويستمدون إلهامهم من فان غوخ وغوغان وقد ابتكروا لوحات استخدموا فيها ألواناً مشرقة وحادة.
هذا ما جاء في شرح كريستيان منسق المعرض الذي رافق الإعلاميين وقام بالشرح عن القطع الفنية المعروضة، شارحاً عن لوحة «فتاة نائمة» لسونيا ديلوناي (1907) بأنها أوضح مثال على أن استخدام الضوء والألوان في اللوحة يتعدى نقل المساحة والبعد فيها إلى نقل المشاعر، ثم أشار إلى الأعمال التكعيبية مثل لوحة «الفتاة والطارة»، لبيكاسو (1919) و«طبيعة صامتة على كرسي» لخوان غريس (1917)، مشيراً إلى أن بيكاسو قام بالتعاون مع الفنان الفرنسي جورج براك، بابتكار مبدأ التكعيبية، مستمداً الإلهام من أعمال بول سيزان ومن المنحوتات الإفريقية. هذا وتوضح أعمال بيكاسو الفنية المعروضة، مثل «امرأة جالسة على كرسي» (1910)، سعيه إلى عدم إيضاح الخطوط التي ترسم معالم الشخص في إطار تجريدي. وفي خلال هذه الجولة اطلع الإعلاميون على مختلف المناطق الفرنسية التي شكلت مركزاً للفنانين، ومنها حي مونمارتر، وحي مونبارناس.
أما فن التصوير الفوتوغرافي في معرض «لقاء في باريس: بيكاسو وشاغال وموديلياني وفنانو عصرهم (1900-1939)، فيشمل أعمالاً مثل «واجهات المحلات» لفلورانس هنري (1930)، و«جسر نوف في الليل»، لبراساي (1932). كما تظهر أعمال لنوع جديد من الحداثة في التصوير مثل أندريه كيرتيس وإبلسيه بينغ، وتبرز بعض أعماله في المعرض منها «ظل برج إيفل».