بالرغم من أن ارتفاع تكاليف النفط في السابق أدى إرهاق المستهلكين الأميركيين وانكماش ميزانيات المؤسسات والشركات، فإنه تمخض أيضاً عن تراجع الطلب على النفط في الولايات المتحدة العام الجاري وللسنة الثالثة على التوالي· وهو الأمر الذي لم يحدث مطلقاً منذ أوائل حقبة الثمانينات بعد أن أخذ سائقو السيارات يتعمدون ترك سياراتهم متوقفة أمام المنازل ويتحولون بعيداً عن استخدام السيارات الأكثر استهلاكاً للجازولين، بينما اتجهت المؤسسات والشركات إلى خفض تكاليف الوقود· ولكن الأسعار المرتفعة استمرت تشجع أيضاً على تطوير موارد الطاقة البديلة مثل الطاقة الشمسية والوقود الحيوي قبل أن يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى جعل هذه المصادر الجديدة تفتقد إلى الجدوى الاقتصادية· وانخفض الطلب على النفط في أكبر الدول المستهلكة في العالم، باستثناء الصين، بمعدل 4 في المائة خلال فترة السنوات الثلاث الماضية، أي ما يعادل اكتشاف 660 مليون برميل من إمدادات النفط الجديدة· أما الآن وقد تراجعت أسعار النفط بحوالى نصف ما كانت عليه في ذروتها في يوليو المنصرم، فما هي العوامل التي من شأنها أن تبعد المستهلكين من العودة إلى ممارستهم الباذخة؟· وبكلمات أخرى، ما الذي سيجبر العالم على التخلص من إدمانه علي النفط؟· ولقد قامت صحيفة ''وول ستريت جورنال'' بوضع هذا السؤال أمام مجموعة من خبراء الطاقة الذين جاءت وصفاتهم وأجوبتهم علي النحو التالي: قال العضو البرلماني الجمهوري روسكو بارلي مؤسس مجموعة الطاقة الدفاعية والعضو في لجنة الكونجرس الأميركي الخاصة باحتساب الذروة النفطية تشخيصه للمشكلة أن قطاع النقل الأميركي يعتمد بنسبة تزيد على 95 في المائة على النفط، وهو معدل لم يتغير منذ حظر النفط العربي في عام ·1973 وأضاف: ''كان من المتعين على أميركا أن تنفق مبلغاً بحوالى 700 مليار دولار على الواردات النفطية خلال العامين الماضيين، أي مبلغاً يزيد بكثير على النفقات الدفاعية في عام واحد· وفي حال أن تم إنفاق هذا المبلغ في الداخل، فإن من شأن ذلك أن يدر مبلغاً بحوالى 7 تريليونات دولار من كافة الأنشطة الاقتصادية المختلفة؛ لذا فمتى ما تمكنت الولايات المتحدة من تقليل اعتمادها على الواردات النفطية فسوف تتمكن من إزالة أكبر مهدد يواجه مستقبلها الاقتصادي وأمنها القومي''· ومضى العضو البرلماني يتقدم بوصفة تشتمل على العديد من المقترحات والتوصيات'' أولها أن على أرباب العمل تبني خطة تهدف إلى جعل أسبوع العمل يتألف من أربعة أيام فقط، بالإضافة إلى السماح بالتوسع الكبير في استخدام الاتصالات الهاتفية· ويرى أن أسبوع العمل الى أربعة أيام فقط سوف يعمل على تقليل نشاط التجول بالسيارات بنسبة 20 في المائة على الأقل بسبب خفض تكاليف الطاقة في مباني ومقار المؤسسات· وقال: ثانياً، فإنه يتعين على أرباب العمل القيام سنوياً بمكافأة المستخدمين الذين يتخلون عن استخدام السيارات أو أولئك الذين ينتقلون إلى السكن بالقرب من مكان العمل· وأكد أنه على الحكومة الفيدرالية أيضاً أن تصدر قوانين تستوجب أن تصبح كافة السيارات الجديدة التي تباع في الولايات المتحدة الأميركية من النوع الذي يتسم بالمرونة في استخدام الوقود - أي قادرة على استخدام الجازولين والإيثانول أو الميثانول في الوقت نفسه· ويتعين أيضاً على الحكومة الفيدرالية أن توفر الحوافز للولايات من أجل فرض رسوم عالية علي التراخيص الخاصة بالسيارات الكبيرة الحجم والأقل ترشيداً لاستهلاك الوقود· ومن جانبه، قال جيمس وولسي النائب الجمهوري المدير السابق للاستخبارات المركزية الأميركية ''إن انخفاض أسعار النفط الحالي لا يجب أن ينسينا ضرورة التخلص من الإدمان على النفط والتوسع في تطوير الموارد البديلة والسعي خلال فترة السنوات الخمس أو العشر القادمة لاستخدام المنافسة من أجل كسر الاحتكار الذي يتمتع به النفط بمعدل 95 في المائة في مجال النقل الأميركي· واستطرد يشير إلى وصفة للعلاج تتمثل في ضرورة أن يكرس الكونجرس جزءاً من ميزانيته البالغة 25 مليار دولار لإنقاذ شركات صناعة السيارات في الدولة من أجل إنتاج السيارات التي تعمل بالكهرباء· وقال على أميركا أيضاً أن تستعير النموذج الألماني الذي يستوجب على شركات خدمات الطاقة أن تدفع مبالغ أكبر من أسعار السوق للزبائن الذين يولدون الطاقة المتجددة· ومضى النائب يشدد على ضرورة أن يتبنى الكونجرس سياسة تهدف إلى تنمية وتطوير تكنولوجيا صناعة البطاريات وأشباه الموصلات· أي استبدال الاعتماد على النفط عبر الاعتماد بالكامل على تكنولوجيا البطاريات· أما آمي مايرز جافي الزميلة في معهد بيكر لدراسات الطاقة ومديرة برنامج الطاقة في جامعة رايس، فقد أشارت من جانبها إلى أن المعيار الجديد الذي طالب به معهد بيكر، والذي يوصي بترشيد استهلاك الطاقة على أساس استهلاك جالون واحد لكل 35 ميلاً للسيارات، من شأنه أن يوفر 2,3 مليون برميل في كل يوم في الطلب الأميركي على النفط بحلول عام ·2020 واقترحت أيضاً العمل على زيادة الضريبة الفيدرالية على الجازولين خاصة في ظل انخفاض أسعار النفط من أجل تشجيع المواطنين على المزيد من ترشيد استخدام الطاقة· ومضى أموري لوفينز رئيس مجلس الإدارة وأحد كبار العلماء في معهد روكي ماونتين ينسج على المنوال نفسه تقريباً وهو يوصي بمكافأة شركات خدمة توزيع الغاز على خفضها فواتير طاقة المستهلكين وليس بيعهم مزيداً من كميات الطاقة· كما اقترح أيضاً تبني المزيد من السياسات المالية الخلاقة التي تساعد الأميركيين على الحصول على السيارات الجديدة المرشدة لاستخدام الوقود، بالإضافة إلى التخلص تدريجياً من السيارات القديمة في الدولة· عن ''وول ستريت جورنال''