هالة الخياط (أبوظبي)
نجحت شبكة زايد للمحميات الطبيعية في تسجيل أنواع من الحيوانات اعتبرت منقرضة، أو لم يتم تسجيلها لأكثر من 20 عاماً في الطبيعة، كالقط الصحراوي والوشق، واكتشاف أنواع جديدة سجلت لأول مرة على مستوى العالم أو على مستوى الدولة، كما ساهمت المحميات في الحفاظ على الموائل والأنواع البرية والبحرية المهددة بالانقراض، مقارنة بالأنواع خارج نطاق المحميات بسبب المهددات البشرية كالاحتطاب والرعي الجائر.
وأثبتت هيئة البيئة في أبوظبي من خلال دراساتها البيئية أن شبكة زايد للمحميات الطبيعية التي تضم 19 محمية برية وبحرية ساهمت في تحقيق الاستقرار لكائنات، مثل السلاحف البحرية وأبقار البحر والمها العربي، وزيادة أعداد الطيور مثل الفلامنجو والحبارى واستقرار البيئات، مثل الشعاب المرجانية والقرم، فضلاً عن تعزيز مكانة الدولة على خريطة العمل البيئي العالمي.
وأعلن أحمد الهاشمي، المدير التنفيذي بالإنابة لقطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة أبوظبي، أن الفترة القليلة المقبلة ستشهد الإعلان عن التوسع في مساحة محمية الحبارى التي تأسست لهدف رئيس، وهو حماية المواطن الطبيعية الملائمة لتربية الحبارى. كما تحتضن المحمية العديد من الأنواع الحيوانية والنباتية المهمة محلياً وعالمياً مثل الغزال الرملي والأرنب البري والورل الصحراوي والسحلية شوكية الذيل والقنفذ الصحراوي، بالإضافة إلى عديد من أنواع الزواحف والثدييات الصغيرة، فضلاً عن العديد من الأنواع النباتية الشائعة.
خطة توسع
وكانت هيئة البيئة كشفت مؤخراً عن خطتها لزيادة نسبة تمثيل المحميات الطبيعية البرية والبحرية من مساحة الإمارة خلال السنوات العشر المقبلة، وأنها تعمل على تحديث خطتها الاستراتيجية الخمسية القادمة 2021-2026 والتي سيتم من خلالها رفع نسبة تمثيل المحميات فيها، الأمر الذي سينعكس على الخطط الوطنية الخاصة بتأسيس وإدارة المحميات.
وأكد الهاشمي أن أهمية شبكة محميات زايد الطبيعية في إمارة أبوظبي تكمن في احتوائها على المواطن المهمة والأنواع الموجودة فيها للأجيال القادمة، كما تساهم في توفير الحماية للأنواع النباتية البرية المحلية، حيث تعمل كمختبرات حية لمراقبة سلامة البيئة.
وأشار الهاشمي إلى أن المحميات لها حصة مهمة ضمن خطط واستراتيجيات الهيئة للأعوام المقبلة، ولاسيما أن جهود الهيئة في حماية الأنواع نجحت من إدارة محمية واحدة عام 1998، وهي محمية الوثبة للأراضي الرطبة، إلى إدارة «شبكة زايد للمحميات الطبيعية»، التي تضم حالياً 13 محمية برية تمثل 14.5% من مساحة أراضي إمارة أبوظبي، و6 محميات بحرية تمثل 13.9% من إجمالي مساحة البيئة البحرية في الإمارة وتضم عدداً من أفضل وأهم الموائل البرية والبحرية، لما تحتويه من موائل غنية بالتنوع البيولوجي من حيث عدد وكثافة أنواع النباتات والحيوانات المحلية، بالإضافة لاحتوائها على الكائنات المهددة بالانقراض على المستوى المحلي والعالمي.
إنجازات متواصلة
وحققت الهيئة خلال السنوات الماضية العديد من الإنجازات في إدارة هذه المحميات وتنفيذ برامج الصون والحماية للمناطق المحمية للمساهمة في الحفاظ على عناصر التنوع البيولوجي في إمارة أبوظبي لضمان استدامة الموارد وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بها، حيث أظهرت أداة متابعة فعالية الإدارة التي تمثل إطار عمل اللجنة العالمية للمناطق المحمية في الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة، زيادة الفعالية من 63% إلى 85.7% خلال الفترة من عام 2014 إلى عام 2017، مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يبلغ 53%.
ونتيجة لجهود حماية الأنواع البرية والبحرية المهددة بالانقراض عالمياً، فقد أضيفت جزيرة بوطينة إلى أهم 20 موقعاً بشبكة المواقع المهمة للسلاحف البحرية في منطقة المحيط الهندي ودول جنوب شرق آسيا التابعة لاتفاقية الأنواع المهاجرة، كما أدرج الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة محمية الوثبة للأراضي الرطبة في أبوظبي على قائمته الخضراء للمناطق المحمية، في إنجاز جديد يضاف للإنجازات العديدة التي حققتها محمية الوثبة التي أصبحت في عام 2013 أول محمية في أبوظبي تُضم لقائمة رامسار للأراضي الرطبة ذات الأهمية العالمية والذي تلاه انضمام محمية بوالسياييف البحرية لقائمة محميات الأراضي الرطبة عام 2016 لدورهما في الحفاظ على الموروث الطبيعي للإمارة، والعديد من الأنواع المهددة بالانقراض.
تعزيز الحماية
وأفاد الهاشمي بأن الهيئة تعمل على تعزيز جهود الحماية داخل المواقع من خلال تجهيز إطار شامل للتخطيط الإداري لإدارة هذه الشبكة من المحميات الطبيعية التي تمثل الموائل البرية والبحرية الأساسية. بالإضافة إلى إطلاق مبادرات لتحسين الممارسات الإدارية والمحافظة على بيئات المحمية الطبيعية وحماية عناصرها الحيوية والجيولوجية وحماية النباتات والحيوانات المختلفة المهددة بالانقراض والعمل على تكاثرها، فضلاً عن تعزيز برامج إعادة التوطين للأنواع البرية المهددة وتوفير الموائل المناسبة لها. هذا بالإضافة إلى تطوير السياحة والأنشطة الترفيهية الرفيقة بالبيئة لتشجيع تواصل الجمهور مع التراث الطبيعي ورفع مستوى الوعي البيئي بشأن أهمية المحافظة على الطبيعة من أجل التنمية المستدامة. وأشار إلى أن الهيئة وضعت مدونات للقواعد السلوكية التي يجب أن يلتزم بها زوار المحميات الطبيعية، باعتبارها من الموائل الحساسة وكائنات مهمة ومهددة بالانقراض، والتي يحظر فيها الممارسات التي تؤثر سلباً على المحميات الطبيعية بعناصرها ومكوناتها كافة. ومن خلال الالتزام بهذه القواعد السلوكية يساهم زوار المحميات الطبيعية في المحافظة على الأماكن الطبيعية والأنواع الحيوانية والنباتية التي تأويها، وبالتالي حماية الإرث الطبيعي للإمارة.
وتضم المحميات البرية: محمية البدعة الطبيعية، والدلفاوية والرملة الطبيعية وقصر السراب والمها العربي والغضا الطبيعية والوثبة للأراضي الرطبة ومتنزه جبل حفيت ويو الدبسة وبدع هزاع والحبارى وبرقا الصقور ومحمية الطوي.
أما المحميات البحرية فتضم متنزه السعديات البحري الوطني، ومحمية الياسات، ومتنزه القرم الوطني ومحمية بوالسياييف، ومحمية مروح للمحيط الحيوي، ومحمية رأس غناضة.
سياحة بيئية
أكد أحمد الهاشمي أن الهيئة تسعى مع شركائها من القطاع الحكومي والخاص وبشكل دائم إلى تنشيط وتطوير السياحة البيئية في المحميات الطبيعية، وهناك دراسات مستمرة تقوم بها على المحميات الطبيعية والنظر في استثمار بعضها للسياحة البيئية وتطوير البنية التحتية فيها.
وقد ساهم افتتاح المحميات الطبيعية في إتاحة الفرصة للمجتمع المحلي للوصول إلى هذه المناطق المحمية والتعرف على أهميتها ودورها في حماية الأنواع والبيئات بشكل أكبر، والجهود التي تبذلها هيئة البيئة - أبوظبي لحماية التنوع البيولوجي الثري، ودور المجتمع ومسؤولياته تجاه حماية البيئة والمحافظة على الإرث الطبيعي للإمارة.
ففي عام 2014 فتحت الهيئة محمية الوثبة للأراضي الرطبة ومتنزه القرم الوطني للجمهور لتعزيز علاقتهم بالطبيعة وتعزيز مسؤولياتهم تجاه حماية البيئة والمحافظة على الإرث الطبيعي للإمارة، والتعريف بقيمة المحميات، وإلقاء الضوء على أهميتها ودورها في حماية الأنواع والبيئات، فضلاً عن إتاحة الفرصة للمجتمع المحلي للوصول إلى هذه المناطق المحمية بشكل أكبر وتعزيز الوعي البيئي بشأنها، وإتاحة الفرصة للتواصل مع الطبيعة. كما يمكن لنزلاء وزوار منتجع وفندق قصر السراب بإدارة أنانتارا التعرف على المها العربي، أحد أكثر الأنواع شهرة في شبه الجزيرة العربية، ومشاهدتها في بيئتها الطبيعية بمحمية قصر السراب التي تديرها الهيئة.