منير رحومة، علي معالي، وليد فاروق (دبي)

ليس من السهل أن تدخل التاريخ من أوسع أبوابه.. التألق والتفوق والتوهج من نصيب المجتهدين فقط.. ما أروع أن تكون على موعد دائم مع الإنجازات وكسب التحديات..
أصبح عبدالعزيز العنبري المدير الفني للشارقة «حالة خاصة» ونادرة واستثنائية في كرة الإمارات، ألا يكفي أنه أول مدرب مواطن يحصد لقب الدوري، كما أنه المواطن الوحيد الذي كسب الدوري لاعباً ومدرباً، وفاز ببطولة السوبر لاعباً ومدرباً أيضاً، ويظل العنبري متوهجاً لفترات طويلة في ملاعبنا وبين مدربينا، لأنه بالفعل أثبت أنه من النوعية «السوبر»، سواء عندما كان لاعباً، أو حتى أصبح مدرباً، هذه حقيقة يرسخها التاريخ، وعندما كان لاعباً توج بآخر لقب للسوبر للشارقة موسم 1993 - 1994، ليس هذا فحسب، بل سجل هدفاً في المباراة من الهدفين اللذين فازا بهما الفريق على الشباب، وبعد 25 سنة عادت الأيام، لتؤكد ذكاء وقوة العنبري، وهذه المرة مدرباً بالفوز باللقب، مساء أمس الأول، على شباب الأهلي بـ «ركلات الترجيح»، وعلى الملعب نفسه الذي حقق عليه «السوبر» لاعباً.

ويحسب للعنبري أيضاً أنه أول مدرب مواطن ينجح في الفوز بـ «السوبر» العربي في «الاحتراف»، وثاني مدرب في تاريخ البطولة، بعد نجم النصر السابق رجب عبدالرحمن المتوج باللقب في النسخة الأولى موسم 1989 - 1990، أي بعد 20 عاماً.
وفتح العنبري آفاقاً جديدة للمدربين المواطنين، متجاوزاً كل العقبات التي حالت دون حصولهم على فرصتهم كاملة، لأنه وبمجرد نيله لها نجح في التتويج بدوري الخليج العربي الموسم الماضي، متفوقاً على جميع المدربين الأجانب، قبل أن يفتتح الموسم الجديد بلقب «سوبر» جديد.
ورغم قيمة الإنجاز، فإن العنبري اعتبر أن ما تحقق حتى الآن لا يقاس على اعتباره إنجازات شخصية، بقدر ما هي تجسيد للعمل الجماعي داخل الشارقة، خاصة بعد قرار الدمج، بداية من الدعم الكبير الذي يتلقاه من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وجهود إدارة النادي ومسؤوليه واللاعبين وتكاتفهم ومساندة الجماهير، وقال: بغض النظر عن نجاحي في تحقيق بطولتين متتاليتين مع الشارقة، فإن أكبر من اعتبارهما إنجازين شخصيين، هو أنهما بمثابة هدف من أجل عودة «الملك» لما تعودت عليه جماهيره في «الزمن الجميل»، بالوقوف على منصات التتويج، والمنافسة دائماً على كل الألقاب.
وأضاف: الشارقة ابتعد عن الألقاب السنوات الماضية، لكن بداية من الموسم الماضي اختلف الوضع ونجحنا في العودة من جديد، وأصبح من المهم بعد التتويج بلقب دوري الخلج العربي، أن نحافظ على وضعيتنا فريقاً قادراً على الدخول في دائرة المنافسة كل موسم، وأعتقد أن التتويج بكأس السوبر، يضع على كاهلنا مسؤولية ضرورة المحافظة على طموحاتنا لا يقل بحال من الأحوال عن الموسم الماضي، صحيح أن المحافظة على القمة أصعب من الوصول إليها، لكن بمزيد من الجهد قادرون على التواجد بين 4 أو 5 فرق منافسة على لقب دوري الخليج العربي هذا الموسم.
واعترف العنبري أنه لم يتوقع سيناريو كأس سوبر الخليج العربي، واللجوء تحديداً إلى ركلات الترجيح لحسم الفريق الفائز باللقب، وأنه بعد واقعة طرد لاعبه الحسن صالح، اضطر إلى التعامل مع مجريات اللقاء وفق الأوضاع الجديدة، في الوقت الذي كان لاعبوه على قدر المسؤولية.
