يوسف العربي (دبي)
أكد خبراء عقاريون ورؤساء شركات تطوير ووسطاء، أهمية ضبط إيقاع طرح المشاريع الجديدة لتتناسب من حيث الكم والنوع مع حجم وطبيعة الطلب الحقيقي بالقطاع العقاري، لاستدامة النمو.
وقال هؤلاء لـ«الاتحاد» إن شركات عقارية بالغت في الآونة الأخيرة في طرح مشاريع، خاصة الفاخرة، ما أدى إلى زيادة المعروض بهذه الفئة وتصدير انطباعات غير صحيحة بوجود فائق عرض في باقي الفئات.
ولفتوا إلى أن السوق العقارية في الإمارات باتت ناضجة بعد مرورها بالعديد من تجارب الصعود والهبوط، مشيرين إلى أن توافر القدر الكافي من المشاريع التي تضمن إمداد القطاع بالوحدات السكنية الكافية يجعل الوقت مناسباً للبدء في انتقاء المشاريع المستقبلية التي تقدم قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد الوطني.
ورحب القطاع العقاري بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، «رعاه الله»، بضبط إيقاع المشاريع العقارية لتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني حتى لا تصبح عبئاً ومصدراً لعدم الاتزان في مسيرتنا الاقتصادية.
تخمة المعروض
وقال إسماعيل الحمادي المؤسس والرئيس التنفيذي للرواد للعقارات، إن عملية مراقبة نوعية وكمية المشاريع العقارية المطروحة في السوق، أصبحت ضرورة ملحة الآن أكثر من أي وقت مضى للارتقاء بالأداء الحالي للسوق ولبناء سوق عقارية متماسكة، مشيراً إلى أن مفهوم السوق العقارية الناجحة لا يكمن في إنتاج وطرح المزيد من الشقق والفلل ومختلف الوحدات السكنية وإغراق السوق بها كما يفهمها البعض، بل في التركيز على ما يحتاجه السوق فعلاً وإنتاج ما يمكن بيعه بسرعة وفق نتائج دراسات واقعية صحيحة تسهم في موازنة معادلة العرض والطلب.
وأوضح الحمادي أنه يجب التركيز على طرح ما يمكن بيعه من العقارات وليس بيع ما يمكن إنتاجه، ما يعكس حقيقة نضج السوق العقارية الحديثة التي تقوم على مبدأ التعرف على احتياجات السكان والمجتمع الحالية والمستقبلية للعقارات والعمل على إشباعها من خلال إنتاج ما هو مطلوب لتسريع وتيرة النمو وتعزيز مكانة القطاع العقاري باعتباره رافداً مهماً للاقتصاد الوطني ودعمه.
وقال إن تخمة المعروض التي يعاني منها السوق العقاري حالياً في العديد من المناطق والتي أثرت بدورها على الأسعار، ناتجة بالدرجة الأولى عن عدم الإنتاج ومن ثم فتح المجال واسعاً أمام المطورين في طرح مشاريع كثيرة منها ما لا يخدم مصلحة المستخدم والسوق على حد سواء.
وأضاف الحمادي أن مبالغة شركات في طرح مشاريع الإسكان الفاخر ورفع حدة المنافسة فيما بينها زاد من توسيع دائرة المعروض العقاري وتعددها حتى باتت تغرق السوق بشكل كبير طيلة أيام السنة تقريباً، ظناً من أصحابها أنها الوسيلة الوحيدة لجذب العميل واستمالته نحوها في حين أنها تعطي انطباعات بكثرة المعروض وغالباً ما تضع المشتري في حيرة من أمره وتصعب عليه عملية الاختيار وربما يدفعه ذلك لتأجيل قرار الشراء إلى وقت. ولفت الحمادي إلى أن المهمة الأساسية للمطورين وجميع القائمين على السوق، هي إيجاد استراتيجية فعالة ومرنة لخلق مشاريع عقارية مبتكرة ترتكز على خلق الطلب وخدمته في نفس الوقت لتفادي إغراق السوق بمنتجات غير مرغوب فيها تنعكس سلباً على القطاع والاقتصاد.
