طه حسيب (أبوظبي)

أكد اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني الليبي، أن حسم معركة «طوفان الكرامة» سيكون قريباً جداً، مستبعداً الدخول في أي حوار مع ما يسمى بـ«حكومة الوفاق»، معتبراً العودة إلى طاولة المباحثات أمراً غير مجدٍ لليبيين ولا للمجتمع الدولي، عازياً ذلك بالأساس إلى إصرارها على التعامل مع تحالفات تضم ميليشيات إرهابية، تورطت في سفك دماء الليبيين، واصفاً إياها بأنها «مختطفة تركياً وقطرياً وميليشياوياً».
وأكد المسماري نجاح الجيش الوطني في إفشال مشروع إجرامي كان هدفه «تقسيم ليبيا»، وتحويل البلاد إلى قاعدة لمنظمات إرهابية تشن عملياتها على نطاق واسع في العالم، بدءاً باستهداف مصر.
جاء ذلك خلال ندوة نظمتها صحيفة «الاتحاد» بمقرها الرئيس في أبوظبي، وحضرها الدكتور سلطان الرميثي المدير التنفيذي لدائرة النشر في «أبوظبي للإعلام»، وحمد الكعبي رئيس تحرير صحيفة «الاتحاد»، وباسل رفايعة مدير تطوير النشر في «أبوظبي للإعلام»، ونخبة من الكتاب والإعلاميين.
وقال المسماري: «بعد تمكننا من إفشال هذا المشروع، لدينا الآن مواجهة ما مع تبقى من تحالفات إرهابية في طرابلس وأخرى إجرامية متورطة في سفك الدماء والجرائم»، مضيفاً: «بالذهاب إلى أبوظبي والقاهرة وباليرمو، نكون قد قمنا بكل المساعي الحميدة والسبل للحل السياسي، ووصلنا إلى المرحلة الأخيرة، أو الفرصة الوحيدة لحل المشكلة، وهي الحرب»، منوهاً إلى أن الحرب على الإرهاب معلنة ومستمرة منذ 2014، مشدداً على وصف ما يجري في طرابلس بأنه معركة من معارك هذه الحرب.