من جانبه، قال عبدالعزيز محمد «عزوز» مدير الفريق: اللاعبون نجوم كبار، لأنهم أعادوا زمن «الملك» الجميل، لأنني عشت الأجواء نفسها موسم 1993- 1994، عندما حملت مع محسن مصبح وعبدالعزيز العنبري وإبراهيم سمبيج «السوبر»، وقبلها بطولة الدوري، مؤكداً أن طرد الحسن صالح له تأثيره الكبير على الفريق، إلا أن اللاعبين أثبتوا أنهم بالفعل من «طينة الملك» التي تظل صامدة وقادرة على تحقيق هدفها، حتى الرمق الأخير من المباراة، وفريقنا بالفعل يلعب بروح الأسرة، وهذا هو سر الانتصار.
وقال: فرحة السوبر دائماً لها طعم خاص، وعشت هذه الأجواء بالفعل، وسعادتي بهذا الجيل لا حدود لها، لأنها ألقاب يحققونها للمرة الأولى، وأنا مع جيل من اللاعبين السابقين، سواء محسن مصبح أو العنبري أو سمبيج وعلي ثاني، حققنا العديد من الألقاب، وعشنا أياماً سعيدة بالألقاب، واستطاع هذا الجيل من اللاعبين أن يستعيد هيبة «الملك» مجدداً.
وأضاف: الفوز بلقب السوبر يؤكد أن «الملك» حاضر وجاهز بمنتهى القوة للموسم الجديد، وندافع عن حقوقنا في الدوري، لا ألوم إيجور على إهدار ركلة الترجيح، لأنني عشت الأجواء وهي ضربة حظ، وهذا لا يقلل من كفاءة هذا الموهوب، كما أن المباراة اختبار قوي أيضاً لكفاءة المهاجم الجديد ريكاردو جوميز الذي ننتظر منه الكثير، خاصة أنه يملك قدرات عالية لم يستطع إظهارها في لقب السوبر للظروف التي أحاطت بالفريق بعد حالة الطرد المفاجئ، ولكنه شكل خطورة وقلقاً عندما كان يستلم الكرة وينطلق وسط دفاعات شباب الأهلي.
وقال: تحدث معي جوميز بأن هذه الأجواء والرطوبة العالية يستحيل اللعب فيها، وتمنى بعد مباراة عجمان الأخيرة التي سجل فيها 3 أهداف ألا تكون الأجواء والرطوبة، مثلما كانت في لقاء عجمان، خاصة أنه للمرة الأولى يعيش في مثل هذه الرطوبة العالية.
وتجلت الروح الجميلة كذلك في لاعبي الفريق، وهو ما أكده المدافع علي الظنحاني الذي يلعب للمرة الأولى في مركز المدافع الأيسر بعد طرد الحسن صالح، وقال: لم أكن أتوقع ما حدث من تغيير لمركزي في المباراة، ولكن كان علينا التعامل السريع مع الواقع الاضطراري، والأصعب في المباراة أن الضغط كان كثيراً على جبهتي ولكن معاونة زملائي في أرض الملعب جعلتنا نفرح معاً في النهاية بلقب جميل يؤكد كفاءة هذا الجيل من اللاعبين، وقال: الاتصال الأول الذي قمت به لأسرتي، وتلقيت تهنئة والدي ووالدتي وزوجتي بما حققناه من انتصار رائع يضعنا في بداية الموسم في مقدمة الأندية.
واعتذر الحسن صالح لما بدر منه، وقال: شعرت بالخوف الكبير على زملائي، لأنني تسببت لهم في ضغط شديد بسبب الطرد الذي تعلمت منه بالطبع الكثير، خاصة في تنفيذ وتطبيق القانون الجديد، وشعرت بحزن شديد عقب الطرد، ولابد من الاعتذار لجمهور الشارقة في المقام الأول، وزملائي لما تسببت فيه أثناء المباراة وهي درس قاسٍ لابد من التعلم منه.
ووراء انتصار «الملك»، قصص وحكايات وأسرار جعلت الشارقة تبتسم مجدداً، بجيل ذهبي من اللاعبين أعاد إلى الأذهان أيام «الملك» الجميلة، حتى اكتملت في ليلة السوبر، والاحتفالات الاجتماعية الأربعة التي سبقت اللقاء جعلت الفريق يدخل الفرحة الخامسة أمام شباب الأهلي بمنتهى العزيمة والقوة، وقبل المباراة كان هناك أكثر من تجمع عائلي بين أفراد الفريق، حيث تم الاحتفال بعقد قران الثنائي محمد عبدالباسط، وعبدالله يوسف الحارس الثالث، إضافة إلى الاحتفاء بزواج حمد يوسف، ومناسبة رابعة أيضاً بعمل احتفالية خاصة بالنجم الأوزبكي شوكوروف مصحوبة بـ «تورتة» كبيرة مكتوب عليها، «مرحباً شوكوروف».