العرض والطلب
ومن جانبه قال مهند الوادية، المدير الإداري لشركة هاربور العقارية، إن رسالة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم اكتسبت أهمية بالغة للجميع ولاسيما العاملين في القطاع العقاري الذين استشعروا ملامسة سموه لنبض السوق واحتياجاتها ما يعزز الثقة بالقطاع ويحفظ مكانة الإمارات وجهة أولى ومثالية للاستثمار العقاري في منطقة الشرق الأوسط.
وأكد الوادية أن توجيه سموه بضبط إيقاع المشاريع العقارية لتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني حتى لا تصبح عبئاً ومصدراً لعدم الاتزان في مسيرتنا الاقتصادية، حمل معه إشارة قوية تؤكد وضوح الرؤية المستقبلية التي تضع القطاع العقاري فاعلاً رئيساً في منظومة الاقتصاد الوطني التي تستند إلى أسس ودعائم قوية.
وعن أهم العوامل التي تسهم في ضبط إيقاع السوق العقاري، قال: تحقيق التوازن بين معادلة العرض والطلب بما يضمن استدامة النمو في القطاع حالياً ومستقبلاً.
ولفت إلى أن ضبط إيقاع السوق العقاري يضمن تنظيم أداء المطورين العقاريين على صعيد إطلاق المشاريع العقارية وانتقاء نوعيتها بما يتناسب مع حجم ونوع الطلب الحقيقي بالسوق من ناحية، ومن ناحية أخرى ضمان تسليم المشاريع بطريقة منصفة وفي الوقت المحدد وضمن الأطر الزمنية المشار إليها في عقود البيع.
وأضاف أن شركات التطوير مطالبة بتبني منهجيات عمل تضمن حقوق جميع الأطراف بما يعزز الثقة بالقطاع الذي يستند إلى أسس ودعائم قوية وينضوي على فرص مستقبلية واعدة.
وقال الوادية إن عدداً من الشركات العقارية العاملة في السوق بالغت في طرح الوحدات العقارية خاصة الفاخرة ما أدى إلى زيادة المعروض بهذه الفئة وتصدير انطباعات غير صحيحة بوجود فائق عرض في باقي الفئات، مشيراً إلى أن نوعية المشاريع العقارية الجديدة لابد أن تتناسب مع طبيعة الطلب الحقيقي بالسوق الذي يتكون من طبقات وشرائح متنوعة.
وأضاف أن النسبة الأكبر من الطلب على العقارات تأتي من أصحاب الدخل المتوسط وهو الأمر الذي يجب أن تدركه الشركات العقارية التي باتت مطالبة بضبط إمدادات السوق على صعيد الكم والنوع وهو أمر يصب في صالح القطاع بشكل عام بما في ذلك الشركات العقارية نفسها.
وأشار إلى أن الأمر نفسه ينطبق على العقارات الفندقية حيث توفر مؤشرات الطلب خريطة طريق واضحة تعكس الاحتياجات الحقيقية للسوق على هذا الصعيد، لافتاً إلى أهمية تلبية احتياجات مختلف شرائح السائحين وعدم اكتفاء المطورين العقارين بطرح فنادق خمس نجوم.
وقال: على الشركات العقارية أن تتجاوز برؤيتها المنظور الضيق للربحية المباشرة لتركز خلال المرحلة المقبلة على انتقاء المشاريع وطرح ما يحمل قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد الوطني، وتسهم في تطوير المجتمع التي تعمل فيه وتعزز من تنافسيته.
وأضاف الوادية أن للقطاع العقاري دوراً رئيساً في جميع القطاعات الاقتصادية حيث يوجد من هذه العقارات ما يخدم القطاع المالي والسياحي والتعليمي والصحي، مشيراً إلى أن أي تغير بالقطاع العقاري ينعكس بشكل مباشر على شتى القطاعات الأخرى.
