فاطمة عطفة (أبوظبي)

كيف يكتب ويرسم المبدعون الشباب في الإمارات ولمن يكتبون؟ ما الذي يريدون إيصاله من خلال الكتابة والعمل الفني؟ ماذا يقرؤون؟ من أين يحصلون على معارفهم؟ ما شكل علاقتهم بالعالم الافتراضي، الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وكيف ينظرون إلى علاقتها بالثقافة والكتابة؟ ماذا يقولون عن واقع الثقافة في الإمارات؟
هذه الأسئلة وغيرها، طرحتها «الاتحاد» على عدد من الكتاب والمبدعين الشباب ليتعرف القراء والنقاد على عوالمهم، ومناخاتهم الإبداعية، وأهدافهم، وكيف تكوّنوا ثقافياً، وما هي انشغالاتهم المعرفية والفكرية وغير ذلك مما يجعل تجربتهم الإبداعية في بؤرة الضوء.. ففي هذه الحوارات التي ننشرها تباعاً، نترك لهم أن يعبروا عن أنفسهم وتجاربهم، ونفتح للناقد نافذة لكي يعرف أحدهم الآخر.. ويقترب منه.
بثينة سالم القبيسي، كاتبة وباحثة في تاريخ وتراث إمارة أبوظبي، وهي حاصلة على ماجستير علوم البيئة من جامعة الإمارات، عملت في المجال البيئي لأكثر من 14 سنة، ثم تركت العمل وتفرغت للبحث في التراث.
تقول عن بداية علاقتها بالكلمة وكيف تأسست: انطلقت في عالم الكتابة من المرحلة الثانوية، بتشجيع من معلمة اللغة العربية، ومنها اكتسبت طريقة كتابتي للتعبير الإنشائي، وهي من زرعت الثقة بأن نكتب ما نشعر به، فبدأت بكتابة الشعر ومن ثَم توقفت خلال سنوات الدراسة الأخيرة في الجامعة. أما ما حثني على كتابة الكتب فهو حلم -وقد تحقق- بنشر المعلومات التي كنت أجمعها على مدى عشر سنوات، والخاصة بتراث أبوظبي، في ورق مطبوع، وأغلبها مسجلة من المصادر الشفاهية.
وعن الهدف من الكتابة والقارئ الذي تتوجه إليه، تقول: أكتب للأجيال القادمة وأوثق جميع الفراغات، وهي، بحسب اطلاعي على مجال التراث وثقافته، غير موجودة، إنها فقط حية في الموروثات الشفهية، وتضيف: أكتب لأولئك الذين يدركون من الآن أهمية الموروثات الشعبية التي كانت من أهم لبنات البنية التحتية لهذه الدولة الفتية، وأكتب لمن سيدرك، ولو بعد حين في المستقبل، أنه قد فاته الكثير الذي لا يعرفه، ليجد كتبي جاهزة لإعطائه صورة جميلة عن حياة الماضي بتفاصيلها الأجمل، وليكتسب منها معلومات ذات زخم عميق ولكن «بريتم» سريع.
وحول نظرتها إلى التاريخ وإمكانية الاستفادة منه تقول: أود من خلال كتاباتي توضيح أن ما نحن عليه الآن ما هو إلا امتداد للأمس، وذلك الماضي هو قوة اليوم، ومن لا يرى تاريخه لن يستطيع قياس ما أنجزه الآن، وأرجو أن تكون كتبي تحفيزاً للأجيال الحالية والقادمة.
وعن التواصل مع الكُتاب المعروفين ومدى تأثرها بهم، تقول بثينة: لم أتأثر كثيراً بالكُتاب لأني أعتقد أن أسلوبي سلس في الكتابة وبسيط، وأنا أحترم جميع الكُتاب، فكل كاتب تظهر شخصيته من خلال كتاباته التي أحتفظ بها كمراجع في منزلي. أحب كثيراً الانتقاد أو ما أسميه الملاحظات سواء الإيجابية أو السلبية التي أعشقها، لأنني في النهاية استثرت القارئ وجعلت فكره يبحث عن هذه النقاط وهو الذي أعطاها لي على طبق من ذهب. قد يكون الناقد على حق وقد لا يكون، وفي الحالتين يتم إما شرح السبب أو الصمت كرد بأن فكرته وصلت. لا أحب أن أخسر القراء أبداً فهم من يحيون كتابي.
وبالحديث عن عالم القراءة وأهميتها، تقول: أقرأ الكثير فيما يخص المعلومات اليومية، وأستمع أكثر لمعرفة ما يدور في العالم، فتوجهاتي متعددة وأضع لنفسي برنامجاً يومياً للمعرفة، أفضل الكتاب الورقي على الإلكتروني، حيث القراءة من دون شحنات كهربائية. أما المعلومات اليومية فمن خلال القراءات الإلكترونية. أقرأ للكُتاب المحليين والخليجيين والعرب والأجانب، وأفضل الترجمات إذا كنت أبحث عن معلومات معينة تخص أبحاثي. وفيما يتعلق بقراءاتي الأدبية، فإن مؤسسة «بحر الثقافة» توفر لنا العديد من الاختيارات الأدبية، كما أحاول في سفري اقتناء الكتب في مجالات الأدب والموروث الشعبي، وفنون العمارة وتاريخها. أحب دراسة ثقافات الشعوب وأجمع القصص التاريخية، إضافة إلى الكتب الدينية التي تمنحني مساحة الراحة اليومية.
وتعتقد بثينة القبيسي أن الإنترنت من المراجع المهمة التي قد يبدأ منها مشوار أي مشروع، وتستدرك: لكن لا أعتمد عليه كلياً إنما أستخدمه لترتيب الأفكار والوصول إلى المراجع من خلاله، فهو من أهم المصادر، ويقدم لنا العالم بين أيدينا على شكل جهاز محمول، إضافة إلى أن قنوات التواصل الاجتماعي تؤمّن مجال المعرفة بالناس والتواصل معهم. أما متابعة الحركة الثقافية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، فأتوقع أنها تساهم في انتشار الثقافة، وهذا يشكل ظاهرة اجتماعية جميلة ومفيدة.
وفي ما يخص العمل، فأنا حالياً لا أعمل في أي وظيفة، وقد تركت العمل لتأدية واجبي الوطني نحو حفظ تراث أبوظبي والإمارات، وأعمل على بحوث تاريخية عدة تدعم المصادر الشفاهية.