أسماء الحسيني(القاهرة- الخرطوم)

أكد رئيس الوزراء السوداني الدكتور عبد الله حمدوك سعيه إلى بناء علاقات استراتيجية متطورة لا يحدها سقف مع جنوب السودان، بحسب قوله فور وصوله إلى جوبا أمس. وبحث حمدوك مع المسؤولين في الجنوب قضايا التجارة بين البلدين وملفات النفط وحرية الحركة والتنقل للناس والبضائع.
وأعرب حمدوك عن سعادته بوجوده في وطنه الثاني جنوب السودان. وأضاف: «كما وعدت أن أول زيارة لي بعد أداء القسم سوف تكون إلى جنوب السودان».
ومن جانبه، قال جيمس وانيجا نائب رئيس جنوب السودان إن حمدوك يعتبر الشخص الأمثل لقيادة شعب السودان في هذه المرحلة، مشيراً إلى أنه يمتلك الخبرة الكافية لإدارة الأوضاع خلال المرحلة الجديدة. وقال: «نحن فخورون بحمدوك، ولدينا معرفة قديمة به حيث كان صديقاً لنا في الحركة الشعبية منذ أيام الحرب الأهلية، كما أنه كخبير اقتصادي يمكن أن يضع معالجات حقيقية لكافة المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها بلدانا». والتقى حمدوك في جوبا رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، كما أجرى مباحثات مع الجبهة الثورية السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو. وركزت مشاورات حمدوك مع سلفاكير على قضايا التعاون الثنائي بين الدولتين، إضافة إلى جهود جوبا للوساطة بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة، التي أدت إلى التوقيع على اتفاقين إطاريين أمس الأول، من أجل بدء المفاوضات منتصف أكتوبر المقبل.
وينص الاتفاقان على خريطة طريق واتفاق مبادئ لتحقيق السلام الشامل العادل، وتضمنا وقفاً شاملاً لإطلاق النار بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة وفتح الممرات الإنسانية وإطلاق سراح المعتقلين وتعهد بإعادة الممتلكات المصادرة.
وقد أثارت زيارة حمدوك الأولى لجوبا ردود فعل واسعة مرحبة بها في كل من الخرطوم وجوبا، وأعرب سياسيون وإعلاميون ومواطنون في البلدين لـ«الاتحاد» عن سعادتهم بهذه الزيارة لما تحمله من مدلولات عميقة وإشارات إيجابية بشأن عمق العلاقة والمصالح بين شعبي دولتي السودان، والتي لم تنقطع بانفصال دولة الجنوب في 2011، كما عبروا عن رغبتهم في تطوير هذه العلاقات إلى أبعد مدى.
وقال الإعلامى الجنوبي دينج أشونق: «نتمنى عهداً جديداً في الارتقاء بالعلاقات بين الدولتين الشقيقتين». وقال صلاح جلال، القيادي بحزب الأمة، إنه يأمل في كونفدرالية بين البلدين، فيما أعرب الناشط السوداني أبو بكر حسين أن يبحث حمدوك مع جنوب السودان الحريات الأربع مع جنوب السودان، حرية التنقل والتملك والعمل والإقامة. ورحب الباحث الجنوب سوداني أنجلو قاي برئيس الوزراء السوداني في جوبا، معربا عن أمله أن تبدأ مرحلة جديدة من التعاون المشترك بين البلدين الشقيقين. وقال الناشط الجنوبي ماويين أجوبا: «نأمل في علاقات متينة مبنية على تاريخنا الطويل المشترك، وأن تنعكس على شعب واحد في بلدين».
يأتي ذلك في وقت، أعلن فيه مجلس السيادة في السودان أنه تم الاتفاق مع الحركات المسلحة على إرجاء تشكيل حكومات الولايات إلى حين استكمال عملية السلام. وكان من المقرر أن يتم تشكيلها في غضون 90 يوما من توقيع اتفاق ترتيبات نقل السلطة في 17 أغسطس الماضي.
وقد عاد إلى الخرطوم أمس وفد مجلس السيادة الانتقالي بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي). وقال محمد الفكي سليمان المتحدث باسم مجلس السيادة إن مفاوضات السلام مع الجبهة الثورية والحركة الشعبية جناح عبد العزيز الحلو ستبدأ الشهر المقبل، وهناك لجنة مشتركة ستعكف على وضع الجدول الزمني والقضايا التي ستدرج في العملية التفاوضية. وأكد الفكي التزام واستعداد الحكومة لتحقيق سلام شامل في السودان، مشيرا إلى الاتفاق على جملة من المواضيع لتهيئة أجواء التفاوض، موضحاً أن الأطراف أكدت على ضرورة التوصل إلى اتفاق سلام شامل في غضون شهرين من بدء الحوار. ومن المقرر أن يشهد الأسبوع المقبل زيارة عدد من المسؤولين الدوليين للسودان، حيث يزورها الاثنين المقبل وزير الخارجية الفرنسي، فيما يزورها وزير التعاون الدولي السويدي الثلاثاء المقبل، ويصلها وزير الشؤون الخارجية البريطاني الأربعاء المقبل.
وعلى صعيد آخر، قالت سارة نقد الله، الأمينة العامة لحزب الأمة السوداني القومي. لـ«الاتحاد» تعليقا على أنباء عن تقديمها استقالتها من منصبها، إنها نالت شرف انتخابها لهذا المنصب في 2014، وكانت أول امرأة تتولى هذا المنصب الرفيع، مما جعل حزب الأمة يحقق مكانة متقدمة في الانتصار لحقوق المرأة، وأنها تمكنت من المساهمة في صمود الحزب أمام السياسة القمعية للنظام البائد، وشاركت في مساهمة حزب الأمة في الثورة السودانية العظيمة. وأضافت أنها شعرت بمتاعب صحية لا تمكنها من مواصلة العطاء بنفس المستوى المعهود، لذا قدمت استقالتها لرئيس الحزب، لكنه طلب منها أن تكون استقالتها أمام الهيئة المركزية التي انتخبتها، وأنها وافقت على هذا الإجراء، وستواصل مهام عملها حتى انعقاد الهيئة المركزية.