وحول فايز السراج، رئيس ما يسمى المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، قال: «إذا رأى في نفسه الكفاءة والقدرة والشجاعة لإعلان تبرئه من الميليشيات، والقول (أنا سياسي)، فإننا لسنا ضد السياسيين أو الكتل السياسية، كما أننا لسنا ضد المدن والقبائل، بل ضد الإرهابيين الموثقين بسجلات رسمية».
وأضاف: «أعلنا منذ البداية أن السياسة شيء والحرب على الإرهاب شيء آخر»، مشيراً في هذا الصدد إلى الواقع في مصر، بالقول: «مثلاً.. مصر قائمة سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، ولديها حرب على الإرهاب، وأثناء هذه الحرب لم تعطل الحياة، وأجريت انتخابات. لكن في ليبيا، نجد التحالف الذي حدث في طرابلس بين السراج والميليشيات الإرهابية والإجرامية هو الذي عقد موقف السراج نفسه أمام تقدم القوات المسلحة الليبية».
وأضاف: «إذا أعلن السراج التبرؤ من الميليشيات الإرهابية، فسيكون مواطناً ليبيا.. لكنه سيصبح مسؤولاً عن دفع 2.4 مليار دينار ليبي نقداً وفي ساعة واحدة للميليشيات، في حين يهلك المواطن الليبي أمام البنوك كي يحصل على 300 أو 400 دينار نقداً في شهر أو شهرين».
ونوه إلى أن «الإخوان»، يعطِّشون الشارع من الأموال، كي يتم تجنيد الناس في صفوف الميليشيات، مقابل المال، مشدداً على أن المعركة ستحسم قريباً جداً.
وحول الأفق الزمني لعملية «طوفان الكرامة» التي بدأت في أبريل الماضي والصعوبات التكتيكية التي تحول دون السيطرة على طرابلس، أوضح المسماري بأنه «لا يوجد قائد عسكري على الأرض يستطيع تحديد موعد نهاية المعركة.. كما أن أصعب قرار يتخذه الإنسان مهما كان قوياً أو ضعيفاً، هو قرار القتال، والأصعب من هذا القرار هو إيقاف المعركة قبل الانتهاء من تحقيق الأهداف».
وفي هذا الصدد، أكد أن قيادة الجيش الوطني الليبي راضية تماماً عن أداء القوات المسلحة، مضيفاً: «نحن لا نحارب من أجل الأرض، فالأرض أرضنا، بل نحارب من أجل قطع رؤوس الإرهاب، والحسم سيكون قريباً جداً».
واعتبر المسماري أن أهم ما تحقق في معركة طرابلس هو نزع الأقنعة عن تركيا، وكشف طائراتهم المسيّرة وأسلحتهم وذخائرهم وخبرائهم ومدرعاتهم، وطائرات التموين الخاصة بهم والتي تم ضربها.
وقال الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي: «نعرف حجم المؤامرة، واكتشفنا أنها ليست على ليبيا فقط، بل على المكون العربي الإسلامي، وقد يكون السني أكثر، وضرب الإسلام بالإسلام، ضمن استراتيجية قديمة تطبق الآن».
ونفى أن تكون لـ«جماعة الإخوان الإرهابية» حاضنة اجتماعية في ليبيا، مضيفاً: «إن أهم نجاحاتنا بناء عقيدة قوية للقتال»، منوهاً إلى أن الإعلام المضاد شوش كثيراً لكنه أصبح ضعيفاً الآن، حيث سقطت «الجزيرة» ولا تجد من يشاهدها الآن إلا «الإخوان».
وتابع: «اللافت أن العدو بدأ يؤسس من اليوم الأول لسقوط القذافي منصات إعلامية ومواقع إلكترونية وقنوات فضائية، لأن العصر هو عصر الإعلام»، لافتاً في هذا الصدد إلى «خبر معيتيقة الأخير» الذي نشرته جريدة الاتحاد، وبعد ساعة من بثه تم نقله إلى مجموعة كبيرة من وسائل الإعلام، معتبراً ذلك نجاحاً ينبغي رصده، في مقابل دعاية مغرضة وأكاذيب غريبة يروج لها البعض دعايات، ومن ذلك ما سموه «عودة طاغوت سحق الشعب»، و«الرجوع إلى الدكتاتوريات»، معلقاً على ذلك بالقول: «هذه المصطلحات لم يعد لها وجود في ليبيا، والتيارات المتطرفة تدعي بأنها المستقبل».

