إميل أمين
حين جاء نابليون بونابرت إلى مصر، كان أول شيء فعله التوجه إلى الأهرام، ومن على صهوة جواده، خاطب جنوده بالقول: «انظروا.. إن أربعة آلاف سنة تنظر إليكم».
وقديماً قالوا أيضاً: «اضحك يا تاريخ من كل شيء، إلا الأهرام فهي تضحك منك». مرة جديدة يفتح ملف الهرم الأكبر الأيام القليلة الماضية، بعد سلسلة من الاكتشافات الحديثة المرتبطة بتاريخ وكيفية بناء الأهرام، ضمن مئات النظريات التي تخرج على العالم في هذا السياق، ولم يصل أحد بعد إلى نتيجة قاطعة محددة، غير أن السؤال الذي نثيره في هذه القراءة، ولا نقطع بصحته من عدمه: هل هذا البناء المعجز الأسطوري، مجرد مقبرة للملك خوفو، صاحب الهرم، أم أنه مركز للطاقة حول العالم، كما تذهب نظريات علمية حديثة؟كيف بُني الهرم الأكبر؟ يحتاج الجواب إلى كتب بعينها، غير أن أقدم وصف لطريقة بناء الأهرام، وصلنا عبر ما كتبه المؤرخ اليوناني «هيرودوت» الذي زار مصر في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد، حيث زوده الكهنة المصريون ومرافقوه بالمعلومات، وإن كان بعضها غير حقيقي أو محض خيال، وربما فعلوا ذلك، بهدف الاحتفاظ بالأسرار الحقيقية، لأسطورة الحضارة المصرية، بعيداً عن أعين الغرباء.
غير أن بعض تلك المعلومات مفيد، لاسيما أن كثيراً من التقنيات المستخدمة في بناء الأهرام تتفق مع ما نستخدمه في البناء في عصرنا الحديث، خاصةً عندما أشار «هيرودت» إلى أن الأهرام شيدت بوساطة السقالات المصنوعة من قطع خشبية صغيرة، وقد عثر شامبليون الذي فك رموز اللغة المصرية القديمة في ودائع الأساسات الخاصة بتشييد المعابد في الدولة الحديثة على آلات من الخشب تشبه الزحافات، إلا أنها شبه دائرية، وقد كانت بمثابة مصاعد لنقل الكتل الصخرية إلى أعلى.
يزن الهرم الأكبر نحو ستة ملايين طن، وإذا علمنا أن حكم خوفو لم يتجاوز عشرين عاماً، فإننا نحتار أمام هذا المجهود الجبار الذي أقام هذا البناء الضخم في هذه الفترة القصيرة، وكان عدد كبير من المصريين يشتغلون في بنائه طول مدة الفيضان من كل سنة، وذلك لخلوهم من أعمال الزراعة في فترة الفيضان، ولا تزال المساكن التي كانوا يقطنونها تشاهد منحوتة في الصخرة العظيمة الواقعة جنوب الهرم الأكبر. ورغم أن الهرم الأكبر هو أعجب شيء في تاريخ الحضارة المصرية، إلا أنه لم يكشف عنه من كل جهاته، ولا يزال المعبد الجنائزي الخاص به، ومعبد الوادي مطمورين تحت الأرض، ويظن أن الطريق الموصل بين المعبدين كان ظاهراً في عهد «هيرودت» الذي قال عنه إنه أعجب من الهرم نفسه.
برديات وادي الجرف
من القديم إلى الحديث، ننتقل دفعة واحدة، ففي شهر يونيو الماضي، عرضت القناة الرابعة البريطانية فيلماً وثائقياً عنوانه: «الهرم الأكبر في مصر... الدليل الجديد»، الذي اهتمت صحيفة «الديلي إكسبريس» البريطانية بما جاء فيه، وأفردت له تقريراً واسعاً ومطولاً... فما الجديد في هذا الفيلم؟
جوهر السلسلة التي بدأ عرضها منذ عام 2017، يقوم على اكتشاف «بردية وادي الجرف»، القريب من الشاطئ الغربي لخليج السويس، في عام 2013، ومن خلالها يفهم علماء الآثار الآن كيف أن المصري القديم استطاع تنظيم العمل وتدبير الاحتياجات من أجل إنجاز هذا البناء المتطور.
