هناء الحمادي (أبوظبي)

تجذب الأكلات الشعبية الإماراتية في مهرجان الشيخ زايد التراثي في الوثبة المواطنين والمقيمين والسياح، كونها تعبر عن جزء من التراث، كما أنها تسهم في إبراز هوية البلد وأصالته، ويحيّي ركن المطبخ الشعبي الإماراتي زائريه بأشهى الحلويات والأكلات التقليدية، حيث يتفنن الكثير من معديها لتحضير أنواع العجين ثم اللقيمات وخبز الرقاق والخمير، لتزويد الراغبين بأطباق منوعة منها، بالإضافة إلى النخي والباجلة والخبيصة والعصير والقهوة العربية، وبعض الوجبات الخفيفة التي يتناولها الزوار.
شهد الحميري التي تزور مهرجان زايد التراثي للمرة الخامسة قالت إن التغيير الذي طرأ على كافة جوانب حياتنا، لم يؤثر في وجود الأكلات الشعبية الإماراتية، حيث يحرص جميع الزوار على تناولها، في أجواء جميلة وسط مشاهدة العروض والفعاليات التي تقيمها الأجنحة المشاركة في المهرجان، وتتعدد تلك الأطباق من مكان لآخر لكن تظل الجلسات، التي أعدت لتناول الأكلات الشعبية لها رونقها وسط نسمات الهواء العليل ومشاهدة النافورة الراقصة على أنغام الأغاني الوطنية.

تذوق الموروث
فهد إسماعيل، جاء هو وعائلته للاستمتاع بأجواء المهرجان وفعالياته ومشاهدة الأجنحة المشاركة في المهرجان والتعرف إلى حضارات تلك الدول، لكن تظل الأكلات الشعبية التي تضم عدداً من الحلويات الشعبية التي نفتقدها طوال العام، هي مطلب العائلة دائماً أثناء زيارة المهرجان، ويحرص الجميع على تذوق الموروث الشعبي من خلال تلك الوجبات في المهرجان لتبقى في ذاكرة الأبناء ولا تندثر وغالباً ما يكون النخي والباجلة والهريس واللقيمات، أهم الأكلات على مائدة الجلسات الشعبية التي تتناثر على مدى ساحة المهرجان والتي تعود إلى ذاكرة الآباء والأجداد.


وعلياء الظاهري التي جاءت برفقة عائلتها تستمتع بتلك الأكلات، فهي رغم التغيرات التي حصلت في واقعنا، تركز دائماً على إحياء المواريث والعادات الشعبية.
وتقول «تعد الأكلات الشعبية من أبرز مظاهر الموروث، إذ تحضر في الفعاليات التراثية المتباينة التي تقام في الدولة، فهي تختصر ثقافة المطبخ الإماراتي، كما أن طهو الأكلات أمام الناس، وتقديمها لهم طازجة، لا يشكل انعكاساً للتراث فحسب، إنما يفتح الأفق للمقيمين العرب والأجانب للتعرف إليه وتذوق نكهاته المتباينة.
وتضيف «أحب تناول اللقيمات التي تتكون من الطحين والزعفران والسكر والقليل من الخميرة، حيث تعجن وتريح العجينة قليلاً قبل أن تغلى وهي من الأكلات الخفيفة إلى جانب الهريس.

مطاعم شعبية
وما بين الهريس، والفريد، واللقيمات، والخبيص يسارع الكثير من الزوّار من مختلف الجنسيات إلى مطعم «المخرافة للمأكولات الشعبية»، الذي يختص ببيع تلك الأكلات الشعبية طوال المهرجان ليفتح الأفق للزوَّار من السياح والأجانب والمقيمين للتعرف عليها وتذوق نكهاته المحلية.
ومن بين زوار المهرجان، شفاء أمين المقيمة في أبوظبي التي قالت إن وجود تلك الأكلات الشعبية يعطي انعكاساً لتراث المطبخ الإماراتي، الذي تتنوع فيه تلك الأكلات بمختلف مسمياتها وتعدد نكهاتها، ناهيك عن اعتدال الجو وتعدد الفعاليات والجلسات التراثية، مما شجع ضيوف المهرجان على زيارة المكان وتناول تلك الوجبات التي امتلأت بعدد من الجلسات التراثية، التي جذبت الكثير من الزوار.
وتضيف: أكثر ما يعجبني من الأكلات التراثية «اللقيمات»، خاصة عندما تكون ساخنة، وقد وضعت عليها قطرات من الدبس مع القليل من الحبات المنثورة من السمسم، وهذا الطبق في المهرجان يشهد إقبالاً كبيراً عليه من قبل الأطفال.
وتتفق معها في الرأي فاطمة مبارك التي كانت بصحبة صديقتها، فبعد أن أنهكها التعب حجزت لها مكاناً في ساحة بيع الأكلات الشعبية في الهواء الطلق تنظر يميناً وشمالاً للفعاليات المصاحبة للمهرجان، وهي تتذوق اللقيمات الساخنة وصحن الهريس الممتلئ «بالسمن العربي».
وتقول: «كل الأطباق الشعبية لذيذة خاصة مع وجود تلك الجلسات الشعبية التي تزين أرجاء المهرجان، حيث تشهد إقبالاً كبيراً عليها».

تراث بلادي
من جانبه، يشعر سيف البلوشي «24 عاماً» من زوَّار المهرجان بأن توافر هذه المأكولات الشعبية له أثر في نفوس الزوَّار لتكامل عملية تذكر الماضي والعيش في زمن فقده الناس، خاصة كبار السن.
وأضاف «يمكنني أن أرى تراث بلادي في هذا المكان، حيث يفوح المكان برائحة المأكولات الشعبية التي لها مكانة خاصة في ركن المطاعم التي توفر كل الأطباق الشهية، كما أنني من خلال زيارتي للمهرجان منذ افتتاحه وحتى هذه اللحظة، إن لم أتناول هذه الأكلات أشعر بأني فقدت شيئاً مهماً، لأنني حريص على تناولها.
بينما سارة القبيسي التي كانت برفقة أبنائها الصغار، فترى أن الجيل الجديد لا يزال يقبل على هذه الأكلات، وهذا ما بدا واضحاً في مهرجان الشيخ زايد التراثي، حيث لوحظ إقبال الكثير من أبناء الإمارات خاصة والزوَّار عامة على شراء تلك الأطباق الشعبية التي كانت أسعارها معقولة وفي متناول الجميع، بالإضافة إلى تنوعها وتناولها وسط جو عائلي يتسم بالمحبة والألفة، وحديث الذكريات القديمة.

مذاق طيب
وفي «مطبخ الغالية الشعبي» تتنوع الأكلات الشعبية بين الهريس والنخي والباجلة وكل أصناف الأكلات الشعبية التي تتميز بمذاقها الشعبي وسخونتها، مما يقبل عليها الإماراتيون بالدرجة الأولى، ثم الزوار العرب والسياح الأجانب.
وتعتبر السائحة البريطانية جوانا سيمون أن مهرجان الشيخ زايد التراثي فرصة ذهبية للتعرف إلى أهم العادات والتقاليد للدول المشاركة وخلال تواجدها استطاعت أن تكرر زيارتها لاكتشاف المزيد من حضارات الدول المشاركة من حيث العادات والتقاليد وأهم الأكلات، لكن تظل الأكلات الشعبية التي تتنوع في المهرجان أطيبها.
تقول «أشعر بالارتياح عند تجولي داخل مهرجان زايد التراثي خاصة عند الاقتراب من المأكولات الشعبية، فتذوقها باستمرار أمر مهم عندي لما أراه أمام عيني من نظافة في طهو هذه المأكولات، إضافة إلى النكهة العربية الجميلة التي أتذوقها من هذا الطعام، حيث يعجبني كثيراً الخبز «الرقاق» والنكهات الجميلة التي تضاف إلى هذا الخبز، إضافة إلى بعض الأكلات الأخرى.

مذاق خاص
رغم نسمات الهواء العليل الباردة إلا أن ذلك لم يمنع عبدالله الزرعوني من التجول في مهرجان الشيخ زايد التراثي الذي يستعرض جوانب متعددة من حضارات الإمارات وشواهدها وآثارها الممتدة.. ويقول «انبهرت بجميع ما يقدم في المهرجان، حيث يعكس تراث الإمارات وتاريخها القديم، إضافة إلى أن المأكولات الشعبية لها مذاقها الخاص، ويكمن السر في طبيعتها البسيطة ونظافتها وجودتها، موضحاً أن تناول هذه الأكلات يتماشى مع هذا الجو البارد، حيث تقدم المأكولات ساخنة للزوار في ظل الأجواء الباردة كما أن تواجد الجلسات الشعبية أضاف جمالاً للمكان.