قطر و«إخوان» ليبيا
وعن قصة «الإخوان» في ليبيا، وظهور التنظيمات المتطرفة، أشار المسماري إلى أنه «بعد خسارة (الإخوان) في مصر بعد ثورة 30 يونيو، بدؤوا يتجهون إلى ليبيا، فمنذ بداية 2011 بدأ النشاط (الإخواني)، فيما لعبت قناة (الجزيرة) منذ يوم 15 فبراير 2011 دوراً كبيراً في هذا المجال، وبدأت تثير الشارع الذي خرج بالفعل بالسيناريو التونسي نفسه، وبعد تدخل (الناتو) بقليل وفي 27 مارس 2011 تم عقد أول اجتماع لـ(الإخوان المسلمين) في ليبيا». وتابع: «صحيح أنهم كانوا موجودين من قبل، لكن النظام الملكي رفضهم انطلاقاً من رفض الأحزاب، وكذلك القذافي الذي سحقهم، لكنهم رجعوا من الخارج بعد الاتفاق مع سيف الإسلام القذافي».
وحول التقارب بين سيف الإسلام القذافي و«الإخوان»، قال: إن (علي الصلابي) فتح الأبواب بين الدوحة و«إخوان» ليبيا، حيث استغلت قطر ملف لوكيربي للولوج إلى الملف الليبي، فيما كان سيف الإسلام يريد أن يكون بديلاً لوالده بطريقة مريحة مع الفرقاء، فتحالف مع «الإخوان» وأطلق سراحهم من السجون.
وأفاد بأن «الغريب أن عددهم كان 120 سجيناً، لكن كان هناك سجناء يتبعون تنظيم (القاعدة)، مثل عبد الحكيم بلحاج، خالد شريف، محمد أبوسنة، وهؤلاء خرجوا من السجون، ووجدنا خطاً خفياً يصل بين (الإخوان) و(القاعدة)، فقد وجدنا فيديو لعلي الصلابي في أفغانستان مع تنظيم (القاعدة)».
وقال: «الإخوان» يحتاجون لقوة عسكرية مدربة، وهذه القوة موجودة لدى «القاعدة»، هذا الأخير يحتاج لواجهة سياسية مقبولة لدى الشعب، موجودة لدى «الإخوان».
ونوه المسماري إلى تخاذل المجتمع الدولي وخروجه من ليبيا من دون أية ترتيبات وقبل أي انتخابات، وقبل تشكيل حزب أو اختيار رئيس. وبعد 20 أكتوبر 2011 تُركت ليبيا للإسلام السياسي المتطرف والمتحالف مع تنظيم «القاعدة» و«الإخوان المسلمين».
وحسب المسماري، كان القرار الأول تدمير ما تبقى من الجيش الليبي، وهذا التحالف العسكري السياسي المالي لم يكن لحكم ليبيا فقط، بل لجعل ليببا قاعدة انطلاق للإرهاب المالي والعسكري الاجتماعي والسياسي تجاه العالم، خاصة تجاه مصر، حيث تم بعد وصول الإخوان للحكم تحويل مبلغ ملياري دولار من ليبيا مباشرة إلى مصر، تحويل أشبه بنقل أموال داخل التنظيم، وهذه الأموال قد تصل لبلدان أخرى، منوهاً إلى أن الميليشيات الإرهابية قامت بتدشين معسكرات تدريب في مصراتة وصبراتة وطرابلس، وفي بنغازي ودرنة.
وقال: «أفشلنا مشروع تقسيم ليبيا وشروع تشكيل (جيش مصر الحر) لضرب مصر، ولدينا الآن مواجهة ما تبقى من تحالفات إرهابية في طرابلس، وهناك مجموعات إرهابية، وأخرى إجرامية متورطة في سفك الدماء والجرائم، وهؤلاء لن يتراجعوا عن القتال».

العمليات العسكرية
وحول طبيعة العمليات التي يقوم بها الجيش الوطني الليبي الآن، قال: «نخوض معارك جديدة وغريبة مغايرة لما هو متعارف عليه في الأكاديميات العسكرية، في طرابلس هناك قواعد اشتباك صارمة جداً، دعا فيها القائد العام للجيش الليبي إلى مراعاة قواعد يلتزم بها القادة الميدانيون وهي: تدمير العدو، حماية المدنيين، حماية الممتلكات العامة والخاصة، وضمان التقدم.. أشياء يصعب التوفيق بينها، والقيادة تريد خروج الميليشيات من المدينة لمواجهتها خارج طرابلس».
وتابع: «الحرب التي نخوضها من 2014 هي حرب على الإرهابيين، وليست حرباً على الإرهاب بمفهومها الواسع من خلال التعليم والفكر والتعاون الدولي، الآن قمنا بتحييد الكثير من القيادات الإرهابية، وقتلنا أعداداً كبيرة بالآلاف، فيما لا تزال هناك مداخل يستغلها الإرهابيون لدخول طرابلس، حيث يوجد طريق ساحلي مفتوح نشن عليه عمليات نوعية، لكنه مكتظ بالسكان».
وحسب المسماري، توجد 4 مداخل رئيسة لطرابلس و6 مداخل فرعية، الطريق الساحلي مفتوح، تتم السيطرة عليه ساعة أو ساعتين، تنفذ فيها عمليات نوعية، ويتم الرجوع منها لأنها منطقة مكتظة بالسكان، خط الزاوية الغربي مفتوح مع زوارة، مدينة الزاوية كبيرة بها نصف مليون نسمة، كما أن مطار مصراتة ومطار معيتيقة خارج السيطرة.