تقول الصحيفة البريطانية، إن بعثة أثرية مصرية فرنسية مشتركة، اكتشفت بقايا بردية تخص رجلاً يدعى «ميرير» كان مسؤولاً عن النقل الحجري من المحاجر إلى أهرامات الجيزة، وقام عالم المصريات الفرنسي، ورئيس الجمعية الفرنسية للمصريات «بيير تاليت»، وفريقه الأثري، بالبحث في بلدة وادي الجرف، القريبة من الهرم، وأثبتوا أن المصريين كانوا متقدمين وسابقين لعصرهم.
الفيلم الوثائقي، كان يتوقف من قبل عند جزئية غامضة ومثيرة في الوقت نفسه، وهي كيف استطاعت السفن المصرية الأولية حمل هذه الأحجار الثقيلة والضخمة، وأنه لكي تصل إلى موقع العمل، كان لابد لها من الاقتراب إلى مساحة أكثر مما يسمح به موقعها في نهر النيل.. فكيف حقق المصريون القدماء هذا الإنجاز؟
وربما يكون السؤال الأهم: كيف قاموا بوصل نهر النيل بموقع الأهرام نفسه، وهذا ما يحاول عالم المصريات الفرنسي، «بيير تاليه»، وفريقه الجواب عنه، من خلال فك شفرة البردية المفقودة منذ فترة طويلة للبحار المصري القديم «ميرير»، لمعرفة كيف حقق المصريون القدماء ذلك. يذهب «تاليه» إلى أن «ميرير» هذا، كان ضليعاً في علوم الهندسة، حيث سجل في البردية القديمة أن طاقمه شارك في مخطط لتحويل المياه نحو الهرم، حيث فتحوا السدود العملاقة لتحويل المياه من النيل، وتوجيهها إلى الهرم عبر قنوات من صنع المصري القديم، وبحسب البروفيسور«تاليت»، فقد كشفت البردية أن «ميرير» كلف بمهمة الحصول على القطع الحجرية من الهرم، قدر الإمكان عن طريق تغيير مسار القنوات المائية، وأكد «تاليت» أن البردية ذكرت أن «ميرير كان لا يعمل طوال الوقت في نقل الكتل الحجرية، بل إنها كانت فقط واحدة من المهام المختلفة التي قام بها خلال العام».... فهل حديث «تاليت» له ما يؤيده أو يعضده، من خلال الاكتشافات السابقة، لاسيما من قبل علماء وباحثين في المصريات. المعروف أن عالم المصريات الأميركي «مارك لينر»، قد قام بحفريات عديدة هو وفريقه في الرمال القريبة من الهرم الأكبر، في محاولة للكشف عن أي دليل على المجاري المائية القديمة.
لاحقاً، كشف «لينر» عن نتائج مذهلة، يوضح ذلك بالقول: لأمتار عدة، خرجت أوتار الحفر بلا رمل جاف، ثم فجأة نزلت أوتار الحفر إلى طمي كثيف ومركب، وقد أخبرتنا أمتار عدة من هذا الطمي المركب، أنه يجب أن يكون هناك ممر مائي قديم، لذلك عرفنا أن مياه النيل، يجب أن تكون هناك، وتملأ مجرى مائياً قديماً بهذا الطين، وقد حددنا حوضاً مركزياً للقناة، نعتقد أنه كان منطقة التوصيل الرئيسة عند سفح هضبة الجيزة.
