أسماء الحسيني (القاهرة، الخرطوم)

يترقب الشارع السوداني إعلان التشكيل النهائي للمجلس السيادي الذي ستنتقل إليه السلطة اليوم، فيما حسمت قوى الحرية والتغيير أمرها، أمس، وأعلنت أسماء مرشحيها الخمسة لمجلس السيادة، وهم الأكاديمية عائشة موسى، والصحفي محمد الفكي، والأكاديمي صديق تاور، والقانوني طه عثمان، والدكتور حسن إدريس عن شرق السودان، وذلك بعد تغيير حدث في اللحظات الأخيرة باستبعاد محمد حسن التعايشي، بعد أن تم إبلاغه باختياره، وهو الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة.
واعتبرت الدكتورة فدوى عبدالرحمن علي طه وآخرون استبعاد التعايشي «عملاً تآمرياً». واعتذرت فدوى عن قبول ترشيحها تضامناً مع محمد حسن التعايشي، ما أدى إلى استبدالها بامرأة أخرى في اللحظات الأخيرة هي عائشة موسى. وقد أثار سحب التعايشي ثم انسحاب فدوى جدلاً واسعاً في السودان والاختيارات في مجملها. ووصف الكاتب الصحفي السوداني فيصل محمد صالح الأمر بالتناقض وعدم الاتساق، وعدم الالتزام بالمعايير المعلنة.
وقد عقد مساء أمس اجتماع مشترك بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري للتوافق على تسمية العضو رقم 11 في مجلس السيادة الذي ينبغي أن يكون مدنياً بخلفية عسكرية، أي أن يكون عسكرياً متقاعداً.
وسيرأس مجلس السيادة على مدى 21 شهراً الأولى خلال الفترة الانتقالية الفريق أول عبدالفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكري الانتقالي، على أن يرأسه مدني خلال الأشهر الـ18 المتبقية.
وذكرت مصادر سودانية مطلعة لـ«الاتحاد» أن الدكتور عبدالله حمدوك، الخبير الاقتصادي السوداني الذي وقع اختيار قوى الحرية والتغيير عليه لتولي مهام رئيس الوزراء خلال الفترة الانتقالية، سيصل إلى الخرطوم اليوم، استعداداً لتكليفه بمهام منصبه رسمياً من قبل مجلس السيادة غداً. وفى هذه الأثناء، عبّر سودانيون عن فرحتهم بالاتفاق، وتطلعهم لمرحلة البناء القادمة. وقالت الناشطة في مجال العمل الاجتماعي الدكتورة سامية عبدالحفيظ لـ «الاتحاد»: الآن يأتي الدور على الشعب لحماية وحراسة الفترة الانتقالية، ومراقبة الخدمة المدنية، ومنع الفساد والمحسوبية والرشاوى.
أما الكاتب السوداني زين العابدين صالح، فأكد في تصريحات لـ«الاتحاد» أن بداية الفترة الانتقالية من أصعب الفترات، لأنها مطالبة بأن تعمل في جانبين بشكل متوازٍ، الأول تفكيك الدولة العميقة ومراجعة جميع القوانين التي تتعارض مع عملية التغيير الديمقراطي، وفي الوقت ذاته عملية بناء الدولة الديمقراطية، وهى فترة يجب ألا تعتمد على هياكل السلطة وحدها، وإنما تحتاج لكل طاقات النخب السودانية، باعتبار أن عملية تفكيك ثقافة الشمولية لا تحتاج لإجراءات إدارية فقط وإنما تحتاج أيضاً إلى إنتاج ثقافي ديمقراطي، لكي يحل محل الثقافة الشمولية.
وتواصل الترحيب الدولي والإقليمي بتوقيع الأطراف السودانية على وثائق الفترة الانتقالية، حيث هنأ أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، السودان على توقيع وثائق المرحلة الانتقالية التي تم الاحتفال بها في الخرطوم أمس الأول.
وذكر مصدر بالجامعة العربية أن أبو الغيط يعتزم زيارة السودان قريباً، اتصالاً بالدور الذي تنوي الجامعة العربية الاضطلاع به في المرحلة المقبلة، دعماً للاستقرار والتنمية في السودان، ومساندته في كل ما من شأنه أن يساهم في استكمال المرحلة الانتقالية. كما رحب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، أمس، بتوقيع الأطراف السودانية على وثائق المرحلة الانتقالية، ووصف الزياني الاتفاق بالتاريخي والمهم، حيث سيتيح للشعب السوداني الشقيق أن ينعم بالأمن والاستقرار والسلام، ويفتح أمامه فرص تحقيق تطلعاته لحياة كريمة، قوامها العدل والمساواة والنمو والازدهار.
ومن جانبها، رحبت وزارة الخارجية الأميركية بتوقيع الاتفاق في السودان، واصفة إياه بالخطوة المهمة إلى الأمام. وقال المتحدثة باسم الخارجية الأميركية في بيان إن الولايات المتحدة تتطلع إلى أداء اليمين الدستورية للمجلس السيادي اليوم، وتعيين رئيس الوزراء غداً الثلاثاء.
ومن جانبه، قال الاتحاد الأوروبي إن الاتفاق جاء نتيجة مفاوضات طويلة بين جميع الأطراف، وبمشاركة قوية من الاتحاد الأفريقي والوساطة الإثيوبية، وإنه يمثل علامة فارقة مهمة للسودان في طريقه نحو السلام والديمقراطية والازدهار. وأضاف أن الفضل في ذلك يرجع إلى شعب السودان، خاصة النساء والشباب الذين وقفوا بثبات، ولكن بسلام لإسماع صوتهم، وينبغي أن تستمر تطلعاتهم في توجيه جميع من سيتولون مسؤولية إدارة المرحلة الانتقالية، ويجب على جميع الأطراف السودانية ذات الصلة أن تتكاتف، وتنفذ الاتفاقية كما هي بحسن نية.