رشا طبيله (أبوظبي)

واجهة إماراتية تعكس مواهب وطموحات لا سقف لها، يحملها مواطنون أمام زوار المرافق الترفيهية في جزيرة ياس ليمثلوا بها وطنهم وحسن ضيافته، ويكونوا جزءاً من نجاحات إمارة أبوظبي السياحية.
يطلق عليهم اسم «سفراء أبوظبي» ضمن برنامج «السفير» الذي أطلقته شركة «فرح إكسبيرينسز» التابعة لـ«ميرال» في العام 2017، المبادرة المعنية بتأهيل الشباب الإماراتي للعمل في قطاع السياحة والترفيه في جزيرة ياس، ليكون اللقب الملائم لعملهم الدؤوب في تمثيل بلدهم أمام مختلف الجنسيات والثقافات.
وشارك في البرنامج حتى الآن 200 إماراتي، ما يعتبر خطوة مهمة للبرنامج، خاصةً مع تحقيق الكثير من المتدربين ازدهاراً جعلهم يتولون مناصب مميزة في مختلف المدن الترفيهية على جزيرة ياس.
ويؤكد عدد من الناجحين في هذا البرنامج لـ«الاتحاد»، والذين يعملون الآن في مناصب تتيح لهم التعامل مباشرة مع الزوار في المرافق الترفيهية في الجزيرة، أن عملهم في هذا المجال أمر غير اعتيادي ومتميز ومختلف عن أي عمل آخر، فهم اكتسبوا مهارات التواصل مع الجمهور في هذا القطاع الحيوي وتحمل المسؤولية، إلى جانب أن فخرهم بتمثيل وطنهم أمام السياح يجعلهم يعملون بإخلاص وتفانٍ.
وبعد عامين من إطلاقه، يتابع برنامج «السفير» توفير الفرص للإماراتيين الموهوبين والطموحين في قطاع الترفيه، وتزويدهم بالمهارات اللازمة وتطويرها ضمن جميع مجالات سوق العمل في هذا القطاع.
ويقوم البرنامج بذلك عبر تقديم التدريب العملي للمشاركين في المدن الترفيهية عالمية المستوى في جزيرة ياس، وهي «عالم فيراري أبوظبي» و«ياس ووتروورلد» و«عالم وارنر براذرز أبوظبي»، حيث يعملون بفضل مهامهم اليومية في بيئة متعددة الثقافات وسريعة الحركة.
ويقول علاوي عمر عبد القادر العيدروس، الذي يعمل الآن كمدير مساعد في قسم العمليات في «عالم وارنر براذرز أبوظبي»: كسفراء، نحن صوت وواجهة مرافق جزيرة ياس الترفيهية، ولهذا كنت مصرّاً على تطوير مهاراتي الخاصة بالتواصل». ويضيف: «سمحت لي هذه البيئة أن أعزز مهاراتي اللغوية وأحسّن قدرتي على مساعدة الزوار والتواصل معهم، لأضمن لهم قضاء وقت مثالي في المدن الترفيهية في جزيرة ياس، فهكذا حين يتذكرون مغامراتهم هنا سيتذكرون كذلك الضيافة والاستقبال المتميزين اللذين يساهمان في تحسين تجربتهم ككل». وكما هو الحال بالنسبة للعديد من خريجي الجامعات الذين يكتشفون الفرص المتوفرة في هذا القطاع المميز، سعى علاوي منذ البداية إلى اتباع مسار مختلف تماماً عن دراسته الأكاديمية، ويقول: «في صغري، لم أفكر أبداً بالعمل في قطاع الترفيه والاستجمام، ولكن بعد الانضمام إلى برنامج «السفير»، تعرفت على خيارات وظيفية لم أعلم بوجودها، وأتطلع إلى الفرص المختلفة المتوفرة في الوقت الحاضر وفي المستقبل». ويضيف: «تحت إشراف خبراء في صناعة المدن الترفيهية، إلى جانب التعليم الأكاديمي، فتحت لي هذه التجربة العملية القيّمة الأبواب نحو عالمٍ واسع من الإمكانات». وتتشابه تجربة علاوي مع الكثيرين من منتسبي البرنامج، والذين كانت نجاحاتهم مدفوعة بقيمهم الوطنية أيضاً، يقول إبراهيم موفق الحاج علي، الذي يشغل اليوم منصب قائد فريق البيع بالتجزئة في «عالم فيراري أبوظبي»: «بصفتي أحمل لقب «سفير»، أشعر بالفخر حين أمثل مجتمعي وبلدي خير تمثيل، ولهذا أؤدي مهامي بإخلاص وتفانٍ كبيرين». ويضيف: «تجربة التدريب والتأهيل كانت صعبة في بعض النواحي، ولكنها مفيدة للغاية في الوقت نفسه، حيث تعلمت تحمّل المسؤولية وتحسنت ثقتي بنفسي، وهي مهارات لا بد من امتلاكها للقيام بمهامي اليومية في عملي الحالي». ولم يقتصر البرنامج على تطوير إمكانات هؤلاء الخريجين الشباب، بل كشف أيضاً عن بعض المواهب الشخصية، يؤكد إبراهيم: «إضافة إلى تحسن ثقتي بنفسي، زادت رغبتي بتعريف الزوار على معنى الضيافة الإماراتية الحقيقية». وكان إبراهيم قد تدرّب في البداية كمنقذ في «ياس ووتروورلد»، قبل أن يصبح مسؤول علاقات الضيوف في مدينة الألعاب المائية، وتمتْ ترقيته بعد ذلك إلى منصب قائد فريق البيع بالتجزئة في عالم فيراري أبوظبي.