هندسة هيدروليكية
هل عرف المصريون القدماء أحد أهم العلوم الحديثة، علم الهندسة الهيدروليكية الذكية في وقت مبكر جداً مثل هذا، قبل عدة آلاف من السنين؟ فيما علامة الاستفهام الأكثر غموضاً والتباساً: هل تكبد المصريون كل ذلك العناء، من أجل إنشاء مقبرة للملك خوفو؟ لنترك الجزء الثاني من السؤال، ونتوقف إلى حين مع الجزء الأول، ذلك أنه بحسب الفيلم البريطاني الأخير، فإنه من دون القنوات المائية التي تحدث عنها «تاليت»، ربما لم يكن المصريون القدماء قادرين على بناء الهرم الأكبر، والنتيجة النهائية عند «مارك لينر» هي أن عملاً كبيراً جرى في منطقة الأهرام قبل بضعة آلاف من السنين، عبر شق القنوات المائية، فقد حفروا سلسلة من القنوات العميقة بأيديهم، وأنشأوا ميناء داخلياً، ولاحقاً حين فتح «ميرير» السدود، ملأت مياه النيل هذه القنوات، ما سمح لقواربه المليئة بالكتل الحجرية الثقيلة بالرسو على بعد أمتار قليلة من الهرم الأكبر، وبذلك كان المصريون القدماء يحيطون علماً بالهندسة الهيدروليكية الذكية، التي كان من المستحيل شحن الأحجار، وإكمال هرم خوفو في الوقت المحدد، من دونها.
قوارب خوفو
الفيلم الوثائقي الذي استغرق أربع سنوات لإعداده، يتوقف عند مخطوطة أو بردية «ميرير» المشرف على قوارب الشحن، وكيف أنه في العام 1954 اكتشف فريق أثري مصري عوارض خشبية تم تفكيكها، ووضعها بعناية داخل حفرة بجانب الهرم الأكبر، وعبر الفيلم ندرك أن الملك خوفو كان يمتلك أسطولاً من القوارب المصممة، من أجل نقل الأحجار إلى موقع بناء الأهرام، اعتماداً على بحارة مدربين على أعلى مستوى. كما أن الأخشاب التي عثر عليها إلى جانب الهرم «سفينة احتفالية»، كان خوفو يعتقد أنه سيحكم العالم الآخر من خلالها. ويصف «ميرير» كيف كان العمل شاقاً، لاسيما فيما يختص بنقل الأحجار البيضاء الثمينة للهرم على طول نهر النيل، الطريق المباشر الوحيد لبناء الهرم، والشاهد هنا أن تمييز لون الأحجار يقودنا إلى مدخل مغاير لفكرة بناء الهرم الأكبر، والهدف منها، فالبردية التي نحن بصددها لا تشير إلا لنوعية الأحجار، أو لونها، أما التوقف بنوع خاص أمام تلك الأحجار فيقودنا إلى قصة أخرى، غريبة، عجيبة ومثيرة عن الهدف الآخر المتواري، وراء ما نعرفه عن الأهرام.
لا تحدد مذكرات «ميرير»، المسؤول رفيع المستوى، الذي يحمل لقب «مفتش»، والتي تعود إلى العام السادس والعشرين من عهد الفرعون خوفو، مكان استخدام تلك الأحجار البيضاء الثمينة، أو لأي غرض كان استخدامها، غير أنه بالنظر إلى هذا التوقيت الذي يعود إلى نهاية عهد خوفو، يعتقد العالم الفرنسي «تاليت»، أنه من المرجع أن الحجارة استخدمت لكسوة الهرم الأكبر من الخارج.
الفيلم الوثائقي الذي نحن بصدده، وبحسب المؤرخة البريطانية «بيتاني هيوز»، يؤكد أن الهرم الأكبر كان أبيض اللون في الأصل، وليس أصفر، كما هي الحال اليوم، بل كان أبيض نقياً، ولم يكن في أي وقت بالألوان الدافئة، عندما تم بناؤه قبل بضعة آلاف من السنين. وبفضل اليوميات التي تركها «ميرير» وراءه، يثبت لنا أن الأحجار الأصلية، كانت بيضاء مصقولة، وهذا ما تكشف عنه «هيوز» بالتفصيل في فيلمها الوثائقي. ويعن لنا هنا أن نضع القارئ أمام سؤال حيوي، يثير تفكيره ويقودنا إلى صلب الموضوع: هل كانت تلك الأحجار البيضاء بمثابة الألواح الشمسية في عصرنا الحاضر، تلك التي تختزن الطاقة الشمسية، وتحولها إلى كهربائية؟
أحجار بيضاء وأشعة لامعة
الفيلم الوثائقي البريطاني الأخير، في واقع الأمر يعيد فتح ملف الكثير من أسرار الأهرام، ذلك اللغز غير الواضح المعالم حتى الساعة، لاسيما من جراء النقوش التي لم تحل رموزها بعد، والكائنة في داخله، ولا تزال تحير العلماء، بل أكثر من ذلك فإن تكوينه الفلكي، واصطفافه فائق الوصف مع حزام «أوريون» الفضائي، يشكل لغزاً آخر غير مفهوم المعالم، ولا واضح الملامح.