انسجام الرؤى
وأكد عاطف رحمن، مدير وشريك دانوب العقارية، أن ضبط إيقاع المشاريع العقارية لتحقيق التوازن المطلوب بين العرض والطلب يأتي انطلاقاً من منظور المنفعة العامة وليس الخاصة، لأن المكاسب الحقيقية لشركات التطوير العقاري تأتي عندما يتم تجاوز المنظور الضيق للربحية والحرص على سلامة السوق والمنفعة العامة لجميع الأطراف كافة. وأشار إلى أن الفترة الأخيرة شهدت ضخ عدد كبير من الوحدات العقارية ما أدى إلى انخفاض أسعار الإيجار والبيع وحان الوقت الذي يجب فيه على الشركات العقارية تنظيم عملية إمداد السوق العقارية بالمزيد من الوحدات فضلاً عن أهمية التركيز على المشترين النهائيين للوحدات العقارية الذين يقومون باستخدامها بالفعل ومن ثم الاحتفاظ بها لمدة طويلة.
ولفت رحمن إلى أن توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تضمن تحقيق التوازن المطلوب للسوق العقاري ما يعزز من استقرار الظروف المعيشية وانتظام حركة باقي القطاعات مثل التعليم والصحة والتجزئة والتي تتأثر بشكل مباشر بأداء القطاع العقاري.
وأضاف أن عدداً من الشركات العقارية بالغت في طرح وحدات عقاريه جديدة خاصة من فئة الوحدات الفاخرة للاستفادة من انخفاض أسعار مواد البناء خلال السنوات الأخيرة، لافتاً إلى جزء من هذه المشاريع تم من دون دراسات جدوى كانت ضرورية لضمان تلاقيها مع الطلب الحقيقي.
وأشار إلى أن توجيهات سموه تدفع شركات التطوير العقاري لوضع خطط واستراتيجيات على أساس علمي بناء على دراسة الاحتياجات الحقيقية للسوق والتركيز على المشاريع المبتكرة التي تقدم قيمة حقيقية للاقتصاد، مضيفاً أن انسجام رؤى شركات التطوير العقاري مع رؤى الاقتصاد، يحقق الطفرة المنشودة.
دراسات مسبقة
وبدوره، أكد وليد الزرعوني، رئيس مجلس إدارة «شركة دبليو كابيتال للوساطة العقارية»: «تمثل رسائل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم منهج عمل ينظم مسار التنمية الوطنية في مختلف المجالات خلال المرحلة المقبلة، كما تظهر قدرة القيادة الحكيمة على قراءة الواقع الاقتصادي والتكيف بمرونة كبيرة مع متغيراته والقفز بخطى ثابتة وواسعة نحو المستقبل في ظل ما تمتلكه الدولة من المميزات والقدرات الاقتصادية التي تمكنها من حجز موقعها بين مصاف الدول الأسرع نمواً حول العالم». ولفت الزرعوني إلى أن التأكيد على ضرورة ضبط إيقاع المشاريع العقارية لضمان تحقيقها قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، يمثل ركيزة أساسية يمكن البناء عليها في استراتيجيات العمل المنظمة للقطاع العقاري، كما يؤكد الحاجة إلى إجراء دراسات معمقة قبل إطلاق المشاريع وتوفير خطط واضحة المعالم تهدف إلى استدامة الاستثمار في القطاع العقاري، بما يضمن استدامة النمو في القطاع والمستندة على الطلب الحقيقي من قبل المستخدم، الأمر الذي يساعد على تحقيق الاستدامة بمختلف أشكالها، الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
نبض السوق
ومن جانبه، قال سوداكار راو، الرئيس التنفيذي لـ«جيمينى العقارية»، إن رسائل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، تنم عن رؤية ثاقبة ودراية عميقة بواقع القطاعات الاقتصادية والسوق العقارية. ولفت راو إلى أهمية ما وجه به سموه بالتزام المسؤولين في القطاع العقاري بالتواجد بين المهندسين والعمال في المواقع بشكل دائم ومستمر للاقتراب من نبض السوق ومتابعة ما يجب عليهم متابعته مشيراً إلى أهمية استفادة الشركات العقارية بالمواهب الإماراتية الشابة والعمل على استقطاب المزيد من الكفاءات العديدة في مجال العقارات من إداريين ومهندسين مواطنين. ولفت إلى أهمية تركيز الشركات العقارية على المشاريع التي تضيف فائدة للاقتصاد بشكل عام، وأن نركز على الهدف من ضخ وحدات سكنية جديدة والتخطيط المسبق لها قبل الإعلان عنها، فيجب أن نركز على ما يدعم الاستقرار الوظيفي والعائلي، لجذب مزيد من المستثمرين المقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة.