انتهت مسيرة المنتخب السعودي في كأس آسيا، على يد المنتخب الياباني، أحد أبرز المرشحين باللقب، بعد مباراة فعل فيها المنتخب كل شيء، إلا هز الشباك، فخرج رئيس الاتحاد قصي الفواز بكل شجاعة، وبطريقة غير مسبوقة في الكرة السعودية، محملاً نفسه واتحاده المسؤولية، داعياً إلى عدم تحميلها للاعبين الذين قدموا جهداً وأداءً يشكرون عليه، في مباراة بمستوى نهائي مبكر.
كلنا نعرف أن «اتحاد قصي»، كما يروق للبعض تسميته، لم يمضِ على تسلمه مهامه في إدارة الاتحاد أكثر من ثلاثة أشهر، حيث تمت تزكيته وكل مسارات الموسم الرياضي قد رسمت، ومعظم قرارته قد تشكلت، سواء على مستوى المسابقات المحلية أو المنتخب، وهي مدة لا يمكن أن تحدث فيها أي تغيير، فضلاً عن أن تترك بصمتك على العمل، ومع ذلك لم يوفر شيئاً لتصحيح مسار المنافسات الداخلية، ودعم المنتخب وأجهزته الإدارية والفنية، لإنجاح البرنامج الموضوع سلفاً، فمنحهم الثقة، بل ولم يترك جزئية يمكن أن تعزز نجاح العمل لم يفعلها، إلى حد أنه كان يتابع تفاصيل الأمور الإعلامية، ويشرف بنفسه على توفير الدعم الجماهيري خلال مشاركة «الأخضر» في البطولة القارية.
أتفهم ردات الفعل التي خلفها الخروج من كأس آسيا، وأدرك أبعاد كل الرؤى التي سيقت في أعقاب الخسارة، سواء المنطقية منها أو حتى المتشنجة، فهي ليست وليدة اليوم، بل استنساخ للأطروحات التي نمارسها بعد كل إخفاق، فمنذ «مونديال 2002»، ونحن نعيد إنتاج ذات الكلام، ونفس الأفكار، إلى درجة أن منتخبات نسفت بسبب ردات الفعل العنيفة، وعانت الكرة السعودية القرارات الانفعالية، والارتجالية أيضاً، ولذلك ينبغي معالجة الواقع الراهن بهدوء وروية.
الخروج من كأس آسيا في دور الـ 16 لا شك مؤلم، ومؤلم جداً، لكن ليس من المنطقية في شيء المطالبة بتغيير المدرب، وتسريح اللاعبين، وإعفاء الجهاز الإداري، بجرّة قلم، كما يريد البعض، وإنما بالعض على الجرح لمداواته، بدلاً من توسعته، ولن يكون ذلك إلا بمراجعة واعية، ودراسة وافية، وخطة استراتيجية، وهو ما وعد به الفواز، الذي خرج مباشرة بعد مغادرة كأس آسيا في موقف يحسب له، ليقول سنراجع كل الأمور، وسنستمع لكل الآراء، وسنستفيد من جميع الأطروحات، لنقدم منتخباً يفخر به كل السعوديين.
أمر مهم آخر يجب أن يدركه كل السعوديين، أن الكرة السعودية رغم حاجتها لمعالجة بعض الأمور فيها، لكنها استعادت شيئاً من وهجها المفقود، فحتى ما قبل ستة أشهر كان المنتخب الأول موجوداً بين صفوة منتخبات العالم في مونديال روسيا، وقبل نحو شهرين فقط كان منتخب الشباب بطلاً للقارة، وعابراً لكأس العالم، وهو أمر لم يتحقق منذ سنوات بعيدة، ما يؤكد أن بيت الكرة الخضراء بحاجة فقط للترميم، وليس الهدم.