مناهج التعليم بعد 2011
حذّر المسماري من أن مناهج التعليم التي وضعت في ليبيا بعد 2011 لو انتشرت لضربت كل العرب، فهي تروج لخدمة فئة معينة، من أجل إحداث شرخ في المجتمع، تعليمي في المدارس، ونفسي واجتماعي بين القبائل والقوميات، وذلك لمصلحة مخابرات دول أخرى.
وتساءل: ما هي مصلحة «إخواني» ليبي ينتمي لقبيلة معينة أن يعمل ضد مصلحة قبيلته؟ لدينا القبيلة هي الراعي الحقيقي للمواطن الليبي، الوعي القبلي كبير جداً، فما الفائدة من ضرب الدور القبلي؟ إنه لمصلحة التنظيم، ولمصلحة تنظيمات تريد تدشين «جيش مصر الحر» في ليبيا، تنظيم يزرع هشام عشماوي ليقاتل ضد استقرار مصر، انطلاقاً من درنة الليبية. الشارع الليبي ليس فيه وجود لـ«الإخوان»، ما يبدو لديهم من نفوذ أقل بكثير من حضورهم الحقيقي، والسبب الإعلام والروافع الإعلامية التي وفرتها منصات إعلامية مثل «الجزيرة» هي السبب، وأيضاً حجم الاحتراف الإعلامي لهذه المنصات؟

ليست حرباً تقليدية
وحول ما إذا كان لدى الجيش الوطني الليبي وقت محدد لإنهاء الحرب، قال: «إن الجيش الوطني الليبي يحارب حتى لا يتم تقسيم البلاد، وحتى لا تكون هناك ميليشيات أو سلاح خارج سيطرة وشرعية الدولة، أو حدوث تقسيم على أساس جهوي».
وأضاف أن طرابلس كلها مدنيون، لا نستخدم قواعد الاشتباك إلا من خلال إحداثيات دقيقة على الأرض، مع التركيز على فكرة الجذب والاستدراج للميليشيات خارج مدينة طرابلس. لسنا أمام حرب تقليدية، لا نستخدم المدفعية إلا بإحداثيات دقيقة بشكل يطمئن غرفة العمليات، وممنوع استخدام الطيران إلا بإحداثيات من على الأرض.
وقال إن القبول الشعبي لدينا فيه دروس، في الأسبوع الأول أثناء معارك بنغازي، كان عدد المتطوعين كبير جداً، نسبتهم 80%، القوة العسكرية المحترفة كانت تشكل 20% من عدد المقاتلين، والبقية متطوعون، وظهر عامل الكفاءة وأيضاً عنصر الوطنية، حيث تقدم المتطوعون من دون أي إيعاز، الكفاءة ظهرت في حسن استخدام السلاح من ضباط متخصصين، والانخراط في المواجهة والالتحاق طواعية من المدنيين.
وحسب المسماري، كان يوجد 17 ألف إرهابي في بنغازي، وفي اليوم الأول واجهنا 12 ألفاً منهم، وزاد عددهم، وتم نقل خلية كبيرة جداً من «حماس»، متخصصة في التفخيخ والتفجير، وكانت عائقاً أمام تقدم القوات المسلحة في بنغازي، ووجدنا محاضرات ومناهج تدريبية تابعة لـ«كتائب القسام» تتضمن التدريب على زرع الألغام والمفخخات في كل مكان، بدعم قطري وتركي لإنجاح «الإخوان» في ليبيا، وتوظيف خبراء تفجير كأداة في المواجهة.

