دينا محمود (لندن)
طالب مستشارون سابقون للرئيس الأميركي دونالد ترامب بنقل جولات التفاوض المتواصلة بين الولايات المتحدة وحركة طالبان الأفغانية من قطر، وهاجموا الدور التخريبي الذي يلعبه «نظام الحمدين» في هذا الشأن، بالنظر إلى العلاقات الوثيقة التي تربطه بالجماعات الإرهابية في العالم.
وشدد وليد فارس - المستشار السابق للحملة الانتخابية التي أوصلت ترامب للبيت الأبيض أواخر عام 2016 - على أنه لا يجوز السماح بأن تظل قطر مسرحاً للمفاوضات المستمرة منذ ثماني جولات، والتي يمثل أميركا فيها المبعوث الرئاسي الخاص زلماي خليل زاد، في إشارة إلى الأهمية التي توليها واشنطن لتلك المحادثات الرامية لإحلال السلام في أفغانستان.
وفي مقال نشرته صحيفة «صنداي جارديان لايف»، أشار فارس إلى أن أسوأ ما يشوب هذه المفاوضات، هو مكان عقدها في دولة «داعمة لجماعة الإخوان الإرهابية مثل قطر»، مُشددا على أن اختيار بقعة مثل هذه يشكل «أحد مخلفات سياسات إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما»، التي كانت تتبنى توجهات شديدة التساهل حيال هذه الحركة الدموية، التي انبثقت منها الكثير من جماعات العنف الناشطة داخل منطقة الشرق الأوسط وخارجها.
ووجه الخبير المخضرم في الشؤون الشرق أوسطية دعوة ضمنية في مقاله لإدارة الرئيس ترامب للتخلي عن هذه السياسة، والعمل على اختيار دولة أخرى لاستضافة تلك المحادثات المستمرة من شهر يوليو عام 2018، لافتا النظر إلى تغريدة سبق أن نشرها قبل نحو شهر، وتحديدا في الثاني والعشرين من يوليو الماضي، وأعرب فيها عن قلقه حيال ما كان يتم الحديث عنه في تلك الآونة، بشأن قرب التوصل إلى ما وُصِفَ بـ «خطة من أجل أفغانستان»، بهدف إنهاء الحرب المستمرة هناك منذ أكثر من 18 عاما.
ويشير الكاتب في هذا الشأن - على ما يبدو - إلى تقارير أفادت بأن الولايات المتحدة تستعد لسحب الآلاف من جنودها من الأراضي الأفغانية، في إطار اتفاقية مبدئية مع «طالبان»، تنص كذلك على أن توافق الحركة على التفاوض بشكل مباشر مع حكومة كابول لبلورة اتفاق سلام شامل.
ويسعى المشاركون في المفاوضات الحالية، إلى التوصل إلى اتفاق قبل الانتخابات الرئاسية الأفغانية المزمعة في سبتمبر المقبل. وقد سبق أن وُصِفَت الجولة الثامنة من المحادثات التي اختُتِمَت قبل أيام، بأنها «حاسمة» ولكنها لم تفض إلى حدوث أي انفراجة، كما لم يُعلن في ختامها عن موعد انعقاد أي جولة تالية، بل اكتفى متحدث باسم طالبان بالقول إن «كلا الطرفين سيتشاوران مع قياداتهما بشأن الخطوات المقبلة».
ولكن وليد فارس حذر في مقاله من الانسياق وراء المحاولات التي تقوم بها قطر ووسائل إعلامها - وعلى رأسها قناة «الجزيرة» التليفزيونية - لتبييض السجل الأسود للحركة الأفغانية المسلحة، والقول إن بمقدورها «المساعدة على محاربة الإرهاب» في أفغانستان.
وشدد فارس على أن مثل هذه المقولات تُروج على مدار سنوات طويلة «من جانب جماعة الإخوان الإرهابية وقناة الجزيرة والنظام الحاكم في قطر كذلك، وترددت خلال حقبة أوباما أيضا»، قائلا إنه على الرغم من أن السعي لترسيخ مزاعم من هذا القبيل «ليس بالأمر المستغرب، فإن المفاجئ وجود جهود ترمي إلى إقناع الإدارة (الأميركية) الحالية بقبول تلك الادعاءات، رغم أن هذه الإدارة ملتزمة طيلة الوقت بشن حملة لا هوادة فيها ضد المتشددين، بل واعتمدت في حملتها الدعائية لانتخابات عام 2016 الرئاسية في الولايات المتحدة على هذه السياسة أيضا.
تأتي تحذيرات فارس من الدور التخريبي الذي تلعبه قطر في المفاوضات، بالتزامن مع آراء مشابهة عبر عنها مسؤولون أميركيون سابقون وعدد من رموز المحافظين الجدد في الولايات المتحدة، ممن حذروا من إعادة الجنود الأميركيين سريعا إلى ديارهم من أفغانستان، وقالوا إن ذلك قد يؤدي إلى اندلاع حرب أهلية في هذا البلد.
وفي وقت سابق، اتهم محللون باكستانيون النظام القطري بدفع طالبان لاتخاذ مواقف متشددة في المحادثات الجارية مع ممثلي إدارة ترامب، مُشيرين إلى أن عدم التوصل إلى اتفاق حتى الآن «يعكس النفوذ الهائل الذي تمارسه قطر على الحركة، التي توفر الدوحة مقراً لمكتبها السياسي».
ويحظى عناصر طالبان في قطر بمعاملة متميزة، كما أن مكتب الحركة في عاصمة الدويلة المعزولة، يضم 15 من كوادرها مع أسرهم، ويُستخدم في جمع تبرعات وتشغيل شركات خاصة، من أجل تمويل أنشطة هذا التنظيم الدموي، بعلم من المسؤولين القطريين.