مظاهرات مطالبة بالعدالة
تظاهر مئات السودانيين أمس قرب القصر الجمهوري في الخرطوم وسط إجراءات أمنية مشددة، مطالبين بالعدالة لمن قتلوا من رفاقهم خلال الاحتجاجات التي شهدها السودان منذ اندلاع الثورة السودانية في ديسمبر الماضي، كما طالب المحتجون أيضا السلطات الجديدة في الخرطوم بتعيين رئيس دائم للسلطة القضائية ونائب عام. وقال تجمع المحامين الديمقراطيين في السودان إن كل تأخير في تعيين رئيس القضاء والنائب العام فيه إجهاض للثورة والعدالة، ونظمت مسيرات مماثلة في مدن بورسودان وكسلا ومدني.

مصر ترسل شحنة مساعدات «لوجيستية» إلى جوبا
أرسلت الحكومة المصرية شحنة مساعدات لوجيستية إلى دولة جنوب السودان لدعم مراكز تجميع القوات، في إطار تنفيذ بند الترتيبات الأمنية باتفاق السلام المنشط، الذي توقيعه تحت رعاية الهيئة الحكومية لتنمية دول شرق أفريقيا «الإيجاد»، في سبتمبر من العام الماضي.
ويُعد بند الترتيبات الأمنية هو البند الأهم والأكثر صعوبة في اتفاق السلام من حيث التنفيذ اللوجيستي والمادي أيضاً، ومن ثم تعهدت عدد من الدول الإقليمية وعلى رأسها «مصر، السودان، أوغندا، وجنوب أفريقيا» بتقديم مساعدات لوجيستيه وعينيه لجنوب السودان فيما يختص ببند الترتيبات الأمنية على وجه التحديد لتنفيذه، تحقيقاً لإجراءات دمج قوات المعارضة مع القوات النظامية، وتكوين جيش شعبي موحد، هدفه حماية أمن الدولة فقط.
ووصلت شحنة المساعدات والتي تتضمن (خياماً) لمراكز تجميع قوات المعارضة على متن طائرة عسكرية مصرية، أمس الأول، وتم تسليمها إلى لجنة ما قبل الفترة الانتقالية، بحضور وزير شؤون مجلس الوزراء مارتن إيليا لومورو، بصفته سكرتيراً عاماً للجنة، ووزيرة خارجية جنوب السودان أوت دينق أشويل.
وتأتي تلك المساعدات المصرية إلى دولة جنوب السودان كـ «حزمة أولى» ضمن سلسلة مساعدات أخرى تقدمها القاهرة إلى جوبا لدعم تنفيذ بند الترتيبات الأمنية، وتم إرسالها عقب حصول الحكومة المصرية على موافقة رسمية من لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن.