أسماء الحسيني (القاهرة- الخرطوم)
وقع وفد مجلس السيادة السوداني وثيقتي اتفاقين إطاريين للسلام العادل الشامل مع الجبهة الثورية والحركة الشعبية بجبال النوبة بقيادة عبدالعزيز الحلو، كلاً على حدة، أمس في جوبا عاصمة جنوب السودان، وذلك عقب يومين من المباحثات معهما برعاية رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت.
وفي الوقت ذاته توصل رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت ورياك مشار زعيم المعارضة ونائبه إلى اتفاق حول تشكيل حكومة انتقالية يوم 12 نوفمبر المقبل، وفقاً لما أكده وزير الإعلام بجنوب السودان مايكل ما كواي، الذي قال إن محادثات الجانبين كانت جيدة، دون أن يكشف عن التفاصيل.
وكان إعلام المجلس السيادي السوداني قد أكد أن وفدي الحكومة السودانية والجبهة الثورية اتفقا حول معظم القضايا العالقة بينهما، فيما أكد توت قلواك مستشار سلفاكير توصل الطرفين إلى سلام شامل، موضحاً انخراطهما في مناقشات جادة خاطبت جذور المشكلة. وقال قلواك إن الاتفاق سيشكل ورقة مشتركة للتفاوض مع الحركة الشعبية بقيادة عبدالعزيز الحلو.
ومن جانبه قال الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) عضو مجلس السيادة السوداني ورئيس وفد التفاوض: نتمنى أن نصل إلى اتفاق شامل وسلام نهائي خلال شهر واحد فقط، بدلاً من 6 أشهر، لأنه من دون السلام لن يتحقق الأمن، ولن تتحقق التنمية.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الاتحاد» إن إعلان المبادئ يتصل بالخطوات الضرورية لتهيئة المناخ، والمتصلة بالوقف الشامل لإطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية للمناطق المتضررة من الحرب، بجانب إطلاق أسرى الحرب، وإلغاء الإعدام في مواجهة قادة الحركات المسلحة، إضافة إلى تحديد مكان وزمان المفاوضات والأطراف الخارجية المشاركة فيها. وأضافت أن الطرفين اتفقا على أن يتم حسم ومعالجة القضايا في محادثات سلام مدتها شهران تنتهي قبل نهاية هذا العام.
وقال خبراء سودانيون لـ«الاتحاد»: إن زيارة حمدوك المقررة لجوبا ليست للتفاوض مع الحركات المسلحة، وإن المجلس السيادي استبق بتفاوضه مع الحركات المسلحة تشكيل مفوضية السلام التي ستكون معنية بهذه القضية.
وفي القاهرة، قال الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي السوداني في ختام ملتقى قضايا السـلام الشـامل في السـودان الذي أقامه حزبه على مدار 4 أيام: إن ما يجري الآن بشأن السلام في السودان يمكن النظر إليه كإجراءات تمهيدية، ليكون الاتفاق عبر مؤتمر سلام شامل يعقد داخل السودان بمشاركة كل الجهات المعنية. وأكد المهدي أن الظروف مواتية الآن لهذا التفاوض داخل السودان، ونناشد إخوتنا من حملة السلاح ألا يفرطوا في هذه الفرصة التاريخية، حيث الحرية متاحة في السودان ومحروسة بإرادة الشعب السوداني.
وكشف الصادق المهدي عن ترتيبات جديدة بشأن تحالف «نداء السودان» الذي يرأسه، والذي يضم حزب الأمة والحركات المسلحة السودانية، والذي جلب له عداء وتصعيد النظام المعزول. وقال المهدي إنه سيلتقي زملاءه في التحالف للاتفاق على هيكل جديد، كما كشف المهدي عن مشروع كبير لتطوير تحالف قوى الحرية والتغيير، يتعلق بإقرار دستور ملزم لها وهيكل قيادي، بحيث يتحول من تحالف إلى جبهة، مؤكداً ضرورة بنائها ككيان قوي لمواجهة من أسماهم بقوى الردة من فلول النظام السابق. وعلى صعيد آخر أكد المهدي الذي وصل القاهرة في أول زيارة له بعد قرابة عام من منعه من دخولها على خلفية علاقة النظام السوداني السابق بالقاهرة، حرصه واهتمامه بتطوير العلاقة مع مصر، وقال: إنه لابد من تطوير العلاقات بين البلدين على المستوى الشعبي.
وأكد ملتقـى حزب الأمة لـ«قضـايا السـلام الشـامل في السـودان» الذي انعقد بالقاهرة بمشاركة ثلاثين قيادياً من الحزب يمثلون ولايات دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وشرق السودان وأبيي، تقديم رؤية مشتركة وخريطة طريق فاعلة للسلطة الانتقالية وقوى الثورة لإدارة عملية سلمية تفضي للاستقرار وطي صفحات الحرب، وتحقيق العدالة وإنصاف الضحايا. وخلص الملتقى إلى أن الحـوار والتفاوض وحده هو السبيل الأوحد لتأمين الحلول الناجعة لتلك النزاعـات.
وفي تطور آخر، قام رئيس الوزراء السوداني الدكتور عبدالله حمدوك وأعضاء وزارته بزيارة جرحى ومصابي الثورة السودانية، في زيارة لاقت استحسان كثير من السودانيين، قبل أن يتوجه اليوم إلى جوبا في أول زيارة خارجية له بعد توليه مهام منصبه، يهدف من خلالها لتعزيز العلاقة مع الجارة الجنوبية، إضافة إلى لقاء الحركات المسلحة السودانية لدفع مسار السلام.
دعوات لرفع العقوبات
دعت الدول الأفريقية الثلاث في مجلس الأمن الدولي، جنوب أفريقيا وساحل العاج وغينيا الاستوائية، إلى رفع العقوبات المفروضة على السودان، خاصة تلك العقوبات المتعلقة باعتباره بلداً داعماً للإرهاب. وقالت الدول الثلاث غير دائمة العضوية في مجلس الأمن في بيان مشترك مع ممثلية الاتحاد الأفريقي لدى الأمم المتحدة إن مجلس السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي ألغى عقوباته بحق السودان إثر التطورات الإيجابية فيه، وإنه يتعين الاقتداء الآن بذلك من خلال دعوة الدول المعنية إلى إلغاء عقوباتها بحق السودان، مشيرة إلى أن ذلك يجب أن يشمل سحب الخرطوم من لائحة الدول الداعمة للإرهاب، في إشارة للولايات المتحدة. ومن ناحية أخرى حضت الدول الثلاث الحكومة السودانية الجديدة على احترام بنود خريطة الطريق وتطبيقها بدقة من أجل إنجاز انتقال سلمي للسلطة.