الإمدادات التركية
وقال المسماري: إن جرحى تنظيم «القاعدة» و«الإخوان» كانوا يعالجون في تركيا، وهناك تسجيلات موثقة بالصور ومقاطع الفيديو بهذا.
وأوضح أن «داعش» ظهر في 2014، مشدداً على أن كل الدواعش «إخوان»، معلقاً: «فقط تغيرت الأسماء والوجوه»، مؤكداً أن أنصار «داعش» في ليبيا هم منشقون عن تنظيم «القاعدة»، و«القاعدة» منشقون عن «الإخوان» الذي ظهر في 2014.
وقال إن تهريب السلاح التركي إلى ليبيا بدأ منذ 2014، فالإمدادات العسكرية التركية تصل إلى بنغازي، قادمة من طرابلس إلى بنغازي، ولدينا وثائق تثبت ذلك، حيث كان التركيز على بنغازي، وليس على مصراتة وطرابلس إلا في وقت لاحق، وتم نقل مقاتلين من سوريا إلى ليبيا بطائرات إلى معركة بنغازي، وهي معركة كبيرة جداً، مقارنة بمعركة طرابلس، حيث طالت إرهابيين قادمين من أفغانستان وسوريا كانوا قد وصلوا إلى بنغازي.
وتابع: من الناحية العسكرية، هناك حسابات للتقدم والثبات والانسحاب، إنشاء خط دفاعي تقدمي أو تراجعي، لكن في بنغازي لم نجد الميليشيات تتصرف وفق هذه الحسابات، لم نجد خنادق، أو ملاجئ، أو خطوط دفاع بل كانت قوتهم تعتمد على التفخيخ، واستخدام المنازل، وتوجد الآن مجموعة من الإرهابيين الضالعين في تصنيع واستخدام جميع أساليب المفخخات الشيطانية، والذين ينتمون لهذه الخلية في سجن معيتيقة في طرابلس، ولهذا يتم قصف هذا السجن لإطلاق سراحهم، ليس من الآن ولكن منذ 2017 و2018، خاصة من طرف ميليشا «البُقرة» وميليشيات مصراتة.
ونوه إلى أن «المعركة الأولى في بنغازي 2014 كانت ضد انتحاريين ومجانين. حيث لم لم تكن لدينا مساعدات طبية، ولا أموال، ولكن الإرادة الوطنية والمسؤولية والعزيمة دفعتنا نحو التقدم»، موضحاً أن هذه المعركة كانت تلبية لمطالب الشعب الذي يحتاج الجيش والشرطة، مؤكداً أن الحرب على الإرهابيين تحتاج إلى سلاح وذخيرة تجهيزات عسكرية ونقاط طبية، الأمر الذي لم يكن موجوداً آنذاك.
لكنه استدرك بالقول: «عندما تراجع أنفسنا، نجد أن الله منحنا حياة أخرى، أي أن 16 مايو 2014 وهو تاريخ بدء العمليات ضد الإرهابيين، هو تاريخ ينبغي أن يكون يوم ميلاد الليبيين». مضيفاً: «السلاح لا يقاس بقوته بل بقوة من يقف خلفه»، وهي توصية أطلقها القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، وأنجحت عملية الكرامة.

