ليلة إعدام
نَبَض المساءُ بظلمةٍ، فعوت في الصدر ذكرى زلزلت أرجائي
أبصرتُ في حُرَقِ الزوايا شهقةً منها، أعادتْ للدجى أشلائي
حتى المرايا أظلمتْ صحراؤها لتزيحَ عنها تمتماتِ ردائي
مشغولةٌ بالليل، بالنجمِ الذي ما عاد يهديني طريق بقائي
تغتالني الذكرى وتُسقطُ أبحري في بئرها، وتسيرُ بين دمائي
وتظل تنهش من بقايا الصدر شيـ ـئاً ثم شيئاً دونما إبطاءِ
حيناً تريق بيَ الجحيم بصيفها وعليّ ترمي القرّ دون شـتاءِ
وتقطّع الأحشاء حدّة سيفِها يا ليتَ شعري، ويحها أحشائي
عادتنيَ الذكرى ولستُ عدوّها ألقت عليّ سياطها وعنائي
حاولتُ ألتمسُ النجاةَ ولم أجد حبلاً ولا ظلاً ولا أشيائي
قد أطبقت كفّاً عليّ وكفُّها جبلٌ يكسّر قسوةً أسمائي
ويحيلني مثل الرماد، ضعيفةً مسكونةً بالشوكِ والأقذاءِ
مشحونةً بالمارقين بلا بقا ءِ على طريقي ساكبينَ شقائي
أبصرتهم، لكن رأوني تارةً ثم انزووا مُرخين كلّ غطاءِ
مستبدلين وجودهم بغيابهم مستبدلين توّهجي.. بخفائي
مستبدلين وجوههم بقناعها ورحيقهم بقوافلٍ من داءِ
ذكرى، كأني قد خُلقتُ دمىً لها كل الخيوط براحتيها مائي
طيني لديها مثل صلصالٍ به تجد التساليَ.. ربما لفنائي
أنفاسها خرقت جمال الوقت، هل قد كان خلف الوقتِ طاغٍ رائي؟
من ذا يعير الذكريات طريقَه؟ هل ظل في الدنيا معيرٌ طائي؟
من ذا يحنّ عليّ؟ يمنحني الردى؟ أو يستطيع بقدرةٍ إحيائي؟
إني سئمتُ السير وهْي رفيقتي وتعبتُ من جرّ النواح ورائي
لا حيلةٌ، لا قوةٌ، لا منقذٌ لا أهلَ، لا من صاحبٍ معطاءِ
تعوي بصدري، كالدجى، لتمزّق الـ أنفاسَ، كي لا أستعيدَ صفائي
وأظلّ أسحبها شهيقاً/ صخرةً وأظل أزفر غيظها لسمائي
سَحقاً تمر عليّ تحمل صورةً لوجوه من مرّوا على أفيائي
شنقاً، تبعثرني، بمقصلة النوى وتعيدني أخرى بلا إغراءِ
الليل جذوتها، وملهمها بما في فعله أدنو من الإعياءِ
بيمينه إن أشرقت غطّت على روحي وباليسرى فؤادٍ نائي
حتّى إذا بلغت منافيّ الزبى قتلت مرافئ جنتي العذراءِ
قد صرتُ لا أملٌ ولا جسدٌ ولا روحٌ، فمن ذا مانحٌ لكسائي؟
لطفاً بعجزي، رأفةً بي إن بي ضعفاً، فرفقاً، رحمةً بسخاءِ
فلتطفئي بي حرقةً أشعلتِها ولتوقدي شيئاً يُعيد نقائي
النومُ لي قد صار غاية مطلبي بعضُ الكرى يا ذكرياتُ دوائي
نامي بصدري، خففي وطأً فلن تُجدي الطعونُ بجيفةٍ بتراءِ
نامي، فإن الليل أرخى سترهُ لننامَ، لا لتبشّعي أنبائي
وتشيّعيني للضياعِ رهينةً ولتجزلي بالسوءِ بوحَ رثائي
نامي، فإن النومَ قيلَ عبادةٌ للظالمينَ، وأوقفي إيذائي
سأنامُ، كي أنسى، وأقطفَ وردةً من بحرِ عيشٍ صافيِ الأرجاءِ
نامي، أريحي مقلتيكِ ومقلتي قبل انعدامي، واندثار فضائي
لتظل تعزفني الحياة بنايها وأظل طيراً كم تحب غنائي