تقول يوميات بردية «ميرير»، إنه بعد أن تم بناء الهرم، تمت تغطيته بأحجار بيضاء لامعة، تم جلبها من مسافة 15 ميلاً عن الهرم، أي من المنطقة المعروفة الآن باسم «جبل طرة»، بالقرب من مدينة حلوان، وكان يستغرق يوماً واحداً للوصول إلى الموقع، ما يؤكد دور النيل الأساسي في بناء الهرم.
وقد تمت إضافة هذه الأحجار البيضاء اللامعة والثمينة للغاية، كطبقة أخيرة إلى هرم يضم حوالي ستة ملايين طن من الصخور تحتها، وكانت مصقولة للغاية، ما يعني أنها كانت تعكس أشعة الشمس لتصبح سمة بارزة من على بعد أميال، وبالقدر نفسه، فإن الفكرة تتسق أيضاً، وإمكانية أن تكون هذه الطبقة تقوم بدور الصفائح التي تمتص طاقة الشمس لتحولها إلى طاقة كهربائية... أين ذهبت تلك الأحجار؟
بحسب «الديلي إكسبريس» البريطانية، فإن أحوال المناخ وارتفاع حرارة الكرة الأرضية قد تسببت حكماً في وقوع الكثير منها، ولهذا تغيرت جدران الأهرام إلى اللون الأصفر، عطفاً على ذلك، فقد كانت هناك حقب في التاريخ المصري، لم يُتنبه فيها للأهمية التاريخية لهذا العمل الإعجازي، فعلى سبيل المثال، وبأوامر من السلطان الناصر حسن، في القرن الرابع عشر، تم تقطيع العديد من هذه الحجارة البيضاء، واستخدامها في بناء القلاع والأسوار وبعض المساجد في مصر القديمة، ولهذا فإنه يمكن بالفعل رؤية البعض منها حتى الساعة في القاهرة الفاطمية تحديداً.
مقبرة أم مركز للطاقة العالمية؟
يثير كثير من الباحثين أسئلة، من خلالها يستدعون القدرات العقلية للتفكير، وإيجاد جواب عن السؤال المتقدم، فلو كان الهرم الأكبر فقط مجرد مقبرة للملك خوفو، فلماذا لم يعثر على موميائه حتى الساعة، وإذا كانت غرفة الملك صاحب الهرم تحوي تابوتاً مصنوعاً من الجرانيت يبلغ عدة أطنان، فأين غطاؤه، وكيف استطاع أن يدخل إلى عمق الهرم، من قبل أن يتم اكتشاف مدخل له؟
وضمن الأسئلة المحيرة بالفعل: لماذا ترك الهرم من غير نقوش هيروغليفية في الداخل، تشير إلى أسراره وقصة بنائه، والهدف الحقيقي منه، ولاسيما أن قدماء المصريين قد تركوا نقوشهم على المعابد والمقابر والمسلات كافة، فهل التغاضي في حال الهرم الأكبر يعزى إلى النسيان؟ ومن بين تلك الأسئلة المحيرة أيضاً: لماذا سد باب الهرم الأكبر الأصلي منذ قديم الأزل، ومن سده؟
تقول الروايات العربية، إن الخليفة المأمون بن هارون الرشيد كان شغوفاً بالعلم كوالده، ولما بلغ سمعه وصف الهرم الأكبر، عمل على فتح طريق إلى داخله، ذلك لأن الأحجار البيضاء كانت من الخارج تغطي على المدخل الرئيس، ولهذا لم يكن ظاهراً أمام أعينهم، وطوال ثلاثين شهراً من تسخين الأحجار، وصب الخل البارد عليها، تشقق بعضها، ووصلوا إلى عمق ثلاثين متراً في الداخل، وعندما دخلوا غرفة الملك خوفو كان التابوت فارغاً، ولم تسجل بعثة المأمون عثورها على أي كنوز أو مومياوات أو برديات، وكأن الهرم كان وسيظل مصمتاً، ومن دون أي علاقة بفكرة المقبرة، الأمر الذي جعل نظريات أخرى لعلماء مثل جون أنتوني، وروبرت شوك، وجرهام هانكوك، وروبرت بوفال، تربط بين الهرم، وبين سر طاقة الأرض... فماذا عن ذلك؟
