هدى جاسم، ووكالات (بغداد)

استخدمت قوات الأمن العراقية الرصاص الحي، أمس، لتفريق متظاهرين في العاصمة وجنوب البلاد، لليوم الثاني على التوالي، وهو ما أثار مواجهات مع المحتجين العازمين على مواصلة حراكهم. وتجدد العنف في العاصمة بغداد والمدن الجنوبية، في الوقت الذي كثف فيه الناشطون المناهضون للحكومة عمليات إغلاق الطرقات والاعتصامات، على رغم من محاولات قوات الأمن إلى فض الحراك بالقوة.
وأعلنت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، أمس، أنها وثقت مقتل 12 متظاهراً، مع استمرار الاحتجاجات الشعبية. وأضافت المفوضية أن 9 قتلى سقطوا في بغداد، فيما قتل ثلاثة آخرون في محافظة ذي قار. وقالت: «إنها وثقت إصابة 230 من المتظاهرين والقوات الأمنية في محافظات بغداد وذي قار والبصرة». وأشارت المفوضية في البيان الصادر عنها إلى اعتقال قوات الأمن نحو 89 متظاهراً في محافظتي بغداد والبصرة.
وقتل أربعة متظاهرين في العراق، أمس الأول، بينما أعادت السلطات فتح ساحات وشوارع في بغداد ومدن جنوبية، وهو ما أكّدته الحكومة، وأثار مخاوف المحتجين من اتساع الحملة وفض الاحتجاجات المطلبية المستمرة منذ نحو أربعة أشهر.
لذلك، عاد المحتجون بأعداد كبيرة أمس، وحاولت قوات الأمن تفريقهم مجدداً.
وفي العاصمة، استخدمت القوات الأمنية الرصاص الحي في محاولة لتفريق تجمعات صغيرة في ساحتي الخلاني والوثبة القريبتين من معسكر الاحتجاج المركزي في ساحة التحرير وسط العاصمة، بحسب مصدر في الشرطة. وقال المصدر إن 17 متظاهراً على الأقل أصيبوا بجروح، بينهم ستة بأعيرة نارية.
ومن جانبهم، رشق المتظاهرون الشباب قوات مكافحة الشغب بالحجارة وألقوا زجاجات حارقة عليها.
وانطلقت، أمس، تظاهرات طلابية من جامعات بغداد إلى ساحة التحرير، ومن المقرر إقامة مسيرات أخرى يقودها طلاب هذا الأسبوع.
وفي الناصرية جنوباً، استخدمت قوات الأمن الرصاص الحي على المتظاهرين في محاولة لتفريقهم من الشوارع المحيطة بساحة الحبوبي المركزية في المدينة. وقال مصدر طبي: «إن 75 متظاهراً على الأقل أصيبوا بجروح جراء الرصاص الحي، فيما أصيب نحو مئة آخرين بحالات اختناق جراء قنابل الغاز المسيل للدموع».
وتجمع المتظاهرون هناك بأعداد كبيرة بعدما أعادت الشرطة فتح الشوارع الرئيسة في المدينة.
ويطالب المتظاهرون برحيل النخبة الحاكمة التي يعتبرون أنها فاسدة، وبإنهاء التدخل الأجنبي في السياسة الداخلية التي هيمنت على مؤسسات الدولة منذ إطاحة صدام حسين في 2003 في غزو قادته الولايات المتحدة.
كما يدعون إلى إجراء انتخابات مبكرة بموجب قانون انتخابي جديد، ورئيس وزراء مستقل، ومساءلة المسؤولين الفاسدين، وأولئك الذين أمروا باستخدام العنف ضد المتظاهرين.
وأقر البرلمان قانوناً انتخابياً جديداً، وقدم رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي استقالته في ديسمبر الماضي، لكنه مازال يشغل منصبه لتصريف الأعمال، وفشلت السلطات بالاستجابة لمطالب المحتجين في هذا الصدد.
وقال أحد المحتجين في بغداد، طلب عدم ذكر اسمه: «نحتج لأن لدينا قضية، ولا أعتقد أن أي سياسي سيغير رأينا».
وقال حسين علي، وهو طالب يشارك في الاحتجاج: «لا أذهب عادة للمظاهرات لكنني جئت بسبب ما فعلوه، وأريد أن أعبر عن تضامني مع إخوتي في التحرير».
واستعان متطوعون بمركبات توك توك لإجلاء المحتجين المصابين وسط سحب من الغاز والدخان الأسود المتصاعد من حرق إطارات سيارات.
وتجمع مئات من طلبة الجامعات، أمس، في ساحة التحرير التي تضم مخيم الاعتصام الرئيس وهم يهتفون بشعارات مناهضة للحكومة.
وفي وسط مدينة الناصرية، قال شاهد عيان: «إن محتجين أضرموا النيران في مركبتين أمنيتين في وسط المدينة، بينما سيطر مئات منهم على جسور رئيسة فيها». وذكر شاهد آخر، أن أكثر من ألفي طالب من جامعات مختلفة تدفقوا على مخيم الاعتصام في مدينة البصرة جنوب البلاد. وقالت مصادر في الشرطة إن الاحتجاجات استمرت أيضاً في كربلاء والنجف والديوانية في تحد لمحاولات قوات الأمن فض اعتصامات قائمة منذ أشهر.
وتجددت الاضطرابات الأسبوع الماضي بعد فترة من الهدوء النسبي استمرت عدة أسابيع إثر الضربات الجوية الأميركية التي قتلت قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، والتي ردت عليها إيران بهجمات بصواريخ باليستية على قاعدتين عسكريتين في العراق توجد بهما قوات أميركية. وتسبب مقتل سليماني في إذكاء التوتر على الساحة السياسية الداخلية في العراق وتأجيل تشكيل حكومة جديدة.

