شادي صلاح الدين (لندن)

كشف عدد من الصحفيين والمحللين الأتراك عن فضيحة جديدة يستعد لها النظام التركي بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، لافتين إلى أن الرئيس التركي قد يطيح بجميع رؤساء البلديات في المدن الكبرى بعد إقالة ثلاثة رؤساء بلديات ذات أغلبية كردية بذريعة «الإرهاب» وهي التهمة التي يوزعها أردوغان على كل من يعارضه أو يرغب في التخلص منه.
يذكر أن قرار الحكومة التركية بعزل محافظين ذوي أصول كردية لم يمر مرورا عابرا في المحافظات ذات الغالبية الكردية إذ خرج الآلاف احتجاجا على القرارات التعسفية للحكومة والتي تتنافى مع المبادئ الديمقراطية لكن المحافظين المعزولين منتخبين رسميا. ولدى تجمع المتظاهرين السلميين استخدمت قوات الأمن التركية الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه لتفريق الاحتجاجات في محافظة ديار بكر جنوب شرقي البلد ضد الحكومة، وذلك بعد قيام وزارة الداخلية بعزل رؤساء البلديات الثلاثة الذين ينتمون لحزب موال للأكراد.
وأوضح الكاتب «ايمين كولاسان» في مقاله في صحفية «شوزكو» إن الحكومة التركية قد تتحرك لإقالة رؤساء البلديات المعارضين الرئيسيين في أكبر مدن البلاد بعد قرارها الاستبدادي بالتخلص من رؤساء البلديات في ثلاث مقاطعات جنوب شرق البلاد ذات أغلبية كردية.
وقالت وزارة الداخلية التركية إن السلطات أقالت يوم الاثنين الماضي ثلاثة رؤساء بلديات ينتمون لحزب «الشعوب الديمقراطي» المؤيد للأكراد في ثلاث مدن «دياربكر وماردين وفان»، في جنوب شرقي تركي، وعينت مسؤولين حكوميين مكانهم واعتقلت أكثر من 400 شخص يُشتبه في أن لهم صلات بمسلحين، في تحرك سيؤجج على الأرجح التوتر في المنطقة التي تقطنها أغلبية كردية.
كان أردوغان قد هدد قبيل الانتخابات المحلية التي أجريت في مارس والتي اكتسحتها المعارضة بإقالة مسؤولين منتخبين إذا ثبت أن لهم علاقات بحزب العمال الكردستاني المحظور في تحرك يهدف إلى الالتفاف على إرادة الشعب التركي.
وبعد هذا الإعلان، قال أوزجر مومكو، وهو كاتب عمود وأكاديمي سابق، في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إنه قد يتم أيضا الإطاحة برؤساء بلديات إسطنبول وأنقرة وإزمير في الأيام التالية. وعلى نحو مماثل، قال إرسين رام أوغلو، كاتب بصحيفة «صباح» اليومية المؤيدة للحكومة، إن رؤساء بلديات الحزب الشعبي الجمهوري في أكبر مدن تركيا يمكن إقصاؤهم من مناصبهم بتهمة «سلب الأموال»، وهي تهمة جديدة تصدر من الحزب الإخواني الحاكم الذي تلاحقه قضايا فساد. وأشار الكاتب إلى أن الهزيمة الأخيرة التي عانى منها أردوغان في الانتخابات البلدية لاتزال تؤرقه، وخاصة بعد تعرض حزب العدالة والتنمية الحاكم لضربات مؤثرة في الانتخابات المحلية في مارس، ومع فوز حزب الشعب الجمهوري بالانتخابات المحلية في خمس من أكثر محافظات تركيا الست اكتظاظا بالسكان.
وقال كولاسان «على الرغم من عدم وجود أدلة ملموسة في متناول اليد، إلا أنني سأقول إن ذلك قد يحدث قريبا» في تعليق منه على احتمالات الإطاحة برؤساء البلديات الأخرى من أحزاب المعارضة واستهداف رؤساء بلديات حزب الشعب الجمهوري.
وكتب «ولي أجبابا» نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري في تغريدة له عبر موقع «تويتر» قائلا إن الإقالات ترقى إلى مستوى الفاشية وأنها تشكل ضربة للديمقراطية وانقلابا غير مقبول على إرادة الشعب.
وتقول الحكومة التركية إن عمد حزب الشعوب الديمقراطي يدعمون حزب العمال الكردستاني المحظور الذي يقاتل داخل تركيا منذ عام 1984، وهو الاتهام الذي لا تمتلك له الحكومة دليلا واحدا. وتساءل كولاسان «إذا كان رؤساء البلديات الذين تم إقصاؤهم من الخدمة أمس متورطين في الإرهاب، فلماذا سمحت لهم الحكومة بالترشح في انتخابات 31 مارس وسمحوا لهم بالدعاية لأنفسهم». مضيفا أن عمليات الإقالة غير القانونية ستضر بمصداقية تركيا في عيون الدول الأجنبية.
ومن جانبها أدانت منظمة «هيومان رايتس ووتش» الدولية قرار الحكومة التركية بإقالة رؤساء البلديات، مشددة على أن القرار «ينتهك بشكل صارخ حقوق الناخبين ويوقف الديمقراطية المحلية».
وقال مدير قسم أوروبا ووسط آسيا بالمنظمة، هيو وليامسون «ألغت حكومة الرئيس أردوغان فعليا نتائج انتخابات مارس المحلية في المدن الرئيسية الثلاث في الجنوب الشرقي وشرق البلاد ذات الأغلبية الكردية عن طريق إقالة رؤساء البلديات المختارين من الناخبين، وجميع المرشحين صالحون، واستولت على هذه البلديات». وأضاف «تلطيخ سمعة هؤلاء العمد من خلال زعم صلاتهم بالإرهاب لحرمان السكان الأكراد من ممثليهم المختارين يعرض الجميع في تركيا الملتزمة بالانتخابات الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون للخطر».
وأكدت المنظمة أن المقاضاة والتحقيقات التعسفية على جرائم الإرهاب الواسعة والغامضة تستخدم على نطاق واسع في تركيا لإسكات واحتجاز منتقدي الحكومة والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان والسياسيين المعارضين، مشيرة إلى انتقاد المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تركيا بقسوة لإجراءاتها في استمرار توجيه تهم الإرهاب التي لا أساس لها ضد أعضاء البرلمان المنتخبين، وغيرهم من المعارضين السياسيين.