رموز عجائبية كونية
في مؤلفه العمدة عن مصر القديمة، كتب المؤرخ «منتون السمنودي»، يشير إلى أن عمر الحضارة المصرية الفرعونية، يتجاوز السبعة آلاف عام، ويصل إلى أحد عشر ألف عام، وفي القلب من تلك الحضارة يقوم الهرم الأكبر، والذي يبلغ ارتفاعه 149.9 متر، وهي تقريباً نفس المسافة بين الأرض والشمس، حيث يبلغ بعد الأرض عن الشمس 149.4 مليون كم. يوجد اتجاه باب الهرم الأرضي، في نفس اتجاه النجم القطبي، وأضلاع الهرم تواجه الاتجاهات الأصلية تماماً. فيما الناظر إلى أحجار الهرم الأكبر، يرى أنها تساوي 2.3 مليون حجر، تزن في مجموعها 5.05 مليون طن، وأن النسبة بين وزن أحجار الهرم، وكتلتها هي نفس النسبة بين كتلة الأرض ووزنها.
والهرم يقع عند خط عرض 30 وخط طول 30 بانحراف 1.15 دقيقة، وهي نفس نسبة انحراف الضوء عند دخوله للغلاف الجوي، وقد كان الهرم الأكبر ولا يزال صورة معكوسة لمجموعة أورينت التي سجل بها مراحل بناء الهرم عن طريق ساعة أورينت النجمية، ولعل المثير أكثر هو أن الهرم الأكبر من الداخل به نظام تكييف، أو نظام تهوية، يجعل درجة الحرارة في غرفة الملك 22 درجة في كل أوقات العام، فهل كل ما تقدم هو ضرب من ضروب المصادفات، أم أن المسألة أعمق، وأن الهرم كان مقياساً لمسارب الطاقة الشمسية، ومولداً لأنواع من الطاقة الكهربائية والنووية بل الميكروية، وهو الأساس في أسلحة الطاقة الأحدث حول العالم، المعروفة باسم «سلاح هارب»؟ ربما التوقف هنا أمام ومع عالم الفيزياء الصربي الأميركي «نيقولا تسلا» (1856 - 1943) يعطينا فكرة، أو يشرح وجهة نظر أخرى لكينونة الهرم الأكبر بنوع خاص.
«تسلا» وطاقة الأهرام
قبل ستة أشهر، من بدء عرض سلسلة الأفلام الوثائقية الخاصة، كانت صحيفة «الديلي إكسبريس» البريطانية الشهيرة، تنشر تقريراً مفاده أن الغرض الرئيس من بناء الأهرام، لم يكن من أجل دفن خوفو أو غيره من ملوك الفراعنة، وإنما ليكون «مصدراً للطاقة»، وأن تكون الأهرام، بمثابة آلة عملاقة قادرة على إنتاج وإرسال الترددات الكهرومغناطيسية، ومختلف أنواع الطاقة.... فهل لهذا الرأي وجاهة من نوع ما؟
بحسب التقرير، فإن البناء الداخلي للهرم الأكبر، يشبه إلى حد كبير محطة توليد الكهرباء الحديثة، ويعتقد التقرير أن الهرم الأكبر ببنيته كمحطة للطاقة، يشبه بصورة كبيرة محطة الطاقة العملاقة التي بدأت شركة «تسلا» الأميركية بتشييدها في قارة أستراليا، من أجل توليد الطاقة لقطاع كبير من المنطقة... ولكن، كيف تم هذا قبل آلاف السنين... هذه هي القضية؟
باختصار غير مخل، فإن الـ118 أهرامات التي عرفتها مصر، لم تكن سوى آلات ومحطات طاقة متصلة ببعضها بعضاً لاسلكياً، وللهرم الأكبر الدور الرئيس في تشغيل المجموعات، فهو يقوم بامتصاص طاقة القشرة الأرضية الناتجة عن الاهتزازات الزلزالية وتجميعها داخل جسم الهرم، وقد وجدت بالفعل آثار للزنك والنزك كلورايد في حجرة الملك والممرات، وأثبتت وجود تفاعلات داخل الهرم الهدف منها الحصول على جزيء الهيدروجين.