حفتر في اجتماع القبائل
وكشف عن اجتماع عقده المشير خليفة حفتر مع أعيان القبائل في المنطقة الشرقية قبل إعلان «عملية الكرامة»، في الوقت الذي كان فيه الشارع يغلي، بينما وصلت الاغتيالات إلى 18 اغتيالاً في ليبيا خلال يوم واحد، 12 منها في بنغازي.
وأوضح أن حفتر قال لأعيان القبائل وقتها: (ليس لدينا شيء، وسنحتاج من يلتحق بالجيش، إذا قررنا القتال بدلاً من أن نشاهد فقط ما يحدث دون تحرك، وأن هذه الحرب ضد الإرهاب، وليس من ورائها أموال ومناصب)، معلقاً على ذلك بالقول: ومن هذه اللحظة عدنا إلى القواعد الاجتماعية في ليبيا، إلى الحكماء والأعيان.
وأشار المسماري إلى أن اتفاق الصخيرات في ديسمبر 2015 كان ينص على طرد الميليشيات من طرابلس والبدء في حل سياسي، لكن هذا لم يحدث، حيث تماهت حكومة الوفاق مع هذه الميليشيات، وسقط الاتفاق.
وحول إمكانية طرح تسوية سياسية برعاية أممية، قال المسماري: «نحن كقيادة عامة للقوات المسلحة في ليبيا، لم نذهب إلى الحوار الذي قاده (ليون) أو (كوبلر) في جنيف أو الصخيرات المغربية، لأننا نعتقد أن الموضوع السياسي مفصول عن مسألة الحرب على الإرهاب، ونحن نتبع البرلمان الليبي، وهذا البرلمان شكل لجنة ووفداً رسمياً للذهاب إلى الحوار في الصخيرات، ولكن كل مواد الاتفاق الذي تم إنتاجه، ضد تكوين جيش، وضد القائد العام شخصياً، وفي بدايته طرح فكرة اختيار رئيس و9 نواب معه في مجلس رئاسي، وكان الأمر ينطوي على محاباة للإخوان، حيث هناك 6 من أعضاء المجلس من (الإخوان)، وعنصر من الـ 6 عضو في تنظيم (القاعدة) كان يقاتل في أفغانستان، ومدرجاً على اللوائح الأمنية، ووفق بنود الصخيرات، البند الثاني، يقول فبعد 20 يوماً من إقرار بنوده في البرلمان تصبح كل المناصب الليبية شاغرة، بما فيها الجيش، في انتظار تعيين قيادات لجيش جديد، وهذا ما تم رفضه، والدعوة لتعديله. حوار الصخيرات برمته كان اتفاقاً أممياً ودولياً، لكن كان من المفترض من الأمم المتحدة احترام التوقيعات الأممية، وكذلك الدول المشاركة، بحيث يسير وفق الخطة الموضوعة، وهي ضرورة أن يتم تمريره عبر البرلمان الليبي أولاً، وهذا لم يحدث».
وتابع: «والنقطة الثانية التي لم يتم تفعيلها هي حل جميع الميليشيات، حسب ما ورد في بنود الاتفاق. وبعد وصول السراج إلى طرابلس، اتخذ أول قرار وهو تكليف الميليشيات بحمايته وحماية الشخصيات المرافقة له».
وأفاد بأن «الخطأ الآخر أن بعض الدول اعترفت بالسراج مباشرة، وغضت النظر على أهمية تمرير الاتفاق عبر البرلمان لإقراره، وفق البند الأول من الاتفاق. وعملياً فالسراج غير معترف به محلياً. وبعد هذا كله، توجهت القيادة العامة من خلال دعوات من المبعوثين الأمميين والأصدقاء والمهتمين، بإجراء حوار مع السراج، وكانت القيادة ترفض أي لقاء سياسي لأننا نعرف مسبقاً النتائج، لدينا جيش على الأرض وشهداء وجرحى، وليس لدينا وقت، فلا يمكن أبداً لصلاح بادي تسليم نفسه ليحاكم على تدمير الطائرات في طرابلس، ولا يمكن لميليشيات طرابلس التي تملك الآن أسلحة ثقيلة ومتوسطة بأن تعود إلى السجون».

معتقلون أجانب
وحول وجود معتقلين أجانب في ليبيا، قال المسماري: «لدينا عرب معتقلون وأجانب من آسيا وأفريقيا، وفي السجون عدد كبير جداً من الإرهابيين، ليبيين وغير ليبيين».
وحول التواصل مع بلدان هؤلاء الإرهابيين، أفاد بأن بعض الدول تتسلم جثث من يقتلون، فيما طالبت مصر بالإرهابي هشام عشماوي الذي تم تسليمه إليها.
وحول ما إذا كان هناك إضاءات إيجابية في ليبيا، رغم ما يدور هناك، خاصة من واقع الحياة اليومية للناس، أفاد بأن الحياة في مدن الشرق والجنوب الليبي طبيعية جداً، موضحاً أن 80 في المائة من البلاد تعيش حياة طبيعية بالكامل.
ونوه إلى زيارة وفد صحفي فرنسي لمدينة بنغازي، وبالتحديد أثناء معارك بمنطقة «قنفودة»، حيث توقفوا أثناء انتقالهم وقبل وصولهم لمواقع الاشتباكات، للتعرف إلى المدينة، فوجدوا مصارف تعمل ومحال.
وقال: «لدينا خطر داهم في منطقة (مرزق) بالجنوب، خطر ينبع من أقليات، ذات طابع عرقي، في منطقة غنية بالنفط والغاز، وبمزارع القمح والشعير والأعلاف، أنتجت في 2014 من القمح 420 ألف طن، ليبيا تحتاج 750 ألف طن سنوياً، وهو خطر عرقي ينذر بمحاولات تقسيم ليبيا من الجنوب، والآن لدينا مشكلة في طرابلس، وسيتم بعد حسمها الالتفات لمناطق الجنوب».

تصنيف المدن
وحول إمكانية تصنيف مدن ليبيا وفق خريطة مدن حمراء متوترة أكثر تهديداً تشهد معارك، وخضراء مستقرة مثلاً، صنف المسماري مدن مصراتة وطرابلس والزاوية بمدن «حمراء»، موضحاً أن الزاوية مثلاً بها أبوعبيد الزاوي وهو إرهابي قائد «غرفة ثوار ليبيا»، كان قد تم القبض عليه في مصر في 2013، و«الزاوية» تقع على بعد 40 كيلو متراً غرب طرابلس.
وقال: «من المدن الجيدة: طبرق ودرنة والبيضاء وبنغازي والكُفرة وأجدابيا، بينما في الجنوب: سبها وباري وغازي».

الحدود
وحول الحدود، قال المسماري إن الحدود ظهرت في اجتماع باليرمو بحضور القائد العام المشير خليفة حفتر كقضية إقليمية، بحضور رئاسي، حضره الرئيس المصري، والرئيس الفرنسي، وحضور تشاد، وكان المطلوب تنسيق أمن الحدود.
وأضاف: «حدود ليبيا تمتد لنحو 4200 كم، ونحتاج 4200 جندي كل ساعة لتأمينها، وهذا صعب جداً، والحدود الليبية منتهكة حتى قبل 2011، وعصابات التهريب العالمية تنشط في خط تهريب من المغرب لتهريب المخدرات مروراً بجنوب ليبيا ثم الدخول إلى مصر، وهذا خط رئيس، وهناك الآن خطوط هجرة غير شرعية في غرب ليبيا، ما يسيء إلى البلاد».
وحسب المسماري، فإن تأمين الحدود يحتاج لجهود دولة قائمة، قادرة على توفير وسائل اتصال جيدة وإعاشة وسرعة التعامل مع الحدث، خاصة أن ظروف التهريب الآن تغيرت، حيث يوجد تهريب عادي وتهريب مؤمن ترافقه قوة حماية مسلحة.

