محمد إبراهيم (الجزائر)

أعلن الرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة يوم 12 ديسمبر المقبل، لأول مرة منذ استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في 2 أبريل الماضي. وقال بن صالح في خطاب متلفز وجهه للشعب الجزائري الليلة الماضية، إنه قرر في إطار صلاحياته الدستورية المُخولة له تحديد تاريخ الانتخابات الرئاسية يوم الخميس 12 ديسمبر 2019، مضيفا «آن الأوان اليوم ليُغلّب الجميع المصلحة العليا للأمة على كل الاعتبارات، كونها تعد القاسم المشترك بيننا، لأن الأمر يتعلق بمستقبل بلادنا ومستقبل أبنائنا». وبهذا الإعلان يكون الرئيس بن صالح قد التزم بالموعد الذي حدده الفريق أحمد قايد صالح نائب وزير الدفاع رئيس الأركان الجزائري لإصدار الدعوة للانتخابات وهو 15 سبتمبر الجاري.
واستعرض بن صالح في خطابه الجهود التي قامت بها الدولة منذ بدء الأزمة السياسية بداية من تشكيل هيئة الوساطة والحوار التي عملت بعد تسخير كافة الجهود لإتمام عملها واللقاءات التي عقدتها مع مختلف الأحزاب والجمعيات السياسية والشخصيات الوطنية، وصولا إلى إقرار تعديلات دستورية على قانون الانتخابات، وتشكيل السلطة المستقلة للإشراف على الانتخابات.
ودعا بن صالح إلى العمل لجعل الانتخابات الرئاسية نقطة انطلاق لمسار تجديد الدولة، والعمل جماعيا وبقوة لأجل إنجاح هذا الاستحقاق كونه سيمكِن شعبنا من انتخاب رئيس جديد يتمتع بكامل شروط الشرعية.. رئيس يأخذ على عاتقه قيادة مصير البلاد وترجمة تطلعات الشعب الجزائري، مؤكداً أن هذه الانتخابات هي الحل الديمقراطي الوحيد والناجح للخروج من الأزمة الحالية.
واعتبر أن الانتخابات الرئاسية ستشكل فرصة فريدة من نوعها من شأنها أن تمكن من إرساء الثقة في البلاد وتكون، بنفس الوقت، بِمثابة البوابة التي يدخل من خلالها الشعب الجزائري في مرحلة واعدة توطد لممارسة ديمقراطية حقيقية في واقع جديد.
وقال «أدعو المواطنين والمواطنات إلى العمل يوم 12 ديسمبر لصناعة تاريخ بلادهم والمساهمة جماعيا في حسن اختيار رئيسهم الجديد وتسطير مستقبل بِلادهم الواعد».
وأوضح أن قانوني السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات ونظام الانتخابات أدخلا تغيرات مهمة وغير مسبوقة مست في الجوهر النهج الذي كان معمولاً به في مجال الانتخابات بالجزائر، وقال«جاءت هذه التغييرات لتكون جوابا واضحا للمشككين، وبالوقت ذاته، فإنها أتت لتترجم مضمون التطلعات المشروعة لشعبنا وتمكنه أن يختار بكل سيادة وحرية وشفافية الشخصية التي يرغب في تكليفها بمهمة قيادة التغيير والاستجابة لباقي المطالب التي دعي لها المواطنون».
وشدد على أن هذه الانتخابات تمثل الحل الديمقراطي الوحيد والناجح الذي سيسمح للجزائر بتجاوز وضعها الراهن، مشيراً إلى أن هذا الخيار أصبحت غالبية شعبنا اليوم تنخرط فيه، مضيفا أن هذه الانتخابات بقدر ما تعد ضرورية فهي أيضا تعد مطلبا مستعجلا كونها ستمكن بلدنا من استعادة عافيته وسيره الطبيعي سياسيا ومؤسساتيا، وتؤهله لأن ينصرف لمواجهة التحديات الكبرى في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، والتصدي للتهديدات الخارجية المحدقة به.
وكان الرئيس الجزائري المؤقت وقع، أمس، على القانون المتعلق بتشكيل السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، والقانون المتعلق بنظام الانتخابات عقب تعديله، بحسب بيان للرئاسة الجزائرية.
وقال البيان إن توقيع بن صالح على القانونين جاء بعد استيفاء كل الشروط التي ينص عليها الدستور، وبعد أن أبلغ المجلس الدستوري رأيه حولها.
وعلى صعيد متصل، اختار أعضاء السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بالجزائر وزير العدل الأسبق وزير العدل الأسبق، محمد شرفي رئيساً للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات بالتزكية، لتبدأ السلطة مهامها فور صدور قرار الدعوة للانتخابات الرئاسية المقبلة.
وسبق لشرفي (73 عاما) أن تولى وزارة العدل مرتين الأولى في 2002 -2003، والثانية في 2012، وأقيل بسبب توقيعه على مذكرة توقيف دولية بحق شكيب خليل وزير الطاقة الأسبق الذي كان مقربا من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وفي أول مؤتمر صحفي عقب تعيينه رئيسا للسلطة المستقلة للانتخابات، قال شرفي إن «السلطة ستعمل على تجسيد واستكمال بناء الدولة، ومهمتنا هي أن ينعم المواطن بحقوقه الكاملة دون أي قيد، إلا ما يفرضه القانون، الذي يطلق عليه عبارة دولة الحق والقانون».
ووجه الشكر لأعضاء السلطة الوطنية على قبولهم لتحمل المسؤولية، وقال إنه «بعد السنوات الطويلة، اليوم هو نقطة الانطلاق الحقيقي، من أجل تتويج ما قام به الأسلاف، والأمانة هي تجسيد المطلب الرئيسي الذي يكمن في اختيار الشعب من يمثله».
وقال إن السلطة المستقلة تكاد تكون فريدة من نوعها، وهي ثمرة الاستجابة لمطالب الشعب، مضيفا أن السلطة ستضمن ممارسات حرة ونزيهة لاختيار الشعب لرئيسه مستقبلا.
وأكد أن جميع أعضاء السلطة على وعي بأن الثقة التي فقدت بين المنتخبين والمسيرين في الدولة سترجع شيئا فشيئا، وقال إن «الشعب الجزائري حقق ديمقراطية حقيقية وفعلية في الميدان، كما أن قيادة الجيش عقدوا العزم على مرافقة الشعب الجزائري».
وقال إن الخطوة القادمة هي تنصيب مكتب السلطة وإعداد القانون الداخلي الذي يسمح بتنظيم أعمالها على المدى القصير، لأننا على مشارف استدعاء الهيئة الناخبة للانتخابات.
ولم يستبعد شرفي، إجراء مناظرة بين المترشحين والأحزاب بعد موافقة السلطة، وقال إن»القانون لا يمنع المناظرة، وهي فكرة لجات لها البلدان المتقدمة وتونس البلد الجار».