أسماء الحسيني (الخرطوم)
قال خالد عمر يوسف، القيادي الشاب في قوى الحرية والتغيير، وأمين حزب المؤتمر السوداني، إن الشعب السوداني قطع مشواراً طويلاً في طريق الانعتاق من الشمولية والفساد والاستبداد، وأسقط نظاماً هو الأبشع في تاريخه الحديث، وإنه يحق للسودانيين والسودانيات أن يفخروا بعظمة إنجازهم وبالتاريخ الذي يسطرونه بدمائهم وعرقهم في ملاحم ستخلد لا محالة، ولكنه استدرك في حواره مع «الاتحاد» أن هذا الفخر لن ينسينا بأننا ما زلنا في منتصف الطريق، وأن القادم أصعب وأكثر تعقيداً مما مضى.
وقال يوسف لـ«الاتحاد» إن السلطة الانتقالية تواجه تحديات جمة، في مقدمتها دولة عميقة شيدها الإسلامويون طوال سنوات حكمهم الثلاثين العجاف تتمدد كالسرطان في المؤسسات المدنية والأمنية والعسكرية، وتمتلك المال والعتاد، وحروب أهلية دمرت النسيج الاجتماعي بما يصعب رتقه والتعافي منه، واقتصاد دمرت فيه البنية الإنتاجية وأثقل كاهله بالديون، ومحيط إقليمي مضطرب تتشابك تقاطعاته وتؤثر على السودان، إضافة إلى شراكة سياسية تقوم على قاعدة ثقة هشة دمرتها مجزرة فض الاعتصام وما تلاها من مواجهات. إلا أنه أكد أنه رغم جسامة التحديات، فلن تهزم الشعب السوداني، «فعظمة ما أنجزه شعب السودان تتقازم أمامها كلمة المستحيل».
وعن أولويات الحكومة القادمة؟ قال يوسف: «في البدء أبارك للدكتور عبدالله حمدوك هذا الاختيار الذي صادف أهله، وأهنئه على الثقة الكبيرة التي وضعها فيه الشعب السوداني»، موضحاً أن أولى الأولويات هي الوصول لسلام عادل وشامل في بؤر الحروب الملتهبة في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، سلام يخاطب جذور التهميش والإقصاء، وينهي النزوح واللجوء، ويؤسس لعدالة اجتماعية في دولة تسع الجميع.
وأضاف: أولوياتنا أيضاً هي رفع الضائقة المعيشية وانعاش الاقتصاد السوداني ومعالجة الاختلالات الهيكلية، مضيفاً: من أوجب واجبات الحكومة كذلك الاصلاح القانوني والسياسي، وإصلاح الخدمة المدنية، وتمهيد الطريق نحو انتخابات حرة ونزيهة وعملية دستورية تنتهي بالمؤتمر الدستوري في نهاية الفترة الانتقالية، وتفكيك دولة الحزب الواحد يظل مهمة جوهرية تضطلع بها السلطة الانتقالية بما فيها إصلاح القطاع الأمني والعسكري بما يعود به قطاعاً مهنياً وقومياً وفعالاً يحمي الوطن، لا سلطة حزب زائلة.
وعن دور قوى الحرية والتغيير في المرحلة المقبلة، قال: تقع على عاتق قوى الحرية والتغيير مهام معقدة في الدعم السياسي والشعبي للسلطة الانتقالية، والمساهمة في بناء المجتمع المدني الديمقراطي الذي يشكل حائط الصد الأهم لكل محاولات سرقة الثورة أو الانقلاب عليها. وأضاف أنه سيكون لازماً على الحرية والتغيير أن تضطلع بهذه المهام المعقدة في أوان حرج هو أوان تحولها من تحالف الثورة إلى تحالف الدولة بكل ما يستلزمه ذلك من تكيف هيكلي مع التغيير الكبير في الأهداف والوسائل والنظم والمؤسسات.. ووحدة قوى الحرية والتغيير إحدى ضمانات الحفاظ على السلطة الانتقالية وتمكينها من أداء مهامها، وهو أمر يتطلب وعياً وصبراً وإدراكاً لحجم التحديات التي تواجه البلاد.
وأضاف أن المرحلة القادمة عنوانها المصالحة الشاملة بين كل مكونات المجتمع السوداني، مصالحة لا تسقط الجرائم ولا تعطل العدالة وتوقف الاستقطاب الحاد الذي يضر بالبلاد وتماسكها. وعن قضية تحقيق السلام، قال إن السلام هو أولى أولويات السلطة الانتقالية وعليها أن تعالج الثغرات التي شابت عمل قوى الحرية والتغيير الذي تسبب في بعض التعثرات مع الجبهة الثورية.
وقال القيادي في «الحرية والتغيير» لـ«الاتحاد» إن السلطة الانتقالية مطالبة أيضاً بأن تؤسس لسلام شامل لا يستثني أحداً، وهنا نتوجه بنداء صادق لرفاقنا في الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال (قيادة الحلو) وحركة تحرير السودان (قيادة عبدالواحد محمد نور) بأن هنالك فرصة تاريخية الآن لتحقيق ما ناضل من أجله جميع السودانيين في أرجاء البلاد كافة، وأن مشروع قوى الحرية والتغيير هو مشروعهم ذاته الذي قاتلوا من أجله.
وعن تصورهم لملفات العلاقات الخارجية في المرحلة القادمة ؟ قال عمر إن النظام البائد أفسد علاقات بلادنا الخارجية وجعلها حبيسة لمتلازمتي التبعية والمواجهات الرعناء. وأضاف «سنعمل بجد على الإبحار وسط متناقضات وتشابكات واقعنا الإقليمي، وإقامة علاقات خارجية متوازنة تقوم على تحقيق مصالحنا الوطنية، وحفظ مصالح واستقرار دول محيطنا الإقليمي والدولي».