نقل الميليشيات إلى سوريا
قال المسماري: «إن الأميركيين كانوا يريدون إعادة بناء الجيش، لكن ظهرت مجموعة في بنغازي تريد تشكيل (جيش مصر الحر)، وهناك مجموعة أخرى قالت بضرورة تدريب وتجهيز وتسليح عناصر من ليبيا إلى سوريا، وجرت بالفعل عمليات نقل ليبيين وتوانسة ومصريين وتشاديين، وبعضهم دخل ليبيا من أجل هجرة شرعية. وتم نقل (لواء الأمة) بكامل أسلحته، من ليبيا إلى تركيا ومن الأخيرة إلى سوريا براً. ومن درنة تم نقل (كتيبة الفاروق)، إلى سوريا، وهي من أخطر الكتائب، وتم نقل معدات كثيرة، والآن يحاولون إرجاع هذه القوات من تركيا إلى لبيبا مع عناصر من (جبهة النصرة)».

معضلة السراج
قال المسماري: «إن مصر دعتنا في أكتوبر 2017 إلى لجنة توحيد المؤسسة العسكرية»، مضيفاً: «ذهبنا إلى القاهرة واختلفنا في اليوم الأول (كنا نقول ميليشيات مسلحة، وهم يقولون جماعات مسلحة، وفي هذا شرعنة للميليشيات)».
وأضاف: «كل قمم أبوظبي الأولى والثانية وباريس وباليرمو، ومشاورات أخرى غير معلنة، كانت من أجل حل الأزمة سياسياً، لكن للأسف، ربط السراج نفسه بالميليشيات بشكل مباشر».
وتابع: «وصلت الأمور في قمة أبوظبي الثانية لحد التوقيع على أربع نقاط فقط: العودة إلى مجلس رئاسي برئيس ونائبين، حل الميليشيات، وتشكيل حكومة منفصلة عن المجلس الرئاسي، وإجراء انتخابات بعد إعلان دستوري مؤقت، لكن السراج كان يقول (لا أستطيع التوقيع قبل التشاور مع الشركاء)».
وهنا تساءل المسماري: من هم الشركاء؟ موضحاً أنهم «الإخوان» و«الجماعة الليبية المقاتلة»، مضيفاً: «وبالفعل عاد السراج إلى طرابلس، ثم توجه في اليوم التالي إلى قطر ومنها إلى تركيا ولم يوقع، الأمر الذي تكرر في باريس وباليرمو».
وأفاد بأن هذه النقاط الأربع لا نزال نطالب بها حتى هذه الساعة، ولكن الحرب على الإرهاب منفصلة عن هذه الأمور الأربعة، فمن قطعوا الرؤوس وأحرقوا الجنود، وارتكبوا جرائم ضد البشرية، مطلوبون محلياً وعربياً ودولياً، ولا بد من محاكمتهم وإدخالهم السجون.

سيرة موجزة

أحمد أبو زيد المسماري، لواء بالجيش الوطني  الليبي، يشغل حالياً منصب المتحدث العسكري للجيش الوطني الليبي، من مواليد مدينة المرج في 28 فبراير 1964 ومن سكان مدينة البيضاء، يرجع نسبه إلى قبيلة المسامير وهي من قبائل برقة في ليبيا، وهو أيضاً باحث متخصص في التراث الليبي المحلي. المسماري حاصل على بكالوريوس العلوم العسكرية، وشغل منصب المتحدث الرسمي باسم ركن حرس الحدود والمنشآت النفطية والأهداف الحيوية، وفي سبتمبر 2014 أصدر رئيس أركان الجيش الليبي اللواء عبدالرزاق الناظوري قراراً بتعيينه ناطقاً رسمياً لقيادة الجيش. وفي يونيو 2018 أصدر القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية المشير خليفة حفتر، قراراً بتعيين المسماري ناطقاً باسمه، بالإضافة لعمله متحدثاً رسمياً باسم القيادة العامة للجيش الليبي، وهو من المهتمين بالبحث في التراث الشعبي، وعارف بالشعراء والرواة، وبتاريخ الشعر الشعبي والروايات والأمثال والمأثورات.