والطاقة التي يتم تجميعها داخل الهرم، تحول داخل البهو الكبير بأجهزة الرنين إلى طاقة صوتية توجه ناحية غرفة الملك، ويتم بها أيضاً كسر جزيء الهيدروجين إلى ذرات هيدروجين أحادية، ويتم استخلاص طاقة شعاع الهيدروجين من الهرم، والاستفادة منه بطريقة ما غير معلومة.
النظريات العلمية المختلفة التي تحدث عنها تقرير «الديلي إكسبريس»، في واقع الأمر، تجعل الهرم قادراً على استخدام الخصائص الطبيعية للأرض، من أجل خلق وإنتاج كمية كبيرة من الطاقة.
يقول العالم الأثري البريطاني «عبدالحكيم حكيمويان»: «من تلك البقعة كما تعلمون كانت الطاقة ربما مستمدة من الأرض، ويظهر من الحفريات أنهم كانوا يحاولون التحكم في تدفق هذه الطاقة واستخدامها لأغراضهم الخاصة»، هل من أحد أشار بالفعل إلى وجود هذه الطاقة عبر تجربة حقيقية؟
ويليام سيمنس والقمة الهرمية
لا يمكننا القطع بالمطلق، بصحة النظرية التي تربط الهرم بالطاقة، والتي رفضها عدد كبير من الأثريين وعلماء الفيزياء، ولكنها راجت عند البعض الآخر، ولاسيما أولئك الذي تجرأوا على الصعود إلى قمة الهرم الأكبر بنوع خاص، والذين قدر لهم ملاحظة ظهور تحولات ضئيلة في الطاقة، خاصةً في إحساسهم بأطراف الجسم، ووصلت حتى شعور بعضهم بصدمات كهربائية، وعلى الرغم أن التسلق وصعود الهرم الأكبر الآن مسألة محرمة ومجرمة قانوناً، إلا أنها لم تكن كذلك في القرن التاسع عشر، وبين القصص الكثيرة التي وصلتنا، قصة المخترع البريطاني السير «ويليام سيمنس» الذي عند وصوله إلى قمة الهرم، كان يشير لأحد المرشدين بإصبعه، وإذا بصوت طنين عالٍ يدوي في أذنه، وشعر بإحساس، وكأن شيئاً ينبثق من الطرف الآخر، وينتشر من خلال يده.
نهر النيل ولغز الأهرام
هل يحل نهر النيل ألغاز الهرم الأكبر؟ مرة أخرى تؤكد «الديلي إكسبريس» البريطانية، أن السبب الحقيقي الذي دفع الفراعنة لتشييد أهرام الجيزة، هو رغبتهم في السيطرة على المياه في هضبة الجيزة، حيث كانت في تلك الفترة المنطقة مليئة بقنوات المياه الجوفية، وعند مرور التدفق الكبير للمياه عبر التجاويف تحت الأرض، فإنه سيتولد لنا إنتاج كهربائي، يعرف باسم «الكهرباء الفيزيائية»، والثابت أنه وحتى بعد ظهور نظرية «كريستوفر دان»، فإن الأهرام ما زالت تمثل لغزاً ومعضلة، وعلى الرغم من التحضر والتقدم العلمي الذي وصل إليه الإنسان في القرن الحادي والعشرين، فإنه ما زال غير قادر على فك شفرات تلك الصروح بشكل كامل، ويبقى أخيراً التأكيد على أن المعارف البشرية التي توصل إليها قدماء المصريين، قد ضاعت بعض خيوطها بسبب كارثة مفاجئة قضت على أصحاب الحضارة، في مرحلة ما من مراحل التاريخ البشري، وقد يكون الطوفان، ولهذا سيبقى لغز الهرم غالباً قائماً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.