دينا محمود (لندن)
وسط تصاعد الرفض الإقليمي والأوروبي والأممي لشروع تركيا في إرسال قوات إلى ليبيا، أكد محللون سياسيون أن هذه الخطوة «الاستعمارية المحفوفة بالمخاطر»، تأتي في إطار «أوهام» النظام الحاكم في أنقرة، بقدرته على إحياء الإمبراطورية العثمانية، وتندرج كذلك في سياق محاولاته لكسر عزلته المتزايدة من جهة، والخروج من مأزقه الحالي في سوريا من جهة أخرى. وقال المحللون، إن الاستراتيجية التي يتبناها أردوغان حيال الملف الليبي، تنسجم مع ما يستهويه دائماً، من وصف بلاده بأنها قوة عظمى على الساحة الإقليمية، ذات إرث إمبراطوري امتد على مر التاريخ عبر قارات مختلفة، متجاهلاً أن تركيا الحديثة تختلف عن ذلك تماماً، وأن هيمنتها العسكرية تنحصر على بعض مناطق جوارها المباشر، وأنها لم تعد معنية الآن سوى بمواصلة الانخراط في محاربة المجموعات الكردية المسلحة في شمالي سوريا والعراق، والادعاء بأن لديها حقوقا بحرية قبالة السواحل القبرصية.
وفي تقرير نشره موقع «إيجيا تايمز»، أكد هؤلاء المحللون أن بدء النظام التركي في التدخل بشكل مباشر وأحادي في «الحرب الدائرة في ليبيا»، يبرهن على أن لديه «نزعة متهورة للمجازفة خارج الحدود «موضحاً» المطامع التركية في ليبيا أو في المناطق المجاورة لها، تفسر المساندة السياسية والعسكرية الحالية لحكومة فايز السراج»، مُشيراً إلى أن «السوق الليبية تمثل هدفا مهما للشركات التركية الباحثة عن عقود مربحة، خاصة في مجال البنية التحتية، وأن أردوغان يسعى لتأمين صفقات في مرحلة إعادة الإعمار، التي ستعقب حتماً انتهاء الحرب الضارية المستمرة حالياً، والحصول على نصيب من الصفقات النفطية في الوقت ذاته».
كما وصف التقرير التحرك التركي الأخير حيال الملف الليبي بـ «الإبحار في مياه مجهولة دون إدراك للعواقب، وانتهاج لسياسة تحفها الكثير من المخاطر، ولا يمكن تفسيرها سوى من منظور بحث أردوغان باستماتة عن اكتساب النفوذ على الساحة السورية على حساب روسيا، وعن تعزيز موقفه في شرق البحر المتوسط، في مواجهة القوى النافذة هناك مثل مصر واليونان».
فبحسب الموقع، تشكل ليبيا «موقعاً استراتيجياً مهماً يسعى النظام التركي للاستفادة منه، في الصراع الأوسع نطاقا حول استغلال موارد الطاقة في شرق المتوسط، وهي المنطقة التي زادت أهميتها بفضل اكتشاف الكثير من حقول الغاز الطبيعي فيها خلال السنوات الأخيرة، وما ترافق مع ذلك من أنشطة استكشاف وتنقيب واسعة تقوم بها الدول المطلة على هذا البحر».