أما حمدة محمد عبدالله سيف المحيربي، التي انضمت إلى قسم خدمات الزوار في «ياس ووتروورلد» قبل انتقالها إلى إدارة المأكولات والمشروبات، فتقول: «إن العمل في هذا المجال يتيح للشخص فرصة النمو خارج الحدود المعتادة، والفرصة التي أتاحها لي عملي تجعلني أشعر بالفخر والسعادة، كوني جزءاً من فريق مخصص لتزويد الضيوف بتجربة شخصية متكاملة لا تقتصر على الألعاب والمرافق الترفيهية فقط». ويعتبر هذا الحماس والتفاؤل بين كثيرين من منتسبي «برنامج السفير»، إلى جانب إنجازاتهم المهنية، مثالاً واقعياً على دعم الشباب الإماراتي الموهوب والباحث عن عمل عبر تزويده بفرص التعلم والتدريب في مختلف قطاعات الاقتصاد الإماراتي الآخذ في النمو.
وتقول مريم المشرخ، مديرة الموارد البشرية في شركة «ميرال»، عن هذا البرنامج: «نعمل من خلال هذا البرنامج على تأهيل الشباب الإماراتي للعمل في قطاع السياحة والترفيه، ليكونوا واجهة إماراتية أمام زوار المرافق الترفيهية، ويمثلوا وطنهم وثقافتهم وحسن الضيافة الإماراتية أمام مختلف الثقافات والجنسيات».
وتضيف مريم: «آمنتُ منذ تصميم هذا البرنامج بأننا سننجح في جذب الشباب الإماراتي للمساهمة في نمو قطاع السياحة والترفيه، ولقد كانت ثقتي أنا شخصياً بقدراتِ شبابنا كبيرة». وتقول: «شهد برنامج ‘السفير‘ إقبالاً كبيراً في سنواته الأولى.
ونتطلع من خلال استمرار هذا البرنامج إلى تدريب وصقل مهارات المزيد من الشباب، وتجهيزهم للمساهمة في تعزيز قطاع الترفيه والاستجمام سريع النمو وشديد التنوع في أبوظبي». وبالاعتماد على أساسٍ مكونٍ من المواهب الوطنية والسعي لتقوية قطاع السفر والسياحة وتعزيز مجال الترفيه والاستجمام في أبوظبي، تساهم «ميرال»، بالتعاون مع «فرح إكسبيرينسز»، في تحقيق الرؤية الهادفة للاستثمار في الشباب وتمكينهم من المشاركة في تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة لدولة الإمارات.
ويعتبر العمل على تطوير مهارات الكوادر الإماراتية وتمكينها لدخول سوق العمل جزءاً أساسياً من الرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبوظبي، ويتولى القطاعان العام والخاص مهمة دعم الشباب الإماراتي، ليتمكن من تطوير إمكانياته والمساهمة في تقدم وازدهار الإمارة.
وتتوفر العديد من الفرص المثالية في مجال الترفيه والاستجمام الآخذ بالاتساع، ما يتيح للإماراتيين الانضمام إلى قطاعٍ مزدهر اقتصادياً، وله دور مهم في تنويع اقتصاد إمارة أبوظبي.
ومن المتوقع أن يزدهر قطاع السياحة في دولة الإمارات وأن ترتفع حصته من إجمالي الناتج المحلي إلى 264.5 مليار درهم في عام 2027، ما يؤكد أهمية وجود كوادر إماراتية تشارك تقاليدها وثقافتها الأصيلة مع الزوار، ودعم هذا القطاع سريع النمو.