سقوط صواريخ قرب السفارة الأميركية عقب «فتنة» الصدر
أكدت مصادر أمنية عراقية أن صواريخ سقطت بالقرب من السفارة الأميركية في العاصمة العراقية بغداد، أمس، في أحدث هجوم لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه على منشآت أميركية في البلاد. وجاء ذلك، بعدما أعلن مكتب رجل الدين مقتدى الصدر أنه ألغى، أمس، مظاهرات مناهضة لسفارة الولايات المتحدة في العراق لتجنب ما وصفه بـ«فتنة» داخلية.
وسمع شهود عيان دوياً من جهة الضفة الغربية لنهر دجلة، حيث توجد معظم السفارات الأجنبية. وقال مصدر أمني: «إن ثلاثة صواريخ كاتيوشا سقطت قرب المجمع المحصن»، بينما قال آخر، إن خمسة صواريخ سقطت على المنطقة. ولم ترد أنباء عن خسائر.
وكان مكتب الصدر دعا في بيان للخروج في مظاهرات في بغداد ومدن أخرى. وأضاف البيان «ندعوكم إلى وقفة احتجاجية ضد السفارة الأميركية وأذنابها ممن تجاسروا على رمز الوطن مقتدى الصدر».

الجيش الألماني يستأنف تدريب قوات كردية في أربيل
استأنف الجيش الألماني تدريب قوات أمن كردية في مدينة أربيل شمالي العراق، بعدما توقف مؤخراً في أعقاب تصعيد الوضع في العراق.
وأوضح الجيش الألماني، أمس، أن ذلك تم بعد صدور قرار مقر قيادة العمليات الخاص بالتحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي، وبالتعاون مع شركاء متعددي الجنسيات.
ورغم ذلك، تظل مهمة التدريب في وسط العراق متوقفة في الوقت الحالي.
وكان قد تم سحب الجنود والوحدات الألمانية من وسط العراق بعدما استهدفت الولايات المتحدة قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني بقصف جوي ليلة الثالث من يناير الجاري. وأعقب ذلك بأيام هجمات من إيران استهدفت قواعد عسكرية في العراق يتمركز